logo
مقالات الرأي

الصين والعبرة من سياسة "صفر- كوفيد"

الصين والعبرة من سياسة "صفر- كوفيد"
تاريخ النشر:26 نوفمبر 2022, 09:48 م

هل تذكرون عندما افترض البعض أن تعامل الصين مع كوفيد -19 ينبغي أن يشكل نموذجًا عالميًا يُحتذى؟ حين نظر خبراء غربيون بمجال الصحة العامة متحمسين إلى سياسة بكين "صفر- كوفيد" كبديل لقرار الولايات المتحدة الديمقراطي الفوضوي بالتعايش مع الفيروس بعد عمليات الإغلاق الأولية الكارثية. حسناً، لم يعد ذلك الرأي ناجعًا بعد اليوم.

مع اقتراب الذكرى السنوية الثالثة لتفشي فيروس كوفيد-19، أعلنت الصين عن إصابات مرتفعة  تتجاوز الذروة اليومية الذي شهدته مدينة شنغهاي في إبريل، عندما توقفت لمدة شهرين. يتفشى المرض بكافة أنحاء الصين، وعادت المدن تفرض مجددًا إغلاق تقدرها "نومورا" شركة الوساطة اليابانية بأن أكثر من خُمس البلاد يخضع لحركة مقيدة.

لا مفر في دولة قارية كبيرة من التعرض لمشكلة كهذه نظرًا لتزايد احتمال تفشي الفيروس أثناء تحوره. وتكمن مشكلة الصين أن سياستها القاسية "صفر- كوفيد" جعلت شعبها أقل حماية باللقاحات أو المناعة الطبيعية. كما أنه ولأسباب قومية، رفض الحزب الشيوعي اللقاحات الغربية الأكثر فعالية من المحلية. حيث تسبب الإغلاق الطويل في تعرض عددًا أقل للفيروس وإمكانية تطوير مناعة طبيعية كما حدث في بقية العالم.

المسنين في الصين معرضون أكثر للخطر، لأن البلاد تفتقر إلى القدرة العلاجية وأسرّة وحدة العناية المركزة للتعامل مع الأمراض الخطيرة المنتشرة على نطاق واسع. وبحسب أحد التقديرات، قد يؤدي إعادة الفتح الكامل إلى دخول 5.8 مليون إصابة الرعاية المركزة في بلد يقل فيه عدد أسرّة وحدة العناية المركزة عن 4 لكل 100 ألف شخص. ولذلك تبقى خطط القيادة الصينية غامضة ولكن هذا قد يفسر إصرار الحزب على التمسك بسياسة "صفر- كوفيد" رغم المؤشرات العالمية أن عمليات الإغلاق تؤدي فقط إلى تأخر تفشي المرض، مع إلحاق ضرر اقتصادي واجتماعي كبير.

لدى الرئيس شي جين بينغ مشكلة سياسية أخرى. حيث يُمكن للنظام الاستبدادي أن يقوم دائمًا بما يجيده وعلى أفضل وجه وهو الإكراه والإغلاق، لكنه يفتقر إلى آلية لكسب تأييد شعبي لمواجهة المعاناة التي تصاحب التخلي عن "صفر – كوفيد". حيث تتمتع فالديمقراطيات، رغم كل مساوئها، بمرونة أكبر في تغيير السياسات والتكيف عندما يرى الجمهور أن الحقائق تتطلب ذلك.

تتزايد المؤشرات في الوقت الحالي على الإحباط ورفض الرأي العام لأحدث عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا ويُمثل الاحتجاج بمنشأة "فوكسكون"، التي تصنّع هواتف آيفون من "آبل" في وسط مدينة تشنغزو هذا الأسبوع  أحد الأمثلة التي وصلت إلى الصحافة الدولية. وهناك بكل تأكيد احتجاجات كثيرة أخرى في هذا البلد الكبير الذي لا سبيل فيه للكشف عن الرفض العام.

تؤدي عمليات الإغلاق الجديدة إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني، مع انخفاض تقديرات النمو للربع الرابع والعام بالكامل بأقل من 3 %. وبافتراض أن المسؤولين الصينيين لا يعدلون الحقائق في البيانات، كان الهدف الرسمي للناتج المحلي الإجمالي للصين لهذا العام 5.5%.

قد يفسّر صراع الصين مع كوفيد والاقتصاد نسبياً تراجع حضور الصين مؤخرًا على الساحة العالمية، لكن الولايات المتحدة لا يمكن أن تفترض أن الأمر سوف يستمر. الدرس الأكبر من كوفيد في الصين أن عمليات الإغلاق غير مفيدة، وأن الأنظمة الاستبدادية ليست نماذج يحتذى بها في مجال الصحة العامة، أو أي شيء آخر يتخيله الكثير من الأميركيين.

المصدر: وول ستريت جورنال

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC