تقارير
تقارير

كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على أرباح يوتيوب؟

لا يكاد يمر شهر دون أن تعلن يوتيوب عن تطوير خدمة جديدة لمستخدمي منصتها عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت مؤخراً مجموعة جديدة من الأدوات التي تُمكن المبدعين من مستخدمي المنصة من الوصول بشكل أدق إلى المهتمين بمتابعة محتواهم، الأمر الذي سيجلب مزيداً من المستخدمين وبالتالي المزيد من الإعلانات، وهو ما يعزز الأرباح.

وتهدف يوتيوب من وراء هذا التطوير المعتمد على الذكاء الاصطناعي، إلى تغيير طريقة استهلاك ونشر المحتوى عبر الإنترنت، ومساعدة أصحاب المحتوى على توسيع قاعدتهم الجماهيرية، وتحسين الجودة التقنية للمحتوى الذي يقدمونه.

ومن بين الأدوات الجديدة التي تسعى يوتيوب لإضافتها معتمدة على خاصية الذكاء الاصطناعي، خاصية تسمى "ألاود"، وهي تساعد المبدعين على القيام بعمليات الدبلجة لمقاطع الفيديو الخاصة بهم، الأمر الذي يوفر لهم الوقت والمال اللذين كانوا ينفقونهما على شركات الدبلجة.

دبلجة تلقائية

وتقوم خاصية "ألاود" بدبلجة مقاطع الفيديو ووضع ترجمة تلقائية لها، ويمكن للمستخدم مراجعة وتعديل الترجمة والدبلجة قبل أن تقوم الأداة بإنشاء الدبلجة تلقائيا.

وتحقق الأداة الجديدة فوائد عديدة للمبدعين منها انتشارهم جغرافيا بشكل أوسع، فمع الدبلجة التلقائية بأي لغة يريدها صاحب المحتوى أو المستخدم سيكون لديهما القدرة على عبور حدود اللغة والوصول إلى جمهور أكثر، فضلا عن توفير الوقت والمال، بالإضافة إلى ضمان إعداد الفيديو بصوت جيد وترجمة عالية الدقة.

كذلك أدخلت يوتيوب خدمة البحث عن الموسيقى التصويرية بخاصية الذكاء الاصطناعي لتسهيل عملية البحث. هذا بالإضافة إلى خاصية الشاشة الخضراء عبر "دريم سكرين" والتي تساعد مبدعي مقاطع فيديو "يوتيوب شورتس" على إضفاء حيوية لمقاطعهم عبر السيناريوهات الخيالية المدعمة بالذكاء الاصطناعي، غرار طريقة عمل "تيك توك".

وهذه الخاصية لا تزال تحت الاختبار ومن المقرر طرحها على نطاق واسع بحلول العام المقبل 2024، بالإضافة أيضا إلى خاصية أخرى تتيح إمكانية إنشاء مقاطع فيديو بناء على طلبات المستخدمين بواسطة الذكاء الاصطناعي.

البقاء ضمن الكبار

تسعى يوتيوب من خلال هذه التقنيات المتطورة للحفاظ على تواجدها ضمن الكبار في عالم التكنولوجيا، وألا تتخلف عن الركب، ولذلك دائما ما تضيف خواص جديدة في منصتها معتمدة على الذكاء الاصطناعي الذي يعد بوابة تلك الشركات للمستقبل.

وفي السنوات الأخيرة أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من طريقة عمل الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيا في عملها، فعلى سبيل المثال كانت أمازون، عملاق التجارة الإلكترونية في العالم، من أوائل المطورين للذكاء الاصطناعي عندما طورت المساعدا الآلي الذكي "أليكسا".

ويقوم "أليكسا" بمساعدة زبائن أمازون في الوصول لمبتغاهم على موقعها الإلكتروني بالإضافة إلى تسريع عملية البحث والشراء عن طريق الأوامر الصوتية، الأمر الذي ساهم في زيادة عدد مستخدمي موقع أمازون ليصل أكثر من 310 ملايين مستخدم حول العالم.

