استطاعت شركة «بي واي دي» الصينية أن تؤسس نموذجاً متكاملاً يربط بين خطوط الإنتاج وسلاسل التوزيع العالمية عبر الاستثمار في قطاع الشحن البحري، ببناء أسطول خاص من الناقلات العملاقة المصممة حصرياً لنقل مركباتها إلى الأسواق الخارجية.
ووفقاً لتقرير موقع «بزنس إنسايدر»، تمثل هذه الاستراتيجية واحدة من أبرز محاولات إعادة تشكيل مشهد الصناعة، إذ تجمع بين القوة التصنيعية والتحكم الكامل باللوجستيات.
بحسب التقرير، أطلقت «بي واي دي»، منذ مطلع العام الماضي، 6 سفن عملاقة تحمل ألوانها المميزة الأحمر والأبيض، منها السفينة (Explorer No.1) بطول 200 متر و13 طابقاً دخلت الخدمة في يناير 2024.
بالإضافة إلى ناقلات أكبر مثل «شينزن» التي تُعد من أضخم ناقلات السيارات في العالم بطاقة استيعابية تتجاوز 9 آلاف مركبة، و«تشنغتشو» التي دخلت الخدمة في يوليو 2025 بطاقة نحو 7 آلاف مركبة.
وتعمل هذه السفن وفق جدول مكثف، إذ تحمل آلاف السيارات الكهربائية في رحلات مباشرة من مصانع الشركة إلى موانئ محددة، قبل أن تعود فارغة لإعادة الدورة.
ويصف خبراء النقل هذا النهج بأنه أقرب إلى «خدمة مكوكية» مصممة لتسريع حركة التصدير وتبسيط العمليات.
وبعكس شركات الشحن التقليدية، مثل «والينيوس فيلهلمسن» (Wallenius Wilhelm Sen) أو «إن واي كي لاين» NYK) Line) التي تنقل سيارات عدة شركات في رحلة واحدة، تعتمد «بي واي دي» نموذجاً أكثر تركيزاً ينطوي على تحميل آلاف السيارات من مصانعها، وتفريغها دفعة واحدة في موانئ رئيسية، ثم العودة مباشرة لبدء رحلة جديدة.
وتمنح هذه الآلية الشركة سرعة أكبر في تلبية الطلب وتفادي الاختناقات التي قد تؤخر وصول المركبات إلى الأسواق.
بلغت تكلفة بناء أول أربع سفن من الأسطول نحو 500 مليون دولار، بمتوسط 100 إلى 130 مليون دولار للسفينة الواحدة.
وعلى الرغم من ضخامة الاستثمار، يتيح هذا النهج للشركة حماية عملياتها من تقلبات أسعار الشحن التي شهدت قفزات تاريخية بعد جائحة كورونا، حين بلغت كلفة استئجار الناقلة الواحدة 125 ألف دولار يومياً.
اليوم، ومع انخفاض أسعار الاستئجار إلى ما بين 30 و50 ألف دولار يومياً، يصبح تشغيل أسطول مملوك ذاتياً أقل جدوى من الناحية المالية.
ومع ذلك، تراهن «بي واي دي» على أن امتلاكها لهذه البنية التحتية يعزز مرونتها اللوجستية ويضمن تفوقها على المدى البعيد.
لا تكتفي «بي واي دي» بالسيطرة على النقل البحري، بل تمضي بالتوازي في بناء مصانع إنتاج خارجية لتقليل الاعتماد على الشحن البحري بشكل كامل.
كما أن الجمع بين أسطول متخصص ومصانع موزعة جغرافياً يمنح الشركة مزيجاً فريداً من المرونة والقدرة على التوسع.
وشدد التقرير على أن خطة «بي واي دي» البحرية تمثل امتداداً لرؤيتها الأوسع في أن تصبح لاعباً محورياً في صناعة السيارات الكهربائية العالمية؛ فمن خلال التحكم في سلسلة الإمداد، والاستثمار في ناقلات خاصة، والتوسع في البنية التحتية للإنتاج، تؤكد الشركة أنها لا تنافس فقط على الطرق، بل على المحيطات أيضاً.