خبير: إيرادات مصر السياحية ستتجاوز 16 مليار دولار بنهاية العام
بعد تأجيل فرضته التوترات الجيوسياسية في المنطقة، تدخل مصر رسمياً مرحلة العد التنازلي لافتتاح المتحف المصري الكبير مطلع نوفمبر المقبل، في خطوة تراهن عليها القاهرة لتحقيق طفرة غير مسبوقة في القطاع السياحي، وزيادة معدلات تدفق السائحين، وتعزيز العوائد الاقتصادية.
ويُنتظر أن يشهد حفل الافتتاح الرسمي حضوراً عالمياً رفيع المستوى، وسط استعدادات موسعة لضمان تنظيم حدث يؤكد على مكانة مصر كمقصد ثقافي وسياحي فريد على مستوى العالم.
الحدث الاستثنائي، الذي طال انتظاره، يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في حجم الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، بحسب مسؤولين وخبراء تحدثوا إلى «إرم بزنس».
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية علي غنيم، إن المتحف الجديد مرشح لرفع أعداد السياح بنسبة تتراوح بين 20 و25% خلال الربع الأخير من 2025، مستفيداً من الزخم الإعلامي العالمي والاهتمام المتصاعد بالسياحة الثقافية.
وأشار إلى أن تأجيل افتتاح المتحف منح مصر وقتاً إضافياً لتعزيز حملاتها الترويجية الموجهة، ولا سيما نحو أسواق نوعية في أوروبا والولايات المتحدة، موضحاً أن وكالات السفر في فرنسا وإنجلترا وإيطاليا والولايات المتحدة أبدت اهتماماً لافتاً بتنظيم رحلات خاصة إلى مصر بالتزامن مع الحدث.
توقع الخبير السياحي ورئيس شعبة السياحة والطيران السابق عماري عبد العظيم، أن يسهم المتحف في جذب ما لا يقل عن خمسة ملايين سائح إضافي خلال الربع الأخير من العام الحالي؛ ما يدفع بإجمالي عدد السياح نحو 18 مليوناً.
وأضاف أن مصر تأمل بتحقيق عوائد سياحية تبلغ 16 مليار دولار بنهاية العام، مدفوعة بزيادة عدد الليالي السياحية وارتفاع إنفاق الزائرين.
وفي الاتجاه ذاته، أكد عضو غرفة شركات السياحة مجدي صادق، أن المتحف الكبير سيجذب فئات جديدة من الزائرين، من غير السياح التقليديين، مثل: المشاركين في المؤتمرات، ورجال الأعمال، والوفود الدبلوماسية، نظراً لمكانته كمَعلم حضاري عالمي.
الافتتاح المرتقب مرشح أيضاً لدفع معدلات إشغال الفنادق في القاهرة الكبرى إلى مستوياتها القصوى، وفق ما أشار إليه صادق، مضيفاً أن الطلب سيتجاوز الفنادق ليشمل شقق العطلات "Holiday Homes" التي تم تقنين أوضاعها مؤخراً.
وأكد غنيم أن التأثير سيمتد كذلك إلى محافظات الجنوب، خاصة أسوان والأقصر، مركزَي السياحة الثقافية، مرجّحاً ارتفاع حصة هذا النمط السياحي من 30% حالياً إلى 45% خلال عام ونصف العام.
وأوضح أن المنافسة الإقليمية في السياحة الشاطئية تزداد حدة، إلا أن مصر تتمتع بميزة تنافسية فريدة في السياحة الثقافية؛ ما يجعل المتحف المصري الكبير ورقة رابحة لتعزيز هذا القطاع.
أشار صادق إلى أن متوسط إنفاق السائح حالياً يبلغ نحو 1000 دولار خلال الرحلة التي تمتد من 7 إلى 10 أيام، فيما تعمل الحكومة على تشجيع رفع هذا المتوسط إلى 1600 دولار عبر تطوير المشروعات الترفيهية داخل وحول المواقع الأثرية، لتقديم تجربة أكثر شمولاً وثراءً للسائح.
وأضاف أن رفع إنفاق السياح لا يقل أهمية عن زيادة الأعداد، لِما له من تأثير مباشر على العوائد، مشيراً إلى أن تكامل الأثر الثقافي والترفيهي سيكون كلمة السر في هذه المرحلة.
وفي ضوء الزخم المحيط بالمتحف، دعا غنيم إلى تكثيف جهود الترويج السياحي الحديث، بما يشمل الحملات الرقمية والتعاون مع المؤثرين، وإعداد برامج سياحية متكاملة تواكب الحدث، مؤكداً أن الفرصة مواتية لوضع مصر في صدارة خريطة السياحة الثقافية العالمية.
استقطبت مصر 15.7 مليون سائح العام الماضي بزيادة 5%، بينما قفزت عوائد السياحة إلى 15.3 مليار دولار، وفق بيانات وزارة السياحة والآثار.
وتستهدف الحكومة مضاعفة عدد السياح إلى 30 مليوناً بحلول 2028، بحسب تصريحات وزير السياحة والآثار شريف فتحي، الذي أشار إلى أن الرقم قابل للتعديل وفق تطورات الأوضاع الجيوسياسية.
ورغم تحديات السنوات الأخيرة، بما في ذلك تداعيات جائحة كوفيد 19، والحرب الروسية الأوكرانية، والصراع في غزة، أظهر قطاع السياحة مرونة استثنائية، مساهماً بـنحو 16% من الناتج المحلي الإجمالي، كأحد أهم مصادر النقد الأجنبي إلى جانب قناة السويس والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج.