يتوقع محللون في السوق أن يواصل كبار المطورين العقاريين في دولة الإمارات تحقيق نمو قوي في الأرباح خلال الفصول المقبلة، مع بدء تحويل المشاريع التي تم بيعها على المخطط ضمن محافظ الطلبات المتراكمة الكبيرة إلى إيرادات فعلية.
وسجّل عدد من الشركات العقارية المدرجة في السوق زيادات سنوية مزدوجة الرقم في أرباح الربع الأول من عام 2025، مدعومة بالتقدّم المستمر في أعمال البناء للمشاريع المباعة في مرحلة ما قبل الإنشاء، ارتفع صافي أرباح «إعمار العقارية» (Emaar Properties)، أكبر شركة تطوير عقاري في الدولة، بنسبة 27% ليصل إلى أكثر من مليار دولار، بينما سجلت شركتها التابعة «إعمار للتطوير» (Emaar Developments) ارتفاعاً بنسبة 48% إلى 523 مليون دولار.
وفي أبوظبي، سجّلت «الدّار العقارية» صافي ربح قدره 446 مليون دولار، بزيادة قدرها 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما كانت «الاتحاد العقارية» في دبي الوحيدة بين كبار المطورين التي سجّلت تراجعاً في الأرباح.
وفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، أكد نيخيل ميشرا، كبير محللي الأبحاث في شركة «الرمز كابيتال» (Al Ramz Capital) بأبوظبي، أن «نتائج إعمار والدّار تعكس استمرار النشاط القوي في سوق العقارات المحلي».
ويرجع المحللون هذا النمو في الأرباح بشكل رئيس إلى الإيرادات من الوحدات المباعة على المخطط والتي دخلت مراحل التنفيذ، وتبلغ القيمة الإجمالية لمحفظة مشاريع «إعمار» غير المكتملة، أي المبيعات المستقبلية قيد التنفيذ، حوالي 100 مليار درهم، أي 27 مليار دولار، بينما تصل محفظة مشاريع «الدّار» إلى 55.7 مليار درهم.
وقال إنداربريت سينغ، نائب الرئيس المساعد في «بنك سيكو» البحريني: «بالنظر إلى حجم المشاريع المتراكمة والنمو المتواصل في مبيعات ما قبل الإنشاء، يُتوقع أن تواصل هذه الشركات تسجيل نتائج قوية خلال السنوات المقبلة».
وقال إم.آر. راغو، الرئيس التنفيذي لشركة «مارمور مينا إنتليجنس» (Marmore MENA Intelligence) في الكويت، إن «ربحية شركات العقارات تعكس ليس فقط مرونة السوق، بل أيضاً فاعلية استراتيجياتها، وتنويع مصادر الإيرادات، والتركيز على المشاريع الفاخرة ومتعددة الاستخدامات».
كما تعكس نتائج الشركات قوة أوسع في سوق العقارات الإماراتي، الذي شهد ارتفاعاً مطرداً في الأسعار ضمن القطاعات الرئيسة، ووفقاً لشركة «فاليوسترات» (ValuStrat)، ارتفع مؤشر أسعار المساكن في دبي إلى مستوى قياسي بلغ 214 نقطة في أبريل، بزيادة 1.6% على أساس شهري و25% على أساس سنوي، ومنذ يناير 2021، تضاعفت الأسعار تقريباً.
وفي أبوظبي، ارتفع مؤشر أسعار المساكن بنسبة 2.1% خلال الربع الأول مقارنة بالربع الأخير من 2024، وبنسبة 7.2% على أساس سنوي، ما يشير إلى ثقة مستمرة من المستثمرين في سوق العاصمة.
ومع ذلك، يُحذر المحللون من وجود مخاطر محتملة، إذ يرى ميشرا أن التوترات الجيوسياسية أو الضغوط الاقتصادية الكلية قد تؤثر سلباً على معنويات المشترين في المدى القصير، وعلى المدى المتوسط، قد يؤدي ارتفاع المعروض السكني إلى ضغط هبوطي على الأسعار، لا سيما في السوق الثانوية المتزايدة التشبع، وفق تقرير ABGI.
وعلى الرغم من قوة الأرباح والمؤشرات الإيجابية في السوق، فإن أداء الأسهم كان محدوداً نسبياً، فحتى 26 مايو، ارتفعت أسهم «إعمار العقارية» بنسبة 5.1% منذ بداية العام، بينما تراجعت أسهم «إعمار للتطوير» بنسبة 2.6% خلال الفترة نفسها.
ويعزو محللون هذا الأداء المحدود إلى تركيز المستثمرين على وضوح سياسة توزيع الأرباح، رغم تجاهل أسواق الأسهم الإماراتية للصدمة التي أحدثتها التعريفات الجمركية التي لوّح بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أبريل.
وأشار أحمد كمال، مدير المحافظ في شركة «أزيموت ميديل إيست» (Azimut Middle East)، إلى أن تركيز المستثمرين على رؤية توزيعات الأرباح يؤثر في أداء السهم، موضحاً أن «إعمار العقارية توفر رؤية أوضح من خلال مصادر دخل متكررة مثل المراكز التجارية والفنادق والترفيه، ما يمنحها أفضلية على إعمار للتطوير التي ترتبط بشكل أكبر بدورة السوق العقارية ولا تمتلك سياسة واضحة لتوزيع الأرباح».
وكانت «إعمار العقارية» قد أعلنت العام الماضي عن التزامها بمضاعفة توزيعات أرباحها السنوية لتصل إلى درهم واحد على الأقل للسهم بدءاً من عام 2024.
أما من حيث التقييمات السوقية، فتتداول «إعمار العقارية» عند مضاعف ربحية (P/E) قدره 8.3، و«إعمار للتطوير» عند 6.5، في حين تتداول «الدار» عند مضاعف يبلغ 11.3، ما يجعلها ثاني أعلى مطور مدرج في الإمارات من حيث هذا المؤشر.
ويُعزى تقييم «الدّار» المرتفع، جزئياً، إلى مكانتها المهيمنة في سوق أبوظبي، وحصتها الأكبر من الدخل المتكرر مقارنة بإعمار، وإمكانات النمو المرتبطة بدمج أصول مملوكة لشركة «مبادلة للاستثمار»، بحسب كمال.