وأظهر استطلاع لرويترز اليوم أن الاقتصاد المصري سينمو بوتيرة أبطأ من المتوقع سابقا مع تراجع الجنيه وتقلص القوة الشرائية نتيجة ارتفاع التضخم وتداعيات الحرب في غزة على المصادر الرئيسة للعملة الأجنبية في البلاد.
وبرزت تداعيات الحرب على غزة في انخفاض إيرادات قناة السويس وانخفاض توقعات السياحة، وهما أهم مصادر الدخل الأجنبي في مصر، وكذلك انخفاض قيمة الجنيه في السوق الموازية بنسبة تجاوزت 50% عن ما قبل الحرب.
وتعاني مصر من نقص الدولار منذ شهر مارس 2022، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت في خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في البلاد، وموجة التضخم العالمية، وتراجع الاحتياطي النقدي، ما دفع الحكومة لخفض سعر الجنيه مقابل الدولار 3 مرات، ليهبط نحو 50% في أقل من العام لمحاولة حل الأزمة.
وانخفضت إيرادات قناة السويس 40% على أساس سنوي في النصف الأول من يناير بعد الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر وتأثيرها على حركة الشحن في الممر البحري. كما أدت الحرب التي اندلعت في غزة في أكتوبر إلى تراجع توقعات السياحة.
وذكر بيتر دو بريز من أكسفورد إيكونوميكس في مذكرة للعملاء هذا الأسبوع أن مصر "تعرضت خلال التطورات الأخيرة لضربة شديدة من جوانب مختلفة وبصورة مباشرة لمصادر إيراداتها الرئيسة".
ومنذ أيام عدلت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لمصر من "مستقرة" إلى "سلبية"، مشيرة إلى المخاطر المتزايدة المتمثلة في استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد، وسط صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف.
وجاء متوسط توقعات النمو في استطلاع أجرته رويترز وشمل 14 اقتصاديا 3.5% في نهاية السنة المالية التي بدأت في الأول من يوليو الماضي ، نزولا من التوقعات السابقة لنفس العام عند 3.9% في أكتوبر، و4.2% في يوليو.
وأظهر الاستطلاع أن النمو سيرتفع إلى 4.15% في السنة المالية المقبلة 2025/2024، مع أن التوقعات جاءت أقل من 4.50% التي توقعها المحللون قبل ثلاثة أشهر فقط.
وبحسب بيانات البنك المركزي فقد تباطأ الاقتصاد المصري مسجلا نموا بـ 2.9% في الربع الثاني من عام 2023، مقارنة بمعدل نمو 3.9% في الربع الأول.
وبحسب التقرير الأخير للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي: "من المتوقع أن يستمر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في التباطؤ خلال العام المالي 2023-2024 مقارنة بالعام المالي السابق له، على أن يعاود الارتفاع تدريجيا فيما بعد".
وأشار متوسط التوقعات في الاستطلاع إلى أن الجنيه سيتراجع إلى 40 مقابل الدولار بحلول نهاية يونيو المقبل، وإلى 43 بحلول نهاية يونيو 2025.
وانخفض سعر الجنيه في السوق الموازية إلى نحو 61 للدولار من 39 جنيها قبل بدء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد حماس في غزة في أكتوبر.
وتوقع المشاركون في الاستطلاع أن يتراجع متوسط التضخم خلال السنة المالية الحالية إلى 30.80% قبل أن يتباطأ إلى 18.22% في 2024-2025.
وتضررت مصر -التي تعاني من ارتفاع مستويات الديون الخارجية- بشدة من الحرب في قطاع غزة المجاور، بالإضافة إلى الهجمات الأخيرة على سفن البحر الأحمر.
وتعثر برنامج قرض مصر بقيمة 3 مليارات دولار المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 بعد توقف الحكومة المصرية عن تمرين سعر الصرف، وتباطؤ التقدم في بيع بعض أصول الدولة ضمن برنامج الطروحات الحكومية.
وتواجه مصر ضائقة مالية معقدة تستوجب الحصول على تمويل بمليارات الدولارات لتغطية حاجاتها إلى التمويل، كما يتعين عليها أن تدفع أيضا مليارات الدولارات سنويا من الفوائد وأقساط ديون خارجية، بينما يطالب المقرضون الدوليون الحكومة المصرية بإصلاحات قاسية تشمل تعويم العملة المحلية وإنهاء الدعم للسلع الأساسية.