والسؤال الذي يطرح لماذا الاهتمام بموضوع تغير المناخ؟
لا بد أن ارتفاع درجات الحرارة على مر السنين، مستمر منذ بداية عام 1995 وإلى يومنا هذا، وذلك يؤدي إلى الاحتباس الحراري وجفاف الأرض، وتأثر المحاصيل الزراعية والتربة وشح المياه والتصحر، ويؤدي إلى إذابة الجليد في الدول وانحسار الماء عنها، وإلى أضرار حقيقية صحية ومعنوية واقتصادية ومادية، على الإنسان والمجتمع والمحيط العالمي ككل.
وبذلك من المهم جداً معرفة أهمية الطريق الجديد للطاقة المتجددة النظيفة، والابتكارات التي تساهم في خفض الانبعاثات، أهمية وضع حلول للحد من الكوارث الطبيعية، وبذلك فإن كوب 28 المنعقد في دبي، سيتم خلاله عمل غير مسبوق، وإعداد للعمل المناخي والتغير المناخي في العالم، ومحاربة تداعياته بالاستعداد الأمثل، ووضع توصيات حاسمة وعدة ترتيبات وجدول أعمال وقرارات، وصياغة حلول وأهداف مستديمة للأهمية الكبرى في هذا المجال.
يتسابق العالم اليوم إلى توفير الطاقة الخضراء من هيدروجين أخضر، وطاقة متجددة وكهرومائية وطاقة الرياح، من أجل تخفيف وانعدام الانبعاثات والتقليل من حدة الاحتباس الحراري.
يسعى العديد من دول العالم، سواء الدول الكبرى اقتصاديا، وغيرها من الدول العربية، لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لاستخدامه كبديل للوقود الأحفوري، في مجالات متعددة، وأقل تكلفة، وبنتائج جيدة وإيجابية، مثل: الصناعة، والطاقة، وذلك في إطار تحقيق أهداف مكافحة تغير المناخ، والبيئة المستدامة، والطاقة النظيفة.
وفي الوقت الراهن، تضخ دول كثيرة استثمارات ضخمة في هذه التكنولوجيا، لا سيّما تلك الدول التي تتوافر لها طاقة متجددة قليلة التكلفة، مثل: أستراليا، وتشيلي، والسعودية، وسلطنة عُمان، والإمارات، ودول شمال إفريقيا.
وفي أحدث تقاريرها، تتوقع شركة "ديلويت" البريطانية، أنّه بحلول عام 2050، ستكون المناطق الرئيسية المصدّرة للهيدروجين الأخضر، هي: شمال إفريقيا (110 مليارات دولار سنوياً)، وأميركا الشمالية (63 ملياراً)، وأستراليا (39 ملياراً)، والشرق الأوسط (20 ملياراً).
وأشارت الشركة البريطانية الشهيرة في مجال الاستشارات، إلى أنّ هناك أكثر من ألف مشروع هيدروجين قيد التنفيذ في كل أنحاء العالم في الوقت الراهن.
وحسب دراسات دولية، يُعد: المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن الدول الأقل تكلفة في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
إذ تُقدّر تكلفته في المغرب بنحو 3.2 يورو/كيلوغرام، والإمارات 3.6 يورو/كيلوغرام، وتسبق الدولتان العربيتان كلا من أستراليا وتشيلي وإسبانيا بتكلفة إنتاج تُقدّر بنحو 3.1 يورو/كيلوغرام.
وفي المقابل، ترتفع تكلفة الإنتاج لدى دول: شمال أوروبا إلى ما يتراوح بين 6 و8 يورو/كيلوغرام.
وتُرجح تلك التقديرات أنّ دول الاتحاد قد تفضل الاستيراد على الإنتاج المحلي، تجنباً للتكلفة المرتفعة، لا سيّما مع طرح إمكانية نقل تدفقات الهيدروجين الأخضر عبر أنابيب نقل الغاز الطبيعي.
