logo
اقتصاد

بعد تجاوزه 40%.. هل يتجه الأردن لتنظيم "الاقتصاد غير الرسمي"؟

بعد تجاوزه 40%.. هل يتجه الأردن لتنظيم "الاقتصاد غير الرسمي"؟
بائع خبز في أحد شوارع العاصمة الأردنية عمّان، يوم 7 أغسطس 2023المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:22 أغسطس 2024, 01:34 م

دعا خبراء الاقتصاد إلى تبسيط الإجراءات وتذليل العقبات التي تعترض تسجيل الأنشطة الاقتصادية ضمن منظومة الاقتصاد الكلي، مؤكدين أهمية تخفيض الضرائب وتوفير التمويل اللازم لدعم الاقتصاد غير الرسمي، الذي أصبح يمثل 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لتحفيز هذا القطاع وإدماجه في الاقتصاد الوطني.

ويرى وزير الدولة الأسبق للشؤون الاقتصادية، يوسف منصور، في حديث لـ"إرم بزنس" أن قياس حجم الاقتصاد غير المنظم يمثل تحدياً كبيراً بسبب عدم وجود أداة قياس دقيقة. ورغم الصعوبات، تشير التقديرات الدولية إلى أن هذا القطاع يشكل أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وقال منصور إن الاقتصاد غير المنظم يعكس معاناة العاملين في هذا القطاع، الذين يفتقرون إلى حقوق الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وحقوق العمل الأساسية.

ويعود "انتشار هذا الاقتصاد يعود إلى التكلفة العالية والصعوبة في تنظيم العمل، ولا يوفر فوائد ملموسة لأصحاب الأعمال، كما أن العقوبات المفروضة على عدم الالتزام بالقوانين غالباً ما تكون غير رادعة، سواء من حيث الغرامات المالية أو الإجراءات" وفقا لتقدير لوزير الشؤون الاقتصادية الأسبق.

 وتعاني الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر في الأردن، التي تمثل جزءاً كبيراً من هذا الاقتصاد، من صعوبة في الحصول على التمويل اللازم للنمو والتوسع. وبدلاً من ذلك، تفضل البنوك تقديم التمويل للشركات الكبرى ذات المخاطر المنخفضة، ما يدفع أصحاب الشركات الصغيرة إلى تجنب التسجيل القانوني خوفاً من عدم قدرتهم على تأمين التمويل اللازم.

وأوضح الوزير منصور أن الوضع الراهن للاقتصاد غير المنظم يحدّ من فرص نمو الشركات الصغيرة، ويسهم في إضعاف عملية الإنتاج والتسويق، فضلاً عن تقليص قدرتها على توظيف العمالة.

ويؤدي انتشار الاقتصاد الموازي إلى فقدان الدولة لفرص قيّمة في تحصيل الضرائب والإيرادات الناتجة عن العمل الإنتاجي، وهو ما يُعرف بـ"تكلفة الفرصة البديلة". وبالتالي فإن استمرار هذا الوضع يحرم الاقتصاد الوطني من إمكانيات التنمية الحقيقية، ويؤثر سلباً على النمو الاقتصادي المستدام، فضلاً عن زيادة الأعباء الضريبية على الشركات والأفراد.

فرص ثمينة

ويشير منصور إلى أن عدم إدماج نشاط الاقتصاد الموازي تحت المظلة الرسمية قد أضاع على الدولة فرصاً ثمينة للاستفادة منه، وهو ما يعكس فشل السياسات الاقتصادية الحكومية وقصر رؤيتها في مجال التنمية. وأضاف أن تنظيم هذا الاقتصاد كان غائباً عن "رؤية التحديث الاقتصادي" التي أُطلقت قبل عامين في الأردن.

نائب رئيس الوزراء الأسبق، جواد العناني، أكد أن تزايد حجم الاقتصاد غير الرسمي يعكس تقصيراً حكومياً في إدارة اقتصاد كلي غير منظم، ويعبر عن غياب التخطيط السليم للسياسات الاقتصادية. وأوضح أن نقص المعلومات الأساسية مثل مستوى دخل الفرد، معدل الأرباح، الإيرادات الحكومية، وبيانات الفقر والبطالة يؤدي إلى تقديم صورة اقتصادية ناقصة وغير مكتملة الأركان.

الاقتصاد الأسود

ويتوقع العناني أن يتزايد نمو "الاقتصاد الأسود" الذي يشمل أنشطة غير قانونية مثل تجارة المخدرات والأسلحة وغسيل الأموال إذا استمرت الحكومة في تجاهل تنظيم الاقتصاد غير الرسمي قد يولّد . وأوضح أن غياب الشفافية في قياس حجم هذا الاقتصاد يسمح لأصحاب "النفوس الضعيفة" بدمج نشاطاتهم غير المشروعة تحت مظلة الاقتصاد غير الرسمي، مما يستخدم كغطاء لأنشطة اقتصادية غير قانونية في مثل هذه الحالات.

