خاص
خاص

تسلا وBYD.. صراع الكبار على عرش السيارات الكهربائية

تحقق صناعة السيارات الكهربائية نموا مطردا في مختلف دول العالم، مسجلة 16% من إجمالي مبيعات السيارات عالميا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، حيث تم بيع 9.4 ملايين سيارة كهربائية، مقارنة مع 10 ملايين سيارة خلال عام 2022 بأكمله.

وتعد الصين المنتج الأول للسيارات الكهربائية في العالم بحصة تبلغ 60% من إجمالي الإنتاج العالمي، فيما تستحوذ أميركا على 8% فقط من إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم، خلف دول الاتحاد الأوروبي التي تستحوذ على حصة 15% من المبيعات العالمية.

ورغم أن شركة "تسلا" الأميركية هي الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية على مستوى العالم، إلا أن الشركات الصينية بقيادة BYD تمكنت من سحب البساط من تحت أقدام العملاق الأميركي.

وتعد BYD أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في الصين، كما دخلت قائمة أكبر 10 شركات لصناعة السيارات في العالم خلال النصف الأول من عام 2023، محتلة الترتيب العاشر.

وتسلا وBYD هما أكبر صانعي السيارات الكهربائية في العالم، ويخوضان منافسة حامية في الصين وخارجها، ما يشكل قفزة هائلة للشركة الصينية التي سخر منها الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، الملياردير الأميركي إيلون ماسك قبل عقد من الزمن، عادًّا إياها "مزحة"، لكن مرت الأيام وتوشك هذه المزحة على إزاحة شركته عن عرش السيارات الكهربائية الذي اعتلته لسنوات طويلة.

تقليل الفجوة

بالنسبة للسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات بالكامل "BEV"، تظل تسلا في المرتبة الأولى عالميا، لكن العملاق الصيني تمكن من تقليل الفجوة بقدر كبير.

ففي الوقت الذي بلغت فيه مبيعات تسلا خلال الربع الثالث من العام الجاري نحو 435 ألفًا و59 سيارة، فإن مبيعات BYD بلغت نحو 431.603  سيارة كهربائية، وهو ما يقل بنحو 3000 سيارة فقط عن إجمالي مبيعات تسلا.

لكن إجمالي مبيعات السيارات الكهربائية بما في ذلك السيارات الهجينة، يصب في صالح الشركة الصينية، حيث بلغت المبيعات نحو 824 ألف سيارة.

وتمكنت BYD من تحقيق رقم قياسي للشهر السادس على التوالي، حينما أعلنت عن مبيعات شهر أكتوبر الماضي، والتي بلغت 301,833 سيارة كهربائية، بزيادة 38.6% مقارنة بشهر أكتوبر 2022، و5% مقارنة بشهر سبتمبر الماضي، وفقا لبيانات شبكة السيارات الصينية.

وتشير مبيعات BYD القوية في شهر أكتوبر 2023 إلى أنها تقترب من إزاحة تسلا من على عرش السيارات الكهربائية العاملة بالبطارية خلال الربع الرابع من 2023، وفقا لموقع Business investors الأميركي، حيث تستهدف مبيعات تتخطى نصف مليون سيارة خلال الربع الرابع من هذا العام من سيارات البطارية الكاملة BEV.

وارتفعت صادرات BYD من السيارات الكهربائية إلى مستوى قياسي بلغ 30,521 سيارة خلال شهر أكتوبر، مقابل 28,039 في سبتمبر، و25,023 في أغسطس، و18,169 في يوليو، و10,536 في يونيو، ومن المتوقع أن تستمر الصادرات في الصعود خلال الأشهر القادمة.

ووصلت مبيعات BYD من جميع السيارات الكهربائية والهجينة إلى نحو 2,381,471  سيارة منذ بداية 2023، وتسعى للوصول إلى 3 ملايين سيارة بنهاية العام الجاري.

الأرباح

على عكس الصعود القوي للشركة الصينية، فإن تسلا الأميركية أعلنت في الربع الثالث من عام 2023، عن أسوأ أرباح لها منذ عامين، حيث انخفض صافي ربح الشركة بنسبة 44% إلى 1.85 مليار دولار، مقارنة بـ3.29 مليار دولار في الفترة ذاتها من عام 2022.