استثمارات ضخمة

وكشف مسح أجرته مؤسسة "غولدمان ساكس" المالية الأميركية، عن أن حجم استثمارات القطاع الخاص عالمياً في تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يصل إلى 158 مليار دولار بحلول عام 2025، كما توقعت المؤسسة أن يزيد حجم الاستثمار في هذا القطاع خلال الأعوام الثلاثة المقبلة بنسبة تتخطى ال 70% مقارنة بالوضع الحالي، فضلاً عن توقعات بأن يصل حجم الاستثمار في الذكاء الاصطناعي إلى 110 مليارات دولار بحلول نهاية العام الجاري 2023.

وازداد الذكاء الاصطناعي بريقا وجاذبية للشركات التكنولوجية عندما أطلقت شركة "أوبن آيه آي" منصة "تشات جي بي تي" قبل عام من الآن وهو روبوت محادثة، أحدث انطلاقه رجة قوية في عالم التكنولوجيا، حيث وصل عدد المستخدمين لهذا البرنامج إلى 100 مليون مستخدم نشط شهرياً.

أداة سحرية

وتقول راشيل كونينغ، خبيرة قطاع التكنولوجيا ومحللة أسواق المال، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن الذكاء الاصطناعي هو الأداة السحرية التي تسعى كل شركات التكنولوجيا العمالقة لامتلاكها وإتقان العمل بها وتطويرها، سعياً وراء زيادة الأعمال والإنتاج والربحية العالية، لذلك نرى سباقاً محموماً بين تلك الشركات لطرح منتجاتهم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي جعل المستثمرين يهرولون لشراء أسهم هذه الشركات.

وأضافت أن الطفرة التي شهدها الذكاء الاصطناعي مؤخراً على كافة الأصعدة، وتنوع الخدمات التي تقدمها كل شركة، ساهم كثيراً في الحد من تأثر أسهم شركات التكنولوجيا بالأزمات التي ضربت الأسواق والاقتصاد العالمي، بدءاً من جائحة كورونا ومرورا بالحرب الأوكرانية وأخيرا الصراع في الشرق الأوسط، هذا فضلاً عن أزمات الركود والتضخم وغلاء الغذاء والطاقة.

ولفتت كونينغ إلى أن شركات التكنولوجيا، منهم "يوتيوب"، تسعى بالتأكيد وراء الربحية العالية عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل منتجاتها وإضافة كل ما هو جديد في هذا المجال، مشيرة إلى أن مؤشر "ناسداك" الذي يقيس أداء أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية ارتفع خلال أول 6 أشهر من العام الجاري بنحو 45% بفضل الطفرة التي أضافها الذكاء الاصطناعي للقطاع، حيث أضاف 4.9 تريليونات دولار إلى قيمة الشركات التي يضمها المؤشر.

تنقية المحتوى

وقالت خبيرة قطاع التكنولوجيا، إن يوتيوب لم يتوقف عند استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير منتجاته للمستخدمين فقط، حيث أنه الآن يستخدم الذكاء الاصطناعي أيضا في تنقية المحتوى ورصد وحذف أي فيديو يحرض على العنف أو الكراهية، وذلك في ظل حالة الاستقطاب الشديدة التي يعيشها العالم، خاصة الحربين الدائرتين في أوكرانيا وغزة، الأمر الذي زاد من توجيه اتهامات كثيفة لمنصات التواصل الاجتماعي بالترويج للعنف والكراهية.

وأضافت أن إدارة يوتيوب قررت مؤخراً زيادة عدد الموظفين في إدارة مراقبة المحتوى ليصبح 11 ألف شخص للحد من المحتوى المحرض على العنف والكراهية.

كما استغلت إدارة يوتيوب، بحسب كونينغ، خبرة غوغل في الذكاء الاصطناعي لتنقية المحتوى بشكل تلقائي الأمر الذي أدى إلى إزالة الفيديوهات المخالفة بشكل أسرع وأدق وهو ما قد يؤدي إلى الاستغناء عن الطاقات البشرية للقيام بهذه الوظيفة، لافتة إلى أن هذا هو الوجه السلبي للذكاء الاصطناعي.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com