ويعقد معظم الهنود قرانهم في الفترة ما بين نهاية مهرجان ديوالي الهندوسي (تاريخه ليس محدد ويأتي في الفترة ما بين منتصف سبتمبر ومنتصف نوفمبر تقريبًا) والأشهر القليلة الأولى من العام الجديد.
وتستمر حفلات الزفاف التقليدية لعدة أيام، وتتميز بطقوس متقنة وترفيه الضيوف بالموسيقى والملابس الملونة والطعام والحفلات التي تمتد حتى وقت متأخر من الليل.
ولذلك، يتوقع كومار راجاجوبالان، الرئيس التنفيذي لاتحاد تجار التجزئة في الهند، نموًا بنسبة 8 إلى11% في المبيعات، من نهاية نوفمبر الجاري إلى مطلع يناير 2024 (توقيت موسم الزفاف هذا العام)، عبر الصناعات المرتبطة بالإنفاق على حفلات الزفاف مثل المجوهرات والملابس والأحذية والملابس، وفقا لوكالة أنباء "بلومبيرغ".
وتستعد الهند لـ"موسم الزفاف" بنحو 3.5 مليون حفل زفاف مخطط له بين نهاية نوفمبر ومنتصف ديسمبر 2023، وفقا لبلومبيرغ. ويتوقع أن يصل إجمالي المبيعات خلال الفترة من 23 نوفمبر إلى 15 ديسمبر، حوالي 4.25 تريليون روبية (51 مليار دولار أميركي)، وفقًا لتقديرات اتحاد تجار الهند.
ويعتبر ارتداء الذهب وإهدائه أمراً ميموناً خلال فترة حفلات الزفاف، إذ تنفق الأسر الهندية حصة كبيرة من الميزانية على المجوهرات. وتعد الهند ثاني أكبر دولة مستهلكة للسبائك الذهبية في العالم، مع طلب سنوي يبلغ حوالي 800 طن، ويتم شراء أكثر من نصفه لحفلات الزفاف.
وسيستفيد تجار التجزئة مثل "تانيشك"، و"سينكو جولد"، و"تريبهوفانداس بهيمجي زافيري"، و"كاليان جويلري إنديا إل تي دي" من موجة الإنفاق الموسمية. وقال جيراج شيث، المستشار الرئيسي في شركة "ميتالز فوكاس" الرائدة في أبحاث المعادن الثمينة، إن المبيعات، خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، ستكون أفضل من العام الماضي.
ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار بسبب الحرب في غزة قد لا يؤثر على الطلب على مجوهرات الزفاف كثيرًا.
إحصائيا، بلغ حجم سوق الأحجار الكريمة والمجوهرات في الهند 85 مليار دولار أميركي، في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو بأكثر من 8% ويصل إلى 127 مليار دولار بحلول عام 2027، وفقا لموقع "ستاتيستا".
تتمتع الدولة الواقعة في جنوب آسيا بواحد من أسرع معدلات النمو للأفراد الذين تبلغ ثروتهم الصافية 100 مليون دولار أو أكثر، وينعكس ذلك في إنفاقهم على حفلات الزفاف، بحسب بلومبيرغ.
ووفقا لموقع "موني كنترول"، فإن الهند هي ثالث أكبر دولة في العالم يتواجد فيها أشخاص يملكون ثروات تبلغ أو تزيد عن 100 مليون دولار، ويقدر عددهم بـ1132 شخصا، 243 منهم يتواجدون في مدينة مومباي.
ويتوقع للهند أن تكون ثاني أسرع الأسواق نموًا لأصحاب الملايين خلال العقد المقبل بنسبة نمو 80%. فقط يسبقها فيتنام بنسبة 95%.
وعادة ما يتم تنظيم حفلات زفاف مشاهير بوليوود والعروض الشهيرة مثل "ميد إن هيفين" أو "إنديان ماتش مكينج"، خلال هذه الأيام، حيث يجري الإنفاق بصورة باذخة مع عروض مبهرة، بطريقة تجعل من الحفل يستحق النشر على منصة إنستغرام.
وقال منظم حفلات الزفاف نيراج كومار، مؤسس شركة "لو ماجنيفيك" ومقرها دلهي وجايبور: "لقد زادت الميزانيات (لحفلات الزفاف) بنسبة 10% إلى 20%، ولكن الأمر لا يتعلق فقط بإنفاق المزيد من الأموال".
وأضاف: "يشتري الناس ما هو شائع على وسائل التواصل الاجتماعي أو البرامج التلفزيونية، بدءًا من ملابس الزفاف الفريدة وحتى عبوات المواد الغذائية".
ووفقا لبلومبيرغ، يدفع التأثير المتزايد للمشاهير ووسائل التواصل الاجتماعي، العائلات لإنفاق المزيد على المخططين المحترفين لحفلات الزفاف، مما يعزز صناعة تبلغ قيمتها بالفعل 210 مليارات دولار.
ليس ذلك فحسب، بل يستلزم الاحتفال المثالي، بالنسبة للكثيرين، نقل العائلات والأصدقاء إلى وجهات ساحرة مثل حصون راجاستان أو شواطئ كيرالا وغوا، مما يزيد الطلب على الفنادق ورحلات الطيران.
وتعقيبا على ذلك، قال راجاجوبالان إنه من غير المستغرب أن تكون الطبقات المتوسطة والثرية هي التي تنفق أكثر من غيرها. وأضاف أن المستهلكين ينفقون اعتمادا على توقعاتهم للحياة المقبلة، وفي الوقت الحالي "يشعر الناس بأن المستقبل سيكون أفضل قليلا بالنسبة لهم جميعا".
إلى ذلك، وفي حديث لـ"إرم الاقتصادية"، قال الباحث الاقتصادي الهندي، ساكشي ياتيدار، إن "حفلات الزفاف الهندية تشتهر دائما بالدقة في التجهيزات والشعائر والطقوس، كما تنظر الأسر الهندية إلى حفلات الزفاف باعتبارها مناسبة تدعو للبهجة واستعراض الثراء".
وأضاف: "لذلك، تظهر الفخامة الشديدة في الحفلات الهندية مع الميل للتباهي الذي يلفت فعليا الأنظار من مختلف أرجاء العالم".
واستطرد باتيدار: "نحن نتحدث عن فاعليات تنعش المبيعات في الملابس والأحذية والحلويات والأواني الفخارية والفواكه الجافة والبقالة ومواد الديكور والسلع الكهربائية والإلكترونية وغيرها، فضلا عن إطار الفعاليات نفسه، والذي يشمل خدمات تقديم الطعام، والسفر، ومصوري الفيديو".
وأردف: "بالتالي، وفي مواجهة اقتصاد عالمي متوتر وعدم يقين اقتصادي للشركات ومقدمي الخدمات، يمثل هذا الموسم دفعة وازدهار في جميع أنحاء البلاد".