ويأتي تقديم هذه الخدمة النوعية للمستثمرين من الخارج ضمن جهود المملكة في سبيل تحقيق تطلعات القطاعات الاستثمارية المتناغمة مع رؤية السعودية 2030، الرامية إلى جذب المزيد من شرائح المستثمرين حول العالم، لتحسين بيئة الاستثمار وتسهيل بدء ممارسة الأعمال مع التركيز على جذب الاستثمارات النوعية الكبرى نظرًا لدورها الفعّال في تحريك عجلة الاقتصاد.
وتهدف تأشيرة زيارة الأعمال إلى إتاحة الفرصة للمستثمرين الأجانب ومنسوبي المنشآت الأجنبية، للتقديم على تأشيرة زيارة إلكترونية من خلال المنصة التابعة لوزارة الاستثمار "استثمر في السعودية" ليتم من خلالها معالجة الطلب وإصدار التأشيرة بشكل رقمي من المنصة الوطنية الموحدة للتأشيرات التابعة لوزارة الخارجية، دون الحاجة إلى مراجعة ممثليات المملكة في الخارج لأخذ السمات الحيوية، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس"، عن وكيل وزارة الاستثمار لخدمات المستثمرين المتكاملة محمد أبا حسين.
كما أوضح المسؤول السعودي، أن المستثمرين الأجانب يمكنهم الاستفادة من التأشيرة لمدة قد تصل إلى عام وبدخول متعدد، كما يمكنهم الحصول على التأشيرة بشكل فوري، وذلك لغرض زيارة المملكة والاطلاع على الفرص الاستثمارية التي تتمتع بها البلاد.
وأسهمت الحوافز الاستثمارية التي تقدمها السعودية للمستثمرين الأجانب، في انتعاش الاستثمارات الأجنبية في البلاد، حسبما يؤكد الدكتور محمد مكني أستاذ المالية والاستثمار بجامعة الإمام في السعودية.
وقال مكني، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إن قيام السعودية بتوفير تسهيلات وحوافز استثمارية للأجانب ومنها تأشيرة زيارة الأعمال، يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2023 التي تستهدف تعزيز عمل القطاع الخاص في المملكة، وتنويع الاقتصاد السعودي ليخرج من دائرة الاعتماد على النفط، ليصبح من ضمن الاقتصادات الكبرى لمجموعة العشرين.
وأضاف أن سياسات جذب المستثمرين الأجانب بدأت تجني ثمارها، حيث نما عدد الرخص الاستثمارية الصادرة في المملكة بنسبة 135.4% على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الجاري، ليسجل 2192 رخصة.
وأوضح أنه تم إصدار 5648 رخصة منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية الربع الثالث من 2023، كما أن عدد الرخص التي صدرت في الربع الثالث حققت نموًا كبيرًا بالمقارنة بالربعين الأول والثاني من 2023 بنسبة 34% و20.5% على التوالي.
وأكد الدكتور محمد مكني أن السعودية تمتلك مقومات اقتصادية كبيرة يمكن للقطاع الخاص استغلالها، تتمثل في انخفاض تكاليف الإنتاج، وتوافر موارد الطاقة بأسعار رخيصة، وتدشين العديد من مشروعات البنية التحتية الضخمة، ووجود طلب محلي كبير في الأسواق، فضلا عن اتساع رقعتها، وتعدد سواحلها.
وأشار إلى أنه في ظل التوسع في تقديم الحوافز الاستثمارية للأجانب، فإن العديد من القطاعات الاقتصادية بدأت تجذب الاستثمارات الخارجية خلال الأشهر الماضية، مثل قطاعات الصناعة والعقارات، والسياحة.
في الشهر الماضي، وقع صندوق الاستثمارات العامة السعودي اتفاقية مع شركة هيونداي موتورز الكورية الجنوبية، لإنشاء مصنع لإنتاج 50 ألف سيارة سنويًا باستثمارات تتجاوز مليار ريال.
وفي 27 سبتمبر الماضي، دشنت مجموعة "لوسِد جروب" منشأة "AMP-2" لإنتاج السيارات الكهربائية بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ؛ في إنجازٍ تاريخي للمملكة؛ والتي تعمل في المرحلة الأولى على تجميع 5,000 سيارة "لوسِد" سنوياً؛ وسط توقعات بإنتاج 155,000 سيارة كهربائية سنوياً؛ عند اكتمال مراحل المنشأة.
بدوره، قال الباحث والخبير الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري، إن السعودية تحاول جذب استثمارات واسعة النطاق في مختلف المجالات عبر توفير العديد من التسهيلات الاستثمارية، في إطار رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
وأشار الجبيري، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إلى أن الحكومة قدمت العديد من الحوافز للمستثمرين منها توفير مناخ الأعمال المناسب، وتطوير المنظومات التشريعية والقواعد المنظمة للاستثمار، وتقديم المعلومات الاقتصادية، والاستشارات القانونية، وتسهيلات ضريبية، وتذليل العقبات، وذلك بهدف التوسع في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأكد الخبير الاقتصادي السعودي أن المملكة حققت معدلات كبيرة في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث نجحت في استقطاب استثمارات مباشرة بقيمة 2.2 مليار دولار في الربع الأول من العام 2023، بزيادة 11% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، بالإضافة إلى نقل المقرات الرئيسية لـ 70 شركة عالمية إلى الرياض.
وارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية 22% إلى 33 مليار دولار في 2022 من 26.65 مليار دولار في 2021، ومن 17 مليار دولار في 2015، وفقا لبيانات أصدرتها وزارة الاستثمار السعودية.
كما شكل الاستثمار نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في عام 2022، وهي تتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 30% بحلول عام 2030.
وقبل يومين، أعلنت المملكة عن إنشاء مركز المناطق الاقتصادية الخاصة بمدينة الرياض؛ لتعزيز القدرة التنافسية للأعمال في الرياض، وتحويلها إلى مركز إقليمي رئيسي للشركات العالمية، وتعزيز أثرها الاقتصادي لتصبح ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم، والإسهام في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني.
كما أنشأت الحكومة السعودية هيئة خاصة لتسويق الاستثمار تعمل على تعزيز وتوحيد جهود القطاعين العام والخاص في هذا الشأن، وضمان وجود الركائز والدعائم اللازمة من برامج ومشروعات وحوافز لتشجيع وتسهيل الاستثمار بما يعود بالنفع على الاقتصاد السعودي.
كذلك أطلقت وزارة الاستثمار السعودية منصة "استثمر في السعودية" التي تعد بمثابة الهوية الوطنية الموحدة لتسويق الاستثمار في البلاد، وجرى تطويرها وإطلاقها بوصفها إحدى مبادرات تحقيق رؤية 2030 بهدف جذب استثمارات أجنبية بـ 4 تريليونات دولار بحلول العشر سنوات القادمة.
وتعمل المنصة السعودية على تسهيل عمل المستثمرين وتذليل المعوّقات أمام الاستثمارات الأجنبية التي تدعم النمو الاقتصادي بالمملكة، وتعزز دورها بوصفها أحد اللاعبين الرئيسيين في الاقتصاد العالمي.