logo
عملات رقمية

زخم العملات المشفرة في الخليج.. ما الذي تسعى إليه دول المنطقة؟

زخم العملات المشفرة في الخليج.. ما الذي تسعى إليه دول المنطقة؟
شعار العملة المستقرة المدعومة بالدرهم الإماراتي AECOINالمصدر: aecoin.com
تاريخ النشر:26 مايو 2025, 05:34 م

في خطوة جديدة توضح المسار المتسارع لابتكارات التكنولوجيا المالية في الإمارات، أصبحت «العربية للطيران» أول شركة طيران في المنطقة تُتيح الدفع باستخدام العملات الرقمية المستقرة لحجوزات الرحلات باستخدام (AE Coin)، أول عملة مستقرة مدعومة مباشرة بالدرهم الإماراتي.

كان إطلاق (AE Coin) في أبريل الماضي جزءاً من توجه وطني أوسع نحو اعتماد تقنية البلوكتشين في القطاعين العام

والخاص في الإمارات، وتعزيز طموح الدولة في أن تصبح مركزاً عالمياً للتكنولوجيا المالية والابتكار. وهذا التطور الأخير، يضاف إلى جهود متراكمة تظهر جلياً الاهتمام الكبير في الإمارات ومنطقة الخليج عموماً بتكنولوجيا العملات المشفرة، مع بروزها كمؤشر قوي على تحول تدريجي وعميق في القطاع المالي العالمي.

يتشكل نهج دول الخليج تجاه العملات المشفرة من خلال سعيها إلى إرساء اقتصاد أكثر تنوعاً، فضلاً عن أطرها التنظيمية المتطورة والتحولات في تحالفاتها الجيوسياسية. وحتى في دول المنطقة التي تتخذ موقفاً أكثر حذراً من هذه التكنولوجيا الحديثة، من المتوقع أن تكتسب الأصول الرقمية زخماً، وأن تبرز كركيزة أساسية للاستراتيجية الاقتصادية والجيوسياسية الأوسع للمنطقة، وفق ما خلُص إليه تقرير حديث لمعهد «كارنيغي» للدراسات.

أخبار ذات صلة

العربية للطيران تعتمد عملة الدرهم المستقرة وسيلة دفع للرحلات الجوية

العربية للطيران تعتمد عملة الدرهم المستقرة وسيلة دفع للرحلات الجوية

بيئة تكنولوجية وتنظيمية مواتية

بفضل الدعم الحكومي القوي وجهود الرقمنة بعد جائحة كوفيد-19، شهد قطاع التكنولوجيا المالية في دول الخليج تحولاً سريعاً، ما مهد الطريق لاعتماد أوسع لتقنية البلوكتشين.

وبدعم من مبادرات متعددة، وصل اعتماد هذه التقنية في دول المنطقة إلى معدل نمو سنوي مركب (CAGR) عند 70%، وفق «كارنيغي»، ما يعكس حجم الاهتمام الإقليمي بحلولها الآمنة والفعالة.

يؤكد تقرير «كارنيغي» أن البيئة التنظيمية المواتية لدول الخليج تُمكّنها من لعب دور محوري في الابتكار وتطوير آليات بديلة لتسوية التجارة؛ وهي مجالات قد توفر مزايا اقتصادية جوهرية. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تكتسب العملات الرقمية للبنوك المركزية المدعومة من الحكومات زخماً في المنطقة.

مقاربات مختلفة

تُعدّ الإمارات رائدة العملات المشفرة في المنطقة، إذ تجمع بين أهداف طموحة للتبني وأطر تنظيمية واضحة من خلال كيانات مثل هيئة تنظيم الأصول الافتراضية، بالإضافة إلى إنشائها منطقتين ماليتين حرتين.

في المقابل، اتخذت السعودية نهجاً أكثر حذراً. ورغم حظرها تداول العملات المشفرة من قبل المؤسسات المالية، لا تزال المملكة ثاني أكبر وأسرع أسواق المنطقة نمواً، مدفوعة بالتبني القوي لتداول العملات المشفرة بين الشباب الذين يشكلون 63% من إجمالي السكان.

تعزّز هذا النشاط السوقي بفضل الدور الفعال لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في الترويج لتبني تقنية البلوكتشين وجذب مؤسسات مالية دولية كبرى مثل «روتشيلد» و«غولدمان ساكس»؛ وكلاهما يخطط لإطلاق مشاريع في المملكة كجزء من منصات الأصول الرقمية الخاصة بهما. هذه المبادرات تُحوّل الأصول المالية التقليدية، مثل السندات أو أدوات تمويل التجارة، إلى رموز رقمية على البلوك تشين، ما يسهل الوصول إليها وتتبعها وتداولها عالمياً.

أما البحرين وعُمان، فاعتمدتا نهجاً يعطي الأولوية للامتثال والبنية التحتية والترخيص على التبني السريع. وقد قام مصرف البحرين المركزي أخيراً بتحديث إطاره التنظيمي، مُصنّفاً الأصول المشفرة كأوراق مالية، ومُعززاً لوائح مكافحة غسل الأموال بما يتماشى مع المعايير الدولية.

