انفراج أزمة التوظيف لدى الشركات الصغيرة

يقول أصحاب الأعمال الصغيرة إن توظيف العمال والاحتفاظ بهم أصبح أسهل، ما يأملون أن يكون مؤشراً على انتهاء أسوأ مشاكلهم الخاصة بالتوظيف.

تستمر محدودية سوق العمل بالولايات المتحدة بشكل تاريخي. بينما شهد ديسمبر للمرة الأولى منذ يوليو الماضي سهولة في لتوظيف، وأصبح العثور على العمال أسهل من قبل، حسبما أبلغ مزيد من أصحاب الأعمال الصغيرة في استطلاع لصحيفة وول ستريت جورنال.

يقول بعض رواد الأعمال إن خطوات مثل زيادة الأجور وإضافة برامج تدريب مهني وإعادة كتابة إعلانات الوظائف بدأت تؤتي ثمارها ينما أبلغ آخرون عن زيادة في أعداد المتقدمين مع تراجع المنافسين عن التوظيف أو بدء تسريح العمال.

هذا الصيف، عانت شركة "إونالي وير" لتصنيع ساعات اليد الطبية للاحتفاظ بالموظفين الجدد. وقالت الرئيسة التنفيذية، جان آن بوث، التي يعمل لديها 17 موظفًا: "يقبل العمال الوظيفة ويأتون للعمل لمدة أسبوع ثم يختفون".

زادت الشركة، ومقرها في أوستن بتكساس، أجورها هذا الخريف إلى 18 دولارًا في الساعة بدلاً من 15 دولارًا، وأضافت زيادة قدرها 1 دولار في الساعة بعد ستة أشهر، بهدف جعل الأجور مناسبة أكثر مع باقي أصحاب العمل المحليين. وقالت بوث: "لدينا فريق عمل كامل حالياً لأول مرة منذ فترة طويلة".

قال نحو 25% من بين أكثر من 650 رائد أعمال في استطلاع أُجرى في ديسمبر أن تعيين الوظائف الشاغرة أصبح أكثر سهولة مقارنة ببداية 2022، مقارنةً بنحو 18% من رواد الأعمال في نوفمبر. وقال 20% أن تعيين الوظائف الشاغرة أصبح أكثر صعوبة، بانخفاض من 25% في نوفمبر. أجرت الاستطلاع شركة "فيستاغ وورلدوايد" للخدمات الاستشارية للشركات لصالح وول ستريت جورنال.

مازال التحول متواضع بينما تستمر الوظائف الشاغرة في زيادة أعباء العديد من الشركات الصغيرة. قال 56% من الذين شملهم الاستطلاع، أن تحديات التوظيف جعلت من الصعب العمل بكامل طاقتهم. وأفاد 84 % من أصحاب الأعمال الصغيرة أنهم رفعوا الأجور استجابة لتحديات سوق العمل، وأكثر من الثلثين وفر ساعات عمل مرنة.

في بعض القطاعات، تخلق المخاوف الاقتصادية فرصًا لإضافة المواهب. قال ديل ليمونز، مالك شركتي "سيغنيتشر تراسبورت" و"إنترستيت وود برودكتس" للنقل بالشاحنات في كيلسو بواشنطن واللتان يعمل بهما 125 موظفًا: "نلمس سهولة أكثر قليلاً، لتباطؤ أداء بعض منافسينا ولم يكن سوق العمل نشطًا بشكل كامل".

على مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية، رفع ليمونز رواتب سائقي الشاحنات المبتدئين 20%، وبنسبة تصل إلى 40% لمن لديهم خبرة لا تقل عن 3 سنوات. وقدم برنامجاً تدريبياً مهنياً مدفوع الأجر لنحو 25 شخصًا في يناير الماضي، بينما يتدرب بالفعل 7 آخرون حاليًا.

وأعرب تشيب ريدغ، رئيس "ميلينيال تايتل" في لويزفيل بولاية كنتاكي عن أمله في اجراء تعيينات استراتيجية مطلع 2023 مع استمرار قطاع الإقراض العقاري والإسكان في الانكماش بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ المبيعات.

وقال ريدغ، الذي تضم شركته 33 موظفًا: "هناك الكثير من المواهب عالية المستوى في مجالنا تم استبدالها ضمن التحول في الاقتصاد وقد تكون أمامنا فرصة لضم بعض المواهب من ذوي الخبرة الخبرات التي لا تتاح لنا الفرصة لضمها في ظروف السوق العادية".