وشهد إنتاج الشركة خلال الربع الثالث ارتفاعا بنسبة 18% على أساس سنوي، ليصل إلى 430 ألفًا و488 سيارة، ولكنه كان أقل من أرقام الربع السابق الذي شهد إنتاج 479 ألفًا و700 سيارة.

في المقابل، أعلنت شركة BYD عن نمو قوي في أرباح ومبيعات الربع الثالث مقارنة بالربع الثاني والعام السابق، وبلغ صافي الربح 10.41 مليار يوان صيني (1.41 مليار دولار)، بزيادة 82% مقارنة بالعام السابق، وزيادة نحو 53% مقارنة بالربع الثاني، بالعملة المحلية.

وارتفعت الإيرادات بنسبة 38.5% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 162.15 مليار يوان صيني (22.6 مليار دولار)، بزيادة 38.5% مقارنة بالربع الثالث من عام 2022.

حرب الأسعار

منذ مطلع العام الجاري خاضت شركات صناعة السيارات الكهربائية، حربا شرسة لتخفيض الأسعار، حيث خفضت تسلا الأسعار في جميع أنحاء العالم في يناير 2023، مع مزيد من التخفيضات منذ ذلك الحين وحتى الربع الثالث، وجعلت تخفيضات الأسعار سيارات الطراز 3 وY  مؤهلة للحصول على إعفاءات ضريبية أميركية بقيمة 7500 دولار.

فيما خفضت شركات السيارات الكهربائية في الصين، بما في ذلك BYD، الأسعار ردًا على شركة تسلا.

وزادت شركة تسلا قدرات مصانعها في برلين وأوستن بعد توسيع مصنعها الضخم في شنغهاي بقدر كبير العام الماضي، لكن الطلب لم يواكب الإنتاج الموسع، حتى مع خفض شركة تسلا للأسعار وتقليص الإنتاج إلى مستوى أقل بكثير من طاقتها.

وتستهدف شركة تسلا إنتاج 1.8 مليون سيارة في عام 2023، على الرغم من أن طاقتها الإنتاجية تزيد عن 2 مليون.

توسعات

تعمل شركة BYD على زيادة إنتاج السيارات الكهربائية والبطاريات، مع بدء تشغيل المزيد من المصانع في الصين، فيما تقوم الشركة ببناء مصنع للسيارات الكهربائية في تايلاند، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في عام 2024، كما أعلنت في يونيو الماضي أنها ستبني مصنعًا للسيارات الكهربائية في البرازيل.

ومن المتوقع أن تعلن شركة BYD عن موقع لمصنع أوروبي بحلول نهاية العام، ويرجح أن يكون في المجر، خاصة أن الشركة تقوم بتصنيع الحافلات في المجر، بحسب موقع Business investors الأميركي.

وتتوسع BYD بصورة كبيرة في الخارج، وأصبحت تايلاند سوقًا كبيرًا، لكنها دخلت العديد من الدول الآسيوية، بما في ذلك اليابان والهند وماليزيا وأستراليا وسنغافورة، كما لها حضور في معظم دول أوروبا، وبدأت أيضًا عمليات التسليم في المكسيك، كجزء من حملة كبيرة في جميع أنحاء أميركا اللاتينية.

فيما لا تخطط الشركة لدخول السوق الأميركية لسيارات الركاب، على الرغم من أنها تصنع حافلات EV في لانكستر، كاليفورنيا.

صناعة البطاريات

تقليديا، لم تنتج تسلا بطارياتها الخاصة بكميات كبيرة، حيث تعتمد في إنتاج بطاريات الليثيوم أيون، على مشروعها المشترك مع باناسونيك، حيث تقوم الأخيرة بتصنيع الخلايا بينما تتولى تسلا بتغليفها. كما تشتري تسلا بطاريات الليثيوم أيون من شركة إل جي الكورية الجنوبية، فيما اشترت بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد (LFP) من شركة CATL الصينية.

وتعمل شركة تسلا على تكثيف إنتاج بطاريتها الخاصة المكونة من 4680 خلية، وقد ارتفع الإنتاج في الأشهر الأخيرة، لكنه ما زال منخفضًا نسبيًا.

