بسبب التقدم السريع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أصبح تأثير هذه الأخيرة على القوى العاملة من أبرز التحديات الاقتصادية والسياسية الرئيسة في العديد من البلدان. وبينما تشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُلغي العمل المرهق ويزيد الإنتاجية، يعتقد الخبراء أيضاً أنه قد يؤدي إلى فقدان واسع النطاق للوظائف. فقد قدّر «صندوق النقد الدولي» أن 60% من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة معرضة لتأثير الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يقول الخبراء إن هذا التأثير سينخفض، لأن هذه التقنية ستُنتج أيضاً وظائف جديدة.
مع تزايد انضمام ما يعرف بـ«عملاء الذكاء الإصطناعي» (Ai Agent) إلى القوى العاملة، سنشهد ظهور ما سيُعرف بمدير العميل، وهو شخص يبني عملاء الذكاء الإصطناعي ويفوّضهم ويديرهم ويتحكم في مسيرتهم المهنية.
في هذا السياق، تؤكد الشركات التقنية الكبرى أنه في المستقبل، سنكون جميعاً مديرين لموظفي الذكاء الاصطناعي. فمن قاعة مجلس الإدارة إلى الخطوط الأمامية، سيحتاج كل موظف في شركة تعتمد على الذكاء الاصطناعي إلى التفكير كرئيس تنفيذي والتصرف كمدير.
يُتوقع أيضاً أن تتغير في السنوات الخمس المقبلة طريقة عمل الشركات بشكل ملحوظ مقارنة بالطريقة الموجودة اليوم، وسيتم اعتماد ما يعرف بمفهوم «الذكاء عند الطلب»، الذي سيستخدم وكلاء الذكاء الاصطناعي لإعطاء إجابات فورية عن الاستفسارات المتعلقة بمجموعة من المهام، بدءاً من جمع بيانات المبيعات ووصولاً إلى وضع التوقعات المالية.
سيؤدي ذلك إلى ظهور وظائف جديدة، ومنها مديرو عملاء الذكاء الاصطناعي، حيث سيكون لكل موظف مساعد ذكاء اصطناعي سينضم إلى فرق العمل كزميل رقمي يتولى مهام محددة، وسيكون الموظف مديراً لهذا المساعد الذكي وسيضع توجيهات له ويطلع على سير عمله عند الحاجة.
بينما تعمل شركات عدة على تعزيز نشر الذكاء الاصطناعي في مكان العمل من خلال وكلاء ذكاء اصطناعي مستقلين، أو أدوات يمكنها تنفيذ المهام من دون تدخل بشري، بهدف توظيف عدد أقل من العمال البشريين وزيادة الكفاءة وتخفيض تكاليف التشغيل، يشير بعض الخبراء الإقتصاديين إلى أن خطر استبدال البشر بالذكاء الاصطناعي، قد يؤدي إلى جانب تأثيره الاجتماعي والاقتصادي، إلى فقدان المعرفة الكامنة في عقول الناس، والتي تُسهم في استدامة الشركات وتُنتج منتجات مُبتكرة وتبني علاقات هادفة مع العملاء والموردين.