ويطرح نائب رئيس الوزراء الأسبق على الحكومة خطوات لمواجهة تنامي نشاط الاتقصاد الموازي ،تبدأ بالاعتراف بوجود هذا الاقتصاد في الأردن، ومن ثم الذهاب نحو التخطيط لآليات احتسابه وتسجيله وحصره. ثم تنظيمه وإدخاله ضمن الحسابات القومية للدولة، داعياً إلى ضرورة تخفيف الإجراءات والتقليل من بيروقراطية العمل والاستثمار، ومن حجم الضرائب المفروضة، والتي تعتبر بمجملها المحفز الأساس لنمو الاقتصاد غير الرسمي.

الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور عدلي قندح، قال إن العديد من الجهات الدولية والمحلية الخاصة وبعض الأكاديميين قدروا حجم الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الأردني بطرق مختلفة، وذلك بحسب منهجية الطلب على العملة، أو من خلال تحليل الأسباب والمؤشرات المتنوعة، كما أن بعض الدراسات دمجت بين الطريقتين.

وأكد قندح أن الاقتصاد غير الرسمي هو واقع قائم في الدول جميعها، حيث لا يخلو أي اقتصاد من أنشطة اقتصادية غير منظمة تعمل دون تراخيص رسمية، وتُعفى من التسجيل في الحسابات الوطنية.

وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة وعدم كفاية الوظائف الرسمية، يعد الاقتصاد غير الرسمي مصدراً مهماً لفرص العمل وفق قندح، الذي أشار إلى أن هذا القطاع يوفر مرونة أكبر للأفراد في اختيار الأنشطة الاقتصادية والعمل في بيئات أقل تقييداً بالقوانين واللوائح.

من جهة أخرى، لفت قندح إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يعاني من نقص الشفافية، مما يصعب تتبع الأنشطة الاقتصادية بدقة. كما أن عدم تسجيل هذه الأنشطة يتسبب في فقدان الدولة لإيرادات ضريبية مهمة، مما يؤثر سلباً على الميزانية العامة.

ما العمل؟

يجاوب قندح أنه من أهم السياسات الممكن اتباعها، تحسين بيئة الأعمال من خلال تسهيل إجراءات التسجيل وتخفيض التكاليف المرتبطة ببدء الأعمال التجارية وتشجيع العاملين في الاقتصاد غير الرسمي على التسجيل من خلال تقديم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية المؤقتة، وتعزيز الحماية الاجتماعية من خلال توفير شبكات أمان اجتماعي للعاملين في القطاع غير الرسمي لزيادة شعورهم بالأمان والاستقرار علاوة على ضرورة رفع مستوى الوعي حول فوائد الانتقال إلى الاقتصاد الرسمي من خلال حملات تثقيفية.

أما عن أبرز منافع وجود الاقتصاد غير الرسمي من ناحية الخزينة، هو تخفيض الدعم، حيث يمكن أن يقلل الاقتصاد غير الرسمي من الضغط على برامج الدعم الاجتماعي من خلال توفير فرص العمل، وتخفيض التكاليف على صندوق المعونة الوطنية من خلال تقليل عدد الأشخاص المحتاجين للدعم المالي المباشر، أما أبرز سلبيات وجود قطاع غير رسمي في الاقتصاد، فهي فقدان الإيرادات الضريبية، فعدم تسجيل القطاعات غير الرسمية يؤدي إلى خسارة كبيرة في الإيرادات الضريبية، علاوة على غياب الشفافية والمساءلة يمكن أن يؤدي إلى مشكلات اقتصادية على المدى الطويل، بحسب قندح.

مدير عام دائرة الإحصاءات العامة الأردنية الدكتور حيدر فريحات، أكد أنه من المتوقع الإعلان عن نتائج نشاط الاقتصاد غير الرسمي بالربع الأول من العام المقبل.

وأضاف فريحات خلال جلسة حوارية مع عدد من الصحفيين، في وقت سابق، حول مشروع دعم نظام تجميع إحصاءات الحسابات القومية، أن نسبة إنجاز المشروع بلغت نحو 57%.

وبين أن المشروع يهدف إلى تطوير أرقام الحسابات القومية وقدرات العاملين عليها في الدائرة، بحيث تعكس هذه الحسابات أرقام الناتج المحلي الإجمالي ومساهمات القطاع غير الرسمي فضلاً عن توفير تفصيلات دقيقة للقطاعات الفرعية ضمن مكونات الناتج وفق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.

وحول خارطة الأنشطة غير الرسمية أوضح الفريحات، أنه جرى تحديد أكثر من 120 نشاطاً ومجالاً للتحسينات المستقبلية في مختلف القطاعات أبرزها؛ الزراعة، العقارات، التشييد والبناء، التجارة، الخدمات الشخصية، خدمات التعليم ورعاية الأطفال، خدمات الأعمال، خدمات النقل.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC