في زمنٍ يتزايد فيه تهوّر السائقين على الطرق، تصبح أدوات السلامة الشخصية أكثر من مجرد رفاهية، وبينما لا تستطيع «كاميرا القيادة» (Dashcam) – والتي تُعرف أيضاً باسم «داش كام» وتُثبت عادة على الزجاج الأمامي لتسجيل كل ما يحدث أثناء القيادة – إيقاف السائقين المتهورين، إلا أنها باتت تلعب دوراً متنامياً في التوثيق وردع السلوك السيئ، خصوصاً حين تُستخدم بشكل استراتيجي.
ما يميز هذا النوع من الكاميرات أنها بسيطة من حيث التركيب والتشغيل، وهو ما يجعلها مناسبة حتى للمستخدمين غير التقنيين.
أغلب هذه الكاميرات مزودة بعدسة بدقة عالية، وتغطي زاوية واسعة تسمح برؤية الطريق بشكل شامل، مع جزء بسيط من مقدمة السيارة، وهو ما يساعد على وضع السياق للأحداث، أما السائق الذي يرغب بتغطية كاملة، فيمكنه إضافة كاميرا خلفية.
يمكن مشاهدة البث الحي عبر الهاتف وتنزيل مقاطع الفيديو والصور من خلال التطبيق، الذي يوفّر أيضاً مخططاً زمنياً للأحداث، مع تمييز اللحظات التي تم فيها رصد اهتزازات أو تجاوزات للسرعة.
رغم أن الكاميرا لا تردع السائقين السيئين بشكل مباشر، إلا أن رؤيتها قد تُقلل من تهور بعضهم، ومع ذلك يبقى دورها الأساسي هو التوثيق.
وجودها وحده لا يغيّر السلوك، لكنه يوثّق ما يحدث بدقة قد تُحدث فرقاً بعد وقوع المشكلة، وفي ظل الحوادث غير المتوقعة، تبقى هذه الكاميرا خياراً عملياً لمن يريد التوثيق دون تعقيدات، خاصةً عند الحاجة لتقديم الأدلة للشرطة أو شركات التأمين.
مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا داخل المركبات، بدأت بعض الدول فعلياً بمناقشة تشريعات تُلزم السائقين بتركيب كاميرات قيادة، خاصة في سيارات الأجرة أو النقل التجاري.
وفي ظل تصاعد أهمية الأدلة المرئية في تسوية النزاعات المرورية، قد يصبح وجود كاميرا في السيارة متطلباً قانونياً مستقبلاً، تماماً كما أصبح وجود أجهزة الإنذار أو أنظمة الكبح المساعدة أمراً شائعاً.
ولا يُستبعد أن نرى في المستقبل تكاملاً أكبر بين كاميرات القيادة وأنظمة ADAS (Advanced Driver Assistance Systems، أي أنظمة مساعدة السائق المتقدمة) المتطورة لتسجيل وتحليل البيانات تلقائياً.
قد لا تكون كاميرات القيادة رادعاً كافياً للسلوكات السيئة، لكنها بلا شك أداة توثيق قوية تمنح السائق راحة البال، وتجعل من الصعب على المخالفين التملص من المسؤولية.
وفي عالم تزداد فيه الحوادث والادعاءات الكيدية، باتت الداش كام أداة لا غنى عنها لكل سائق واعٍ، خصوصاً لمن يريد حماية نفسه دون كماليات زائدة.