أقرّت دولة الإمارات العربية المتحدة الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين – 2050 والتي تهدف إلى ترسيخ موقع الدولة كمنتج ومصدر للهيدروجين منخفض الانبعاثات بحلول 2031. وتعمل دولة الإمارات على تحقيق هذا الهدف، عبر تطوير سلاسل الإمداد، وإنشاء واحات الهيدروجين لتطوير هذه الصناعة، بالإضافة لإنشاء مركز وطني متخصص للبحث والتطوير لقطاع الهيدروجين، كأحد أهم أنواع الطاقة النظيفة.
وتهدف الإمارات إلى إنتاج 1.4 مليون طن سنوياً من الهيدروجين بحلول عام 2031 (مليون طن من الهيدروجين الأخضر و0.4 مليون طن من الهيدروجين الأزرق).
وتخطط دولة الإمارات لأن تكون ضمن الدول الرائدة في تصدير الهيدروجين، بحصة تصل إلى 25% من سوق الهيدروجين العالمي بحلول 2030، الأمر الذي يساهم في تنويع مصادر إنتاج الطاقة النظيفة في العالم، وهو ما ينسجم مع أهداف محور الطريق إلى تحقيق الحياد المناخي، ضمن حملة "استدامة وطنية" التي تم إطلاقها مؤخراً، تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “COP28"، الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري، في مدينة إكسبو دبي، حيث تسعى دولة الإمارات إلى تحقيق أهداف الحياد المناخي وبما يتماشى مع التوجهات الوطنية للدولة وخططها الاستراتيجية.
وتُعد: المملكة العربية السعودية من الدول التي انضمت بقوة إلى سوق الهيدروجين الأخضر، إذ تبني أكبر محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم بمدينة "نيوم" شمال غربي المملكة، بقيمة 8.4 مليار دولار، بحجم إنتاج يصل إلى 600 طن يومياً، بحلول أواخر عام 2026.
وحسب مشروع نيوم، من المخطط أن تصبح المدينة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار (380 مليار جنيه إسترليني)، كاملة بسيارات الأجرة الطائرة والمساعدة المنزلية الروبوتية، وموطنًا لمليون شخص.
كما أعلنت شركة إير برودكتس آند كيميكالز، عملاق الغاز الصناعي الأميركي، في عام 2020، عن خطط لبناء مصنع هيدروجين أخضر في المملكة العربية السعودية، يعمل بطاقة 4 جيجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وهو أكبر مشروع من نوعه في العالم تم الإعلان عنه حتى الآن.
وتستهدف جمهورية مصر العربية إنتاج 1.5 مليون طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، وفق وزير الكهرباء والطاقة المتجددة.
وتحتل تركيا أيضاً المرتبة 12 عالمياً والخامسة أوروبياً في إنتاج الطاقة المتجددة، وتستهدف الوصول إلى إنتاج سنوي من الهيدروجين الأخضر، يصل إلى 3.4 مليون طن بحلول عام 2050.
وفي هذا الصدد، قرّرت تركيا إطلاق مشروعَي "وادي الهيدروجين في جنوب مرمرة" و"منصة شاطئ جنوب مرمرة للهيدروجين"، بهدف دعم جهودها من أجل التقدّم في مجال إنتاج الهيدروجين، بالإضافة إلى تصديره إلى أوروبا.
تطمح سلطنة عُمان أن نكون مركزاً عالمياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر، معتمدةً على توافر عدة عناصر أساسية لإنتاجه، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما تدعم تجربة السلطنة العريقة في إنتاج الطاقة وتصديرها، مستفيدةً من موقعها في الأسواق والممرات التجارية العالمية، لتحقيق أهدافها الاستراتيجية بأن تصبح مرجعاً عالمياً هامًا في إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.
من المتوقّع أن يؤدي الهيدروجين في سلطنة عمان دوراً مهماً في تنويع مصادر الطاقة، ضمن أهداف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، إذ تستهدف البلاد رفع إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني إلى 30% بحلول عام 2030، و39% بحلول 2040.