في "ووتر تيك" شرق برونزويك في نيوجيرسي، اجتذب إعلان عن وظيفة لوجستية 3 متقدمين مطلع العام بينما بلغ العدد نحو 100 متقدم هذا الصيف. قال المالك، جاي إيرليش، الذي تضم شركته لبيع المكانس التي تعمل بالبطاريات لتنظيف حمامات السباحة 40 موظفًا: "كان هناك بالتأكيد مزيد من المتقدين، لكننا لم نجد بعد المتقدمين المناسبين".

يعتقد إرليش أن القفزة بعدد المتقدمين تعكس تجميد التوظيف في الشركات الكبرى. ويتوقع ازدياد المتقدمين المؤهلين في الأشهر المقبلة، حيث تتراجع الشركات الكبيرة التي وسعت عملياتها اللوجستية استجابة لتعطل سلسلة التوريد بعد أن أصبح لديها مخزون كبير للغاية.

ما يزال التوظيف لدى الشركات الصغيرة الأخرى صعبًا كما كان دائمًا. حيث أدى نقص الموظفين إلى إرسال "دويتش إنفيرومنتال سيرفيسيز" ومقرها بوارن في ولاية ميشيغان، المتخصصة في تنظيف أنظمة الصرف الصحي تحت الأرض وتضم 50 موظفًا وبها 20 فرصة عمل شاغرة، فريق عمل من 3 أفراد بدلاً من 4 عمال.

قال جو شوتوفر، نائب رئيس العمليات، ممثل الجيل الخامس من عائلته العاملة في الشركة التي تأسست قبل 124 عامًا: "نطلب من الموظفين القيام بالمزيد مقابل موارد أقل".

زادت "دويتش" الأجور 30% تقريبًا خلال الثمانية عشر شهرًا الماضية وضغط الجدول الزمني للزيادات، كما قضت مزيدًا من الوقت في التواصل مع المتقدمين للوظائف حول مزايا الشركة وآفاق التقدم.

قال شوتوفر ان هناك مزيد من المتقدمين لشغل الوظائف الشاغرة "لكننا ما زلنا لم نصل لمرحلة المقابلات". وأضاف أن المرشحين الجدد غير المؤهلين يأتون متوقعين أن يتقاضوا رواتب بنفس معدل رواتب الموظفين الذين يمتلكون خبرة 10 سنوات أو أكثر.  

ما تزال المنافسة مع الشركات الكبرى ذات الأجور والمزايا الأفضل تحديًا، حيث فقدت شركة "دي 2 سوليوشنز" للاستشارات الاستراتيجية والتكنولوجيا والتي تركز على المستشفيات وعلوم الحياة، مؤخرًا أحد كبار مسؤولي المبيعات لصالح شركة أدوية قدمت زيادة 40% في الأجر، وقال الرئيس التنفيذي للشركة، دين إيرهاردت: "لقد كانت المبالغ أكثر مما يمكننا دفعه لهم كشركة صغيرة".

تحسنت ثقة الشركات الصغيرة عمومًا في ديسمبر بأكبر قدر في 21 شهرًا، وفقًا للمسح الذي أجرته "فيستاغ"، مع تحقيق أكبر مكاسب شهرية.

وقال ريتشارد كيرتن، الخبير الاقتصادي بجامعة ميشيغان، الذي حلل البيانات إن الثقة المرتفعة في الأعمال الصغيرة تعكس على الأرجح تراجع التضخم، حيث تباطأت ارتفاعات أسعار السلع والخدمات والمدخلات الأخرى، كما أن صافي خطط التوظيف كانت الأكبر خلال تسعة أشهر.

قال ستيفن سميذينغ، صاحب سلسلة مطاعم "مير بولز" و"غرين هيلز غريل" بمنطقة ناشفيل في ولاية تينيسي إن مزيد من الناس يأكلون بالخارج في كثير من الأحيان. كما لم يكن مضطرًا في عيد الشكر الأخير ولأول مرة منذ عقد إلى استدعاء أطفاله الأربعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و24 عامًا، للمساعدة في سد النقص بعدد العاملين خلال العطلات. وقال إن الأجور بالساعة ارتفعت 21% تقريبًا عن ديسمبر 2020.

قال سميذينغ، الذي يعمل لديه حوالي 160 موظفًا: "لست بحاجة لمدراء أيضًا للمرة الأولى منذ فترة طويلة. فجأة أصبح لدي المزيد من الموظفين ويبدو أننا أخذنا نشعر ببعض التغيير أخيرًا".

المصدر: وول ستريت جورنال