في الوقت نفسه، تعد شركة BYD واحدة من أكبر الشركات المصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، من خلال بطارياتها بليد "Blade"، وتعمل الشركة على تكثيف إنتاج مصانع البطاريات لتزويد صانعي السيارات الكهربائية التابعين لجهات خارجية، بالإضافة إلى التخزين، لما يتجاوز احتياجاتها من السيارات الكهربائية.

وتستخدم تسلا بطاريات BYD لطراز Y في مصنعها ببرلين، وتعمل BYD، مثل CATL وبعض الشركات الأخرى، على بطاريات أيونات الصوديوم.

الشاحن والبطارية

تمتلك تسلا شبكة شحن فائق خاصة بها في أسواقها، وهذا مهم بصفة خاصة في الولايات المتحدة ودول مثل أستراليا، حيث تكون مرافق الشحن التابعة لجهات خارجية محدودة. وأبرمت تسلا صفقات مع فورد وجنرال موتورز وريفيان لمنح عملاء السيارات الكهربائية إمكانية الوصول إلى الشواحن الفائقة في الولايات المتحدة.

وعلى الضفة الأخرى، استفادت BYD خلال توسعها السريع خلال العامين الماضيين، من أنها تصنع رقائقها الإلكترونية إلى جانب البطاريات الداخلية وغيرها من عمليات التكامل الرأسي، في الوقت الذي عانى فيه العديد من المنافسين من نقص الرقائق وغيرها من الإمدادات.

وتوقع "توني لطيف" الخبير في قطاع السيارات الكهربائية، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية" أن تستمر الصين في صدارة المشهد العالمي لصناعة السيارات الكهربائية وبطارياتها خلال العقد المقبل، بسبب استثماراتها الضخمة في النيكل والليثيوم وباقي العناصر النادرة.

ولفت لطيف إلى تطور صيني، لا يقتصر على تكنولوجيا صناعة السيارات الكهربائية فقط، وإنما يشمل مستلزمات اقتنائها، مثل شبكات الشحن التي تعد ضرورة لملاك السيارات، وهو الأمر الذي تحاول أميركا تعويض بعض ما فاتها فيه، ففي سبتمبر 2022 خصصت إدارة بايدن 5 مليارات دولار لإنشاء شبكة من محطات شحن السيارات الكهربائية.

وأضاف "لطيف" إن هذه العقبة تلاشت أمام التقدم التكنولوجي الرهيب في الصين، مشيرا إلى أن شركات التصنيع في الصين طورت بطاريات يمكنها السير حتى 1036 كيلو متر في الشحنة الواحدة، بينما معظم البطاريات في الشركات الأميركية لا تتجاوز الـ 700 كيلو متر.

وأشار إلى هذه البطاريات الصينية تتميز عن نظيرتها المستخدمة في أميركا بالوزن الأخف والعمر الافتراضي الأطول، ومقاومة الحرائق، بالإضافة إلى رخص أسعارها بسبب توافر المواد الخام من العناصر الأرضية لدى الصين، مشيرا إلى الاستثمارات الصينية الضخمة عبر العالم في مناجم الليثيوم، والنيكل، وغيرها من العناصر التي تستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.

القيمة السوقية

تبلغ القيمة السوقية لشركة تسلا نحو 744.8 مليار دولار، وفقا لأسعار 17 نوفمبر 2023، وهو ما يقل كثيرًا عن أعلى قيمة سوقية حققتها تسلا والتي تزيد عن تريليون دولار، في حين تبلغ قيمة BYD نحو 86.2 مليار دولار فقط.

في الوقت الذي يمتلك فيه إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا نحو 412 مليون سهم من أسهم الشركة، ويمتلك خيارات لشراء آجل لنحو 304 ملايين أخرى بسعر أقل من 23.34 دولارا للسهم، فإن رجل الأعمال الأميركي الشهير وارن بافيت ظل لفترة طويلة مستثمرًا رئيسا في BYD  من خلال شركته بيركشاير هاثاواي.

وعلى الرغم من الأرقام المميزة التي تحققها الشركة الصينية إلا أن "بافيت" تخلى عن ملكيته لمعظم هذه الأسهم بداية من أواخر أغسطس الماضي، وتقتصر حصته حاليا على 5% من أسهم الشركة، وفقا لموقع  Business investors.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com