انتهت سنة طويلة من المعاناة في محطات الوقود، انخفضت أسعار البنزين بشكل حاد، الأمر الذي يدعو إلى الابتهاج مع اقتراب 2023، لكن المرجح بقاء أسعار التجزئة مرتفعة لسبب بسيط، وهو افتقار الولايات المتحدة القدرة على تكرير النفط.
المستهلكون لا يشترون النفط الخام، بل يشترون البنزين والديزل وزيت التدفئة، التي تنتج في مصافي تكرير النفط المتخصصة.
منذ بداية 2020، أغلقت 7 مصافٍ، تمثل إجمالًا حوالي 6% من الطاقة الإنتاجية للولايات المتحدة، ما أدى لإخراج مليون برميل يوميًا من السوق. وأوقفت المصافي الكبيرة والصغيرة عملياتها. ولم يتم إنقاذ أي منطقة، مع وصول عمليات الإغلاق من الساحل الشرقي، الذي يخدم معظم المستهلكين، إلى مركز التكرير على ساحل الخليج.
في كاليفورنيا، الولاية التي تشهد أعلى متوسط لسعر البنزين، انخفض السعر بمحطات الوقود أكثر من دولارين خلال الأشهر الستة الماضية، لكن الأسعار في كاليفورنيا لا تزال أعلى بنسبة 33%، من متوسط السعر الوطني، و63% من الأسعار في تكساس. يبدو أن الحاكم "غافين نيوسوم" لا يسعى للتخفيف عن مواطني كاليفورنيا مستقبلاً، بينما يستهدف الأرباح التي كان يمكن للمصافي استخدامها لتحسين قدراتها.
انكمشت القدرات الإنتاجية المتبقية هي الأخرى، إذ أغلقت مصفاة تيسورو بمنطقة الخليج في مدينة مارتينيز، مع توقع تحولها لمحطة للوقود المتجدد، ما قلص سلسلة التوريد بأكثر من 160 ألف برميل يوميًا، بينما ستوفر محطة الوقود المتجدد أقل من ثلث القدرة الإنتاجية المفقودة.
وقد حل مصير مماثل بثاني أحدث مصفاة في البلاد، في ديكنسون بولاية نورث داكوتا، حيث تحاول الشركات الاستفادة من الحوافز الحكومية لإنتاج الإيثانول، أما مصافي التكرير المتبقية بالولايات المتحدة فتضطر لمضاعفة المجهود لتعويض الفارق.
تنسب إدارة بايدن لنفسها الفضل في انخفاض أسعار الغاز، حيث ادعت أن المبيعات من احتياطي النفط الاستراتيجي خففت عن المستهلكين، لكن ضعف قدرات التكرير بالولايات المتحدة حاد، لدرجة ضرورة تصدير النفط الذي تم سحبه لإيطاليا وآسيا. ويرجح ارتفاع الأسعار مجددًا العام المقبل لعدم القدرة على تكرير الزيادة في الإنتاج.
بدأت الإدارة مؤخراً في تشجيع إنتاج النفط محلياً، وفي الخارج أيضاً، لكنها لم تفعل شيئاً لتخفيف الضغوط على مصافي التكرير الأميركية، وإذا حققت الإدارة إنجازاً، فقد صعبت الأمر أكثر على المصافي بزيادة إنتاج الإيثانول، الذي ينبغي مزجه مع البنزين بموجب معيار الوقود المتجدد.
وبالنظر لرغبة البيت الأبيض المعلنة في قيادة التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري، ينتشر القلق بين المصافي من تراجع الطلب على منتجاتها في المدى الطويل، لذلك لا يمكن إلقاء اللوم عليهم في التردد بدخول استثمارات جديدة في الولايات المتحدة.
تحدد قدرة المصافي الأميركية مدى إمكانية معالجة الدرجة الأقل جودة من النفط الخام، وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة في السوق العالمية مثل الديزل ووقود الطائرات، كما توفر صناعة تكرير النفط الوظائف والاستقرار الاقتصادي، إلى جانب أمن الطاقة، وحتى على صعيد البيئة، يتفوق أداء مصافي التكرير في الولايات المتحدة على باقي المصافي في البلدان الأخرى.
بدلاً من تشويه سمعة قطاع التكرير وتقويضه، ينبغي على إدارة بايدن إيجاد طرق لتشجيع مزيد من التحسينات في ذلك القطاع، وبدلاً من ذلك أصبح التضييق على مصافي النفط سياسة فيدرالية، إذ يمكن أن يساعد استثمار بعض أرباح العام في زيادة القدرة الإنتاجية بالأجل المتوسط، في التخفيف عن المستهلكين الأميركيين، في ظل تشجيع الدول الأجنبية تلك الاستثمارات، والإسراع لتوفير قدرات إنتاجية جديدة وتحديث قطاع التكرير.
قد يبدو موسم العطلات مجرد فترة راحة، لكن لا ينبغي للمستهلكين الاعتماد على أسعار غاز أقل في المستقبل، حيث لن يتوقف الاعتماد على النفط قريبًا، ولن يتوقف العالم عن استخدامه لعقود، ما يعني أن المعاناة بمحطات الوقود سوف تستمر لأجل غير مسمى، حتى تقرر واشنطن التعامل بجدية بشأن توسيع قدرات التكرير المحلية.
"تيموثي فيتزجيرالد".. أستاذ مساعد في اقتصاديات الأعمال في جامعة تكساس التقنية. شغل منصب كبير الاقتصاديين الدوليين في مجلس المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، 2017-18.
المصدر: وول ستريت جورنال