logo
سيارات

صيانة السيارات الكهربائية.. تهديد أم فرصة للورش التقليدية؟

صيانة السيارات الكهربائية.. تهديد أم فرصة للورش التقليدية؟
تُظهر الصورة شخصين يعملان في ورشة صيانة سيارات.المصدر: envato
تاريخ النشر:29 يوليو 2025, 01:55 م

الضجيج الوحيد الذي تصدره السيارات الكهربائية ربما لا يكون صوتاً ميكانيكياً، بل «الهدوء» الذي يسبق عاصفة تغيّر وجه قطاع صيانة السيارات كما نعرفه. في الوقت الذي تحتفل فيه الأسواق العالمية بتبني السيارات الكهربائية، هناك آلاف الورش التقليدية التي تخشى أن تكون هذه الثورة سبب نهايتها.

من ماكينة الانفجار إلى دائرة إلكترونية

لنكن واقعيين: صيانة السيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل تعتمد على آلاف القطع المتحركة. المحرك، ناقل الحركة، شمعات الإشعال، الفلاتر، الزيت، إلخ..، كل قطعة منها فرصة عمل لورشة صيانة.

أما السيارة الكهربائية؟ فالأمر يشبه إلى حد كبير «لابتوب على عجلات». لا زيت للمحرك، لا فلاتر وقود، لا ناقل حركة متعدد التعقيدات، فقط محرك كهربائي، بطارية ضخمة، وبرمجيات معقدة.

النتيجة؟ ما يصل إلى 70% من الأعمال التي تعتمد عليها الورش اليوم قد تختفي خلال عقد واحد فقط.

أين ستذهب الورش الصغيرة؟

الورش الصغيرة، خاصة تلك غير المرتبطة بوكالات أو شركات كبرى، تواجه مصيراً صعباً. فالدورات التدريبية المعتمدة لصيانة السيارات الكهربائية لا تزال محدودة ومكلفة. والأصعب أن الوصول إلى قطع الغيار أو أدوات فحص البطاريات ليس متاحاً بسهولة.

في ظل هذه المعطيات، قد يجد كثير من أصحاب الورش أنفسهم خارج اللعبة ما لم يتحركوا بسرعة.

الصيانة لم تمت.. لكنها تغيرت جذرياً

هل يعني ذلك أن السيارات الكهربائية لا تحتاج إلى صيانة إطلاقاً؟ الجواب: لا.

لكنها تحتاج إلى نوع جديد من الصيانة. الأجزاء المتعلقة بأنظمة التعليق، المكابح (رغم أنها تدوم أطول بفضل نظام الكبح المتجدد)، الإطارات، وحتى البرامج الإلكترونية، كلها لا تزال بحاجة إلى متابعة.

إضافة إلى ذلك، البطارية، قلب السيارة الكهربائية، تحتاج إلى مراقبة دقيقة، وتبديلها (عند الحاجة) يُعد من أغلى عمليات الصيانة في عالم السيارات.

تظهر الصورة محرك سيارة كهربائية خلال عملية شحن البطارية
تظهر الصورة محرك سيارة كهربائية خلال عملية شحن البطارية المصدر: envato

ميكانيكي المستقبل: مهندس برمجيات

في عالم السيارات الكهربائية، الأعطال لا تُسمع بل تُقرأ.

الكثير من مشاكل السيارات الحديثة يتم حلها اليوم عبر تحديث برمجي عن بُعد «OTA» (أي Air The Over) ويُقصد به التحديثات البرمجية التي تُرسل إلى السيارة عن بُعد عبر الإنترنت، دون الحاجة لزيارة الورشة أو الوكيل أو عبر تعديل خوارزميات. وهذا يفتح الباب أمام شكل جديد تماماً من الصيانة.. صيانة بدون مفتاح ربط، بل بلوحة مفاتيح!.

لذلك، تظهر الآن وظائف جديدة مثل:

  • فني صيانة برمجيات السيارات
  • مهندس تحديثات OTA
  • محلل بيانات أداء المركبات

الوكالات تسيطر.. ولكن إلى متى؟

في الوقت الحالي، الوكالات هي الجهة الأكثر جاهزية لصيانة السيارات الكهربائية. لديها المعدات، التدريب، وربما أيضاً الوصول الحصري لبعض أدوات التشخيص والبرمجيات.

لكن هذا الاحتكار قد لا يدوم. الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، يدفع باتجاه قوانين «الحق في الإصلاح» (Right to Repair) التي تلزم الشركات بمشاركة أدوات الصيانة مع الورش المستقلة. هل تحذو الأسواق العربية حذوها؟ الزمن كفيل بالإجابة. 

فرصة لمن يتحرك.. وكارثة لمن يتردد

أمام هذه التحولات، هناك ورش بدأت بالفعل في التحول:

  • بعضها بدأ الاستثمار في تدريب تقنييه على السيارات الكهربائية.
  • آخرون بدأوا في شراء أدوات تشخيص حديثة.
  • والبعض دخل مجال فحص البطاريات وتقييم حالتها.

وربما تظهر قريباً ورش متخصصة فقط في السيارات الكهربائية، تماماً كما نشأت ورش متخصصة في التكييف أو الفرامل سابقاً. 

ما الذي على الورش فعله الآن؟

  • الاستثمار في التدريب: الشهادات المعتمدة في صيانة السيارات الكهربائية ستصبح عملة ثمينة.
  • مواكبة التكنولوجيا: متابعة كل جديد من تحديثات وبرمجيات وخوارزميات.
  • إقامة شراكات: مع موردي قطع الغيار وشركات البرمجيات.
  • توسيع الخدمات: مثل خدمات فحص البطارية، تقييم الأداء، وحتى إعادة تدوير البطاريات القديمة.

هل هناك قطاعات مهددة بالكامل؟

نعم..

  • ورش تبديل الزيت؟ مستقبلها قاتم.
  • محال بيع الفلاتر وشمعات الاحتراق؟ قد تختفي بالكامل.
  • مراكز فحص المحركات التقليدية؟ ستكون بلا وظيفة خلال سنوات. 

الختام: من لا يتغير.. يُستبدل

السيارات الكهربائية لا تهدد فقط صناعة المحركات، بل تهز كامل منظومة ما بعد البيع. الصيانة كما نعرفها تمر بمنعطف تاريخي، وسيكون البقاء فيه للأذكى، وليس للأقوى.

الورشة التي لا تفهم الكهرباء والبرمجيات اليوم.. قد تغلق أبوابها غداً.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC