في عالم السيارات الخارقة، لطالما كانت «لامبورغيني» تميل نحو الجانب الجريء، مقدّمة سيارات لا تكتفي بالقوة والأداء، بل تعبّر عن شخصية متمرّدة وأسلوب هجومي لا يخطئه أحد، من ينسى "كونتاش" الأسطورية؟ تلك الروح الجامحة ما زالت حاضرة حتى اليوم، لكن الزمن تغيّر، ومعه قوانين اللعبة.
فكيف يمكن لسيارة بهذه «الشخصية النارية» أن تتماشى مع واقعٍ جديد يفرض التحول نحو الكهرباء والحفاظ على البيئة؟ الجواب جاء في «Temerario» الجديدة، وهي مزيج مذهل من الجنون الإيطالي والهندسة المستقبلية، سيارة هجينة بقوة 907 أحصنة توفّق بين إثارة لامبورغيني المعهودة وذكاء أنظمة الدفع الحديثة.
«Temerario» هي ثاني سيارة من لامبورغيني تُصمم من الصفر كنظام هجين، بعد «Revuelto» التي سبقتها بقوة 1001 حصان، ومع أن «Revuelto» تُعدّ رمزاً تقنياً للعلامة، إلا أن «Temerario» تأتي بموقع أقل على السلم السعري، حيث يبدأ سعرها من 382,654 دولاراً، مبلغ لا يُعد «ميسوراً»، لكنه أقل بكثير من شقيقتها الكبرى التي تبدأ من 600 ألف دولار.
«Temerario» جاءت لتحل مكان «Huracan» التي اعتمدت لعقد كامل على محرك V10 بقوة 640 حصانًا، ولكن الفارق هنا مذهل: محرك V8 ثنائي التوربو بسعة 4.0 لتر، مع تصميم flat-plane crank المستوحى من سيارات السباق، يسمح للمحرك ببلوغ أكثر من 10,000 دورة في الدقيقة، رقم أقرب إلى دراجات النارية منه إلى السيارات.
عادةً ما تعاني المحركات التي تدور بهذا المعدل المرتفع من ضعف العزم في الدورات المنخفضة، لكن هنا يأتي دور النظام الكهربائي الذكي: ثلاثة محركات كهربائية، اثنان في المقدمة لتحريك كل عجلة على حدة، والثالث مدمج مع المحرك الخلفي، ويستمد الجميع طاقتهم من بطارية صغيرة بسعة 3.8 كيلوواط/ ساعة.
البطارية لا تهدف لتوفير مدى كهربائي طويل (فهي بالكاد تقطع 11 كلم)، لكنها تقدم شيئاً أهم: استجابة فورية للعزم عند الضغط على دواسة الوقود، ما يمنح السيارة رشاقة مذهلة وتعويضاً كاملاً لأي تأخر محتمل في استجابة التوربو.
لامبورغيني اختارت حلبة إستورييل في البرتغال لتكشف عن «Temerario» وهي حلبة شهيرة أحرز فيها «آيرتون سينا» فوزه الأول في الفورمولا 1 عام 1985، لكنها توقفت عن استضافة السباقات منذ التسعينيات بسبب خطورتها العالية.
الاختيار لم يكن عبثياً، «Temerario» تمكّنت من الوصول إلى 306 كلم/س على الخط المستقيم للحلبة، أي ما يعادل 190 ميلاً في الساعة، مقابل سرعتها القصوى التي تبلغ 213 ميل/س.
الإثارة لا تقتصر على السرعة القصوى فقط، فالسيارة تنطلق من 0 إلى 100 كلم/س خلال 2.7 ثانية، رقم رسمي يضعها ضمن نخبة السيارات الخارقة الأسرع في العالم.
لكن الأداء الحقيقي لا يُقاس في الخطوط المستقيمة فقط، بل في المنعطفات، وعلى الرغم من أنها أطول بـ15 سم وأثقل بأكثر من 136 كلغ من هوراكان السابقة، بفضل المحركات والبطارية، فإنها بدت خفيفة ورشيقة بشكل مدهش، التوجيه دقيق وسريع الاستجابة، والسيارة تدخل المنعطفات بخفة تثير الإعجاب، لدرجة تجعلك تشعر وكأنك على وشك فقدان السيطرة، دون أن يحدث ذلك فعلياً.
في الزوايا البطيئة، كانت السيارة تستعرض عضلاتها عبر انزلاقات متقنة للمؤخرة وكأنها سيارة دفع خلفي، رغم كونها تعتمد نظام دفع رباعي، وعندما بدأ مطاط الإطارات يسخن مع ارتفاع حرارة الحلبة، بدأت مؤشرات التوازن الديناميكي تظهر بشكل أوضح: ميل طفيف نحو الانحراف الأمامي (understeer) في المنعطفات السريعة، لكن المحركات الأمامية تدخلت بذكاء، فدفعت العجلة الخارجية لتعيد السيارة إلى المسار، تجربة تجعلك تشعر وكأنك سائق خارق.
وإن «أردت الاستعراض»، فهناك وضعية Drift مخصصة تسهّل إخراج المؤخرة بانسيابية تجعل التحكم في السيارة متعة خالصة.
الشكوى الوحيدة؟ تصميم المقود، كما هو الحال في طرازات لامبورغيني الحديثة، انتقلت أزرار الغمازات والمسّاحات إلى عجلة القيادة، ما يزيد احتمال تشغيلها بالخطأ أثناء القيادة الحماسية.
رغم أنها ولدت للحلبة، تؤكد لامبورغيني أن «Temerario» صالحة للقيادة اليومية، فالمقصورة أصبحت أكثر رحابة، مع مساحة تخزين أمامية محترمة، التصميم الداخلي تطور كثيراً مقارنة بهوراكان، مع لوحة عدادات أبسط وواجهة وسائط بشاشة 8.4 إنش ببرمجيات محسنة.
نعم، يمكن للسائق الجلوس دون أن يلتصق رأسه بالسقف، لكن الدخول والخروج ما زال يمثل تحدياً لمن يعاني من آلام الركبة أو الظهر، السيارة كذلك صاخبة جداً حتى عند التوقف، لكن هناك حل: عند استخدام وضعية «Città» (المدينة)، يُغلق المحرك V8 وتتحول السيارة إلى وسيلة تنقل صامتة... إلى حدٍّ ما.
مأخذ بعضهم على «Temerario»، هو على شكلها الخارجي، لكونها معقدة بصرياً، تصميمها مليء بالتفاصيل، وربما أقل جاذبية من طراز هوراكان.. لكنها، دون شك، تبدو كآلة سباق حتى وهي متوقفة.
وبالرغم من هذا، فإن «Temerario» تمثل قفزة هائلة إلى الأمام مقارنة بهوراكان، وتحافظ على الجوهر.
ما يجعل لامبورغيني مميزة: سيارة تسرق الأنظار، وتلعب على أوتار الحواس، ولا تعتذر أبداً عن كونها متمردة.