لكن، على الرغم من هذه الجهود، لا تزال سوق العملات المشفرة في البحرين الأصغر حجماً في المنطقة.

في عُمان، وضعت هيئة الخدمات المالية إطاراً تنظيمياً مؤقتاً لمقدمي خدمات الأصول الافتراضية ومتطلبات الامتثال لمكافحة غسل الأموال. وبيد أن اللوائح لا تزال مؤقتة، رخصت الحكومة جهتين لتشغيل مراكز تعدين العملات المشفرة والبيانات.

في الطرف الأكثر تحفظاً، اعتمدت الكويت وقطر أكثر الأساليب تقييداً. مع ذلك، بدأت قطر أخيراً تخفيف موقفها، ما سمح لمركز قطر المالي، وهو هيئة تنظيمية، بوضع إطار قانوني للأصول الرقمية من المتوقع الانتهاء منه في الربع الثاني من عام 2025. كما أنشأت الدوحة منطقة تنظيمية للأصول الرقمية لتعزيز ابتكارات التكنولوجيا المالية.

أخبار ذات صلة

دبي تعتمد العملات المشفرة لسداد رسوم الخدمات الحكومية

دبي تعتمد العملات المشفرة لسداد رسوم الخدمات الحكومية

استكشاف عالم (CBDCs)

تُعد دول الخليج من بين الأكثر انفتاحاً حيال العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، لا سيما لإمكاناتها الاستراتيجية في تقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز كفاءة المدفوعات عبر الحدود.

وفق هذا المنظور، تتجه دول المنطقة نحو تجربة العملات الرقمية للبنوك المركزية من خلال مبادرات إقليمية، واستكشاف منصات دفع رقمية بديلة مع الصين ومجموعة «بريكس+»، كمشروع «إم بريدج» (mBridge) الذي أطلق في عام 2021 كمبادرة متعددة الأطراف تضم البنوك المركزية لكل من الصين والإمارات وتايلاند والسعودية التي انضمت لاحقاً، بالشراكة مع بنك التسويات الدولية (BIS).

بحسب «كارنيغي»، تُعد العملات الرقمية للبنوك المركزية - إلى جانب فائدتها التقنية - أصولاً استراتيجية في إطار الجهود الأوسع التي تبذلها دول الخليج لإعادة تقييم سيادتها المالية.

وتُعدّ البرامج التجريبية في الإمارات والبحرين وعُمان والسعودية رائدة في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية المصممة للمؤسسات المالية، التي تُسهّل التسويات والمعاملات المالية العابرة للحدود.

على سبيل المثال، في عام 2019، أجرت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) ومصرف الإمارات المركزي اختباراً للتشغيل البيني للمعاملات عبر الحدود بعملات البنوك المركزية الرقمية كجزء من مشروع «عابر». كما أجرت البحرين العديد من اختبارات التشغيل البيني مع بنك «جيه بي مورغان».

في غضون ذلك، أكملت قطر البنية التحتية اللازمة، وستُجري تجربة على هذا النوع من العملات الرقمية للبنوك المركزية، مع إمكانية التوسع لتشمل قطاع التجزئة.

ميزة العملات المستقرة

أصول رقمية أخرى بدأت تحظى بالزخم في المنطقة، إذ تبرز العملات المستقرة كبديل أكثر قبولاً من العملات المشفرة ذات الطبيعة المتقلبة. عادة ما تكون هذه الأصول الرقمية مرتبطة بعملات سيادية مثل الدولار أو اليورو، ما يوفر استقراراً في الأسعار ووضوحاً تنظيمياً أكبر.

كانت الإمارات سبّاقة في استكشاف تلك الإمكانات؛ ففي يونيو الماضي، وفي خطوة رائدة بالمنطقة، وافق مصرفها المركزي على إصدار نظام جديد للإشراف على العملات المشفرة المستقرة وترخيصها، ضمن إطار برنامج للتحول في البنية التحتية المالية يضمن تعزيز المعاملات والنهوض بالاقتصاد الرقمي.

وقتها أفصحت إدارة شركة «تيذر» (Tether)، التي تصدر أكبر عملة مشفرة مستقرة في العالم، عن خططها لإطلاق عملة مرتبطة بالدرهم الإماراتي بالتعاون مع مجموعة «فينيكس»، اللاعب الرئيس في مجال تعدين العملات المشفرة والبلوكتشين والمدرجة في سوق أبوظبي، وبدعم من شركة الاستثمار «غرين أكورن»، لتأتي أخيراً الموافقة على (AE Coin) كأول عملة مستقرة منظمة ضمن جهود المركزي لدمج الأصول الرقمية في النظام المالي الرسمي، والتي جلبت معها تقنية البلوكتشين إلى قطاع الطيران في المنطقة فأصبح عملاء «العربية للطيران» الآن قادرين على دفع تكاليف حجوزاتهم بأسلوب أكثر ابتكاراً.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC