2023.. هل تلبي الجزائر شروط الانضمام إلى "بريكس"؟

علم الجزائر
علم الجزائر

مع رغبة جزائرية للانضمام لمنظمة "بريكس"، أقر رئيس البلاد "عبد المجيد تبون"، بضرورة تحقيق جملة من المطالب والشروط، تتضمن مواصلة الجهود في مجال الاستثمار، والتنمية الاقتصادية والبشرية، وأيضا الانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير، ورفع الناتج الداخلي الخام ما فوق 200 مليار دولار، إضافة إلى موافقة جميع دول البريكس على انضمام الجزائر.

و"بريكس" تكتل سياسي واقتصادي عالمي، يضم كلا من روسيا والبرازيل، والصين والهند وجنوب إفريقيا، ويعتبره مراقبون بمثابة منظمة موازية لمجموعة السبع التي تقودها أميركا.

ويمثل تكتل بريكس 41% من سكان العالم، و40% من مساحته و24% من الاقتصاد العالمي و16% من التجارة العالمية.

وتحاول دول بريكس زيادة نصيبها من التجارة العالمية، عبر ضم دول لها ثقلها التجاري والاقتصادي والبشري وأيضا من حيث المساحة.

وتمتلك الجزائر بعض المقومات التي تمثل إضافة لبريكس، فهي تعد أكبر بلد عربي وإفريقي من حيث المساحة، وكذلك أكبر مصدر للغاز الطبيعي في القارة السمراء، ورابع أكبر اقتصاد بها، وديونها الخارجية شبه معدومة، ما يمنحها استقلالية أكبر بصناعة القرار.

زيادة الصادرات

ووفق خطة حكومية، فإنه من المرجح، وصول صادرات الجزائر إلى 56.5 مليار دولار مع نهاية 2022، منها 49.5 مليار دولار صادرات النفط والغاز، ونحو 7 مليارات دولار صادرات خارج قطاع المحروقات، وفق وكالة الأنباء التركية.

ومع أن هذه الأرقام تمثل قفزة كبيرة في الصادرات الجزائرية، مقارنة بـ 2021، زيادة بنحو 17 مليار دولار، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز، وزياد الكمية المصدرة من الغاز ومن السلع خارج المحروقات، إلا أنها تمثل أقل من نصف صادرات جنوب إفريقيا، التي بلغت في 2021 أكثر من 121 مليار دولار.

وهو ما يوضح تأكيد الرئيس الجزائري "عبد المجيد تبون"، على زيادة حجم الصادرات، حيث دعا إلى مضاعفة إنتاج الغاز لبلوغ صادرات بـ 100 مليار متر مكعب سنويا في 2023.

فيما وضعت الحكومة الجزائرية هدفا، للوصول إلى 10 مليارات دولار صادرات خارج المحروقات في نفس العام، و15 مليار دولار في الأعوام المقبلة.

وبمعدل سنوي، تنتج الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، صدرت منه رقما قياسيا في 2022، بلغ 56 مليار متر مكعب، بينما استهلكت نحو 50 مليار متر مكعب، وتعيد ضخ نحو 30 مليار متر مكعب في الآبار للحفاظ على نشاطها.

ومن أجل الوصول لهذا الهدف، كثفت الجزائر من استثماراتها في قطاع المحروقات، وخصصت لها نحو 40 مليار دولار، وحققت اكتشافات هامة في 2022، من النفط والغاز، ودخلت في تعاون وشراكات مع شركات متعددة الجنسيات، على غرار "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية و"أوكسدونتال" الأميركية، لاستغلال حقول الغاز وزيادة الانتاج.

كما سرعت الجزائر الخطى لمضاعفة إنتاجها من الطاقات النظيفة، على غرار الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، والأمونيا الخضراء، بالشراكة مع عدة دول على غرار إيطاليا وألمانيا، بهدف توفير كميات أكبر من الغاز للتصدير، وأيضا تصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء إلى أوروبا مستقبلا.

كما سعت أيضا إلى تصدير الكهرباء لأوروبا، بالنظر إلى امتلاكها فائضا كبيرا منها قابلا للتصدير، إذ تنتج 25 ألف ميغاواط، بينما لا تستهلك في أوقات الذروة بالصيف سوى 17 ألف ميغاواط، ويتقلص هذا الرقم إلى 11 ألف ميغاواط في الشتاء.

كما تراهن الحكومة الجزائرية على رفع الصادرات خارج المحروقات، إلى 10 مليارات دولار في 2023، و15 مليار دولار في الأعوام المقبلة، بعدما نجحت نسبيا في رهان 5 و7 مليارات دولار في 2021 و2022 على التوالي.

ويعتمد مدى قدرة الجزائر للوصول إلى هذا الهدف، على وصولها إلى الأسواق الإفريقية، من خلال تسريعها العمل على شق طريق نحو موريتانيا، للوصول إلى أسواق غرب القارة السمراء، وكذلك تسريع الخط العابر للصحراء نحو أكبر كتلة سكانية في نيجيريا ووسط القارة السمراء.

وكذلك التحرك نحو فتح معارض لمختلف السلع الجزائرية، وأيضا فروع لبنوك في عدد من العواصم بالقارة السمراء.

وتنشيط الاستثمارات في قطاع المناجم، خاصة استخراج الفوسفات في شرق البلاد، والحديد بالجنوب الغربي والذهب والأتربة النادرة بأقصى الجنوب.

زيادة الناتج الداخلي الخام

انضمام الجزائر إلى منظمة "بريكس" تواجهه عقبات أخرى في ظل تواضع ناتجها الداخلي الخام، الذي بلغ 163 مليار دولار في 2021، وفق بيانات البنك الدولي، فيما بينما يبلغ الناتج الداخلي الخام لجنوب إفريقيا "أصغر اقتصاد في بريكس" 419 مليار دولار، أي مرتين ونصف ضعف الاقتصاد الجزائري.

وهو ما انتبه إليه  الرئيس الجزائري، حيث وضع تجاوز 200 مليار دولار ناتج داخلي خام، هدفا لدخول بريكس، وهو هدف ليس مستحيلا ولا صعبا، ولكنه مرتبط بمدى ارتفاع أسعار النفط والغاز بالدرجة الأولى.

وتجاوز الناتج الداخلي الخام للجزائر ما بين 2011 و2014، سقف 200 مليار دولار، حيث بلغ 213.8 مليار دولار في 2014، نتيجة لارتفاع أسعار النفط لتتجاوز سقف 100 دولار للبرميل، وزيادة إنتاج النفط الجزائري ليبلغ نحو 1.5 مليون برميل يوميا.

وإنتاج الجزائر حاليا من النفط في حدود مليون برميل يوميا، بالنظر إلى حصتها المحددة من "أوبك+"، والأسعار من المتوقع أن ترواح بين 70 و100 دولار للبرميل في 2023، وفق بعض التقديرات.

إمكانيات الجزائر الكبيرة من الغاز الطبيعي، تدفعها لتراهن على مضاعفة الإنتاج الذي يكثر عليه الطلب أوروبيا، لرفع ناتجها الداخلي الخام بزيادة نحو 37 مليار دولار في العام الواحد.

والجزائر تملك القدرة على تطوير مداخيلها من الخدمات، خاصة السياحة وتحويلات العمال من الخارج، من خلال تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة للأجانب، وفتح فروع بنكية في البلدان، التي تتواجد بها جالية جزائرية كثيفة.

موافقة دول التكتل

كما أن أحد شروط انضمام الجزائر إلى التكتل، ضرورة موافقة الدول الخمس، وإن كانت كل من الصين وروسيا أعلنتا موافقتهما على انضمام الجزائر عبر سفيريهما بالجزائر، فإن الرئيس "تبون" أكد موافقة جنوب إفريقيا أيضا.

جنوب إفريقيا تعد حليفا تقليديا للجزائر في الاتحاد الإفريقي، وكانت الجزائر استضافت على أراضيها الزعيم الجنوب إفريقي "نيلسون مانديلا" في 1962، عندما كان يخوض كفاحه ضد التمييز العنصري في بلاده، واستمر هذا التحالف التاريخي إلى اليوم.

وحول البرازيل، فإن عودة الرئيس اليساري "لولا دا سيلفا"، إلى السلطة يخدم مساعي الجزائر للانضمام إلى التكتل، خاصة وأنه تربطه بها علاقات طيبة منذ زيارته لها في 2006، خلال ولايته الرئاسية الأولى.

وأشار الرئيس الجزائري إلى هذا الأمر خلال لقائه مع الصحافة المحلية، مؤكدا أن البرازيل مع الانتخابات الجديدة التي فاز بها "لولا دا سيلفا" أعتقد أنهم موافقون.

لكنه لم يوضح موقف الهند لا سلبا ولا إيجابا، ما يعني على الأقل أن المفاوضات ما زالت متواصلة معها، لإقناعها بالموافقة، إلا أن "تبون" أكد مشاركته في قمة "بريكس" المقبلة نهاية 2023، بعدما سبق له وأن شارك في قمة بكين، التي جرت عبر الفيديو في 23 يونيو 2022.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com