خاص
خاص

التكنولوجيا عندما تصبح لعنة مالية.. حربا أوكرانيا وغزة مثالا

في الحروب الحديثة، تصبح التكنولوجيا نقمة مالية وعبئا على الموازنات الحكومية، خاصة إذا كانت مع خصم يطور أسلحة منخفضة التكلفة؛ فيصل الأمر إلى رصد نصف مليون دولار، لإسقاط مسيرة لا تتجاوز تكلفتها 20 ألف دولار.

وفي ظل حربين بأوكرانيا وغزة يستهلكان كميات ضخمة من الأسلحة الغربية، يفتح الغرب خزائنه المالية لتقديم الدعم لكييف وتل أبيب، رغم الصعوبات المالية العالمية، وارتفاع معدلات الديون، والضغط الذي يسببه ذلك على الموازنات.

فعلى سبيل المثال، وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تلقت أوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية في فبراير 2022، دعما من الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، يزيد على 90 مليار دولار أميركي.

يأتي ذلك رغم أن ديون الولايات المتحدة وصلت إلى 33.17 تريليون دولار أميركي، وبلغ عجز الموازنة العامة، لسنة 2023 نحو 1.52 تريليون دولار، وفق وزارة الخزانة الأميركية.

الإنفاق العسكري

بلغ إنفاق الولايات المتحدة العسكري في عام 2022 نحو 877 مليار دولار، وإنفاق المملكة المتحدة 68.5 مليار دولار، وألمانيا نحو 55.8 مليار دولار، وفرنسا نحو 53.6 مليار دولار، وفقا لموقع "ستاتيستا" الإحصائي.

أما الحليف المباشر، أوكرانيا، فبلغ إنفاقها العسكري نحو 44 مليار دولار، وهو ما يمثل 34% من الناتج المحلي الإجمالي لكييف عام 2022. ووفقا لـ"ستاتيستا"، أنفقت إسرائيل العام الماضي 23.4 مليار دولار على قدراتها العسكرية، وهو ما يمثل 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي لها.

في المقابل، بلغ إنفاق روسيا العسكري 86.4 مليار دولار، ما يعادل 4.1% من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا في نفس العام.

وعلى الرغم من عدم وضوح ميزانية حركة "حماس" العسكرية بدقة، إلا أن شبكة "إن بي سي" الأميركية نقلت عن مصادر إسرائيلية وفلسطينية لم تسمها، أن تقديرات ميزانية حماس العسكرية السنوية تتراوح بين 100 مليون و350 مليون دولار.

آلة الحرب.. كم تكلف؟

في الميدان، باتت تكنولوجيا التسلح الغربية باهظة الثمن، عبئا على الموازنات خاصة في مواجهة خصوم يعتمدون على أسلحة زهيدة نسبيا، إذ تعتمد روسيا في الآونة الأخيرة على طائرات "شاهد-136" بدون طيار، إيرانية الصنع في عمليات قصف أوكرانيا.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في يناير 2023، أن تكلفة تصنيع "شاهد-136" لا تتجاوز 20 ألف دولار، لكن تكلفة إسقاطها تتراوح ما بين 140 ألف دولار و500 ألف دولار، ويمكن أن تصل إلى 4 ملايين دولار، وهو سعر صاروخ واحد من منظومة الدفاع الجوي الأميركية "باتريوت".

في غزة، تبلغ تكلفة دبابة "ميركافا" للجيل الأخير نحو 7 ملايين دولار، لكن تدمرها حماس بقذيفة "الياسين 105" التي تشير التقديرات إلى أن تكلفتها لا تزيد على 500 دولار، وفقا لشبكة "روسيا اليوم".

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن باحث في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، لم تسمه، أن تكلفة كل صاروخ من صواريخ القبة الحديدية التي تعترض قذائف حماس، تبلغ نحو 40-50 ألف دولار.

في المقابل، أوضح تقرير للجامعة البحثية "كولورادو بولدر" الأميركية، أن تكلفة الصواريخ التي تطلقها حماس تقدر بنحو 600 دولار للصاروخ الواحد.

وخلال الفترة ما بين 7 أكتوبر و6 نوفمبر 2023، تم إطلاق أكثر من 9000 صاروخ على إسرائيل، وفقا لصحيفة جيروزاليم بوست" الإسرائيلية. وبحسبة رياضية بسيطة، يتضح أن هذه الصواريخ كلفت الفصائل الفلسطينية 5.4 مليون دولار تقريبا، لكنها كبدت إسرائيل ما بين 360-450 مليون دولار، من أجل الدفاع ضدها.

هل تؤثر الحروب على المانحين؟

أمام هذه التكلفة الباهظة لحربي أوكرانيا وغزة وما تمثله من عبء على المانحين والأطراف على حد سواء، قال دانييلي روفينيتي، الخبير الاقتصادي الإيطالي في حديث لـ"إرم الاقتصادية" إن الحرب في الشرق الأوسط قادرة على تغيير التوازنات الاقتصادية والمالية الدقيقة في العالم.

بالإضافة إلى عبء الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل وأوكرانيا على الموازنات الغربية، لفت روفينتي إلى أن الحربين تهددان أيضا بارتفاع أسعار الطاقة، وفي حالة اتساع دائرة الحرب، فإن معدلات التضخم ستقفز من جديد.

من جانبه، لفت نبيل البرسومي، المحلل الاقتصادي والأستاذ بجامعة المعقل العراقية، إلى زاوية أخرى، وقال في حديث لـ"إرم الاقتصادية"، إن الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لحلفائها يعود بالربح الكبير على شركات السلاح الأميركية، لكنه يسبب ضغطا كبيرا على الاقتصاد الأميركي في الوقت نفسه.

وتابع أن الدعم الأميركي لإسرائيل، الذي يأتي رغم ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، يمكن تفسيره بأن الوجود القوي لإسرائيل في المنطقة يخدم المصالح الاستراتيجية لأميركا.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com