الهند.. 3 عوامل تعزز النمو الاقتصادي

علم الهند
علم الهند

يعني استمرار النمو السكاني في الهند وانخفاض عدد السكان في الصين أن نيودلهي تعتلي الآن العرش بوصفها الدولة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

وترى المحللة الأميركية الدكتورة جينيفر دابس سكوبا أنه لا يمكن استنتاج الكثير بشأن مستقبل الهند من حجم السكان فقط، ولكن الغوص بشكل أعمق في الديناميكية الديموغرافية يظهر أن قادة البلاد في حاجة للتحرك بسرعة لتحقيق الاستفادة الأكبر من التركيبة السكانية المواتية، وتعظيم فرصة البلاد لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

نمو عدد السكان

وقالت سكوبا، الباحثة رفيعة المستوى بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، إن تعداد سكان الهند اليوم الذي يبلغ مليارا و425 مليون نسمة أكبر أربع مرات تقريبا من العدد الذي كان يبلغ 361 مليون نسمة في إحصاء عام 1951 بعد تقسيم البلاد إلى دولتين (الهند وباكستان).

 وسوف تضع عقود من الخصوبة أقل من معدل الإحلال أي دولة على الطريق إلى الانكماش، ما لم تكن هناك هجرة إليها بأعداد ضخمة.

 وبدأ سكان الصين بالفعل في الانكماش، ولكن حتى مع معدل خصوبة منخفض، ينمو سكان الهند بمعدل مليون كل شهر، وسوف يظل الوضع على هذا الحال بعد منتصف القرن قبل أن تشهد الهند انخفاضا في عدد سكانها.

 وقالت سكوبا في التقرير الذي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، إن عدد سكان الهند في الحقيقة كبير للغاية لدرجة أنه سوف يدفع الكثير من الزيادة المتوقعة في النمو السكاني العالمي في الفترة ما بين الوقت الحالي ومنتصف القرن.

 وعندما يبلغ عدد سكان العالم تسعة مليارات نسمة في وقت ما حوالي عام 2037، سوف يكون مليار و600 مليون منهم هنودا.

هل الهند دولة شابة؟

 ولكن التركيبة العمرية لسكان الهند تتغير بشكل جذري، وسوف يبلغ متوسط العمر في الهند ما بين حوالي 33 و34عاما، بزيادة من 28 عاما في الوقت الحاضر و21 عاما عما كان في عام 1998.

 وتلك زيادة تبلغ 12 عاما على مدار خمسين عاما، وتعتبر ضئيلة بالنسبة لزيادات متوسط العمر على المستوى العالمي.

 وأضافت سكوبا أن الهند ستظل دولة شابة نسبيا لفترة قصيرة، وربما يجعل ذلك توفير فرص عمل في المستقبل أمرا أكثر سهولة.

 ومع ذلك فإنه في ظل هذا الوضع الديموغرافي، تتوفر لدى الهند الظروف لجني العائد الديموغرافي، والمتثمل في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستفادة من نسب أعلى من الأشخاص في سن العمل، إذا تم تطبيق السياسات الحكومية الصحيحة، مثل الاستثمارات في رأس المال البشري.

 وكما هو الحال في الصين، رأ زعماء الهند أن تحقيق نمو أقل للسكان شرط أساسي للتنمية الاقتصادية، ولكن على النقيض من الصين، لم تخصص الهند نفس القدر من الاستثمارات في رأس المال البشري لتحقيق تلك الأهداف.

تعظيم العائد الديموغرافي

 ويعني هذا عموما أن الهند تحتاج لضخ استثمارات جادة إذا كانت تريد تعظيم عائد ديموغرافي.

وتحتاج الهند إلى أن تسرع الخطى، فقد شهدت الدول الغربية تراجع معدل الخصوبة بسبب التنمية الاقتصادية، بينما كان تراجع معدلات الخصوبة في الهند نتيجة لبرامج تنظيم الأسرة.

 ويعنى ذلك أن وتيرة التغير الديموغرافي كانت أسرع، وأن فترة الفرصة التي يجب أن تجني فيها الهند العائد الديموغرافي أقصر.

 واستغرق نمو السكان الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 60 عاما من 15% إلى 30% أوروبا الغربية 75عاما، وسوف يستغرق نفس التحول 34 عاما فقط في الهند.

 وما زالت الهند دولة ريفية نسبيا، رغم أن المدن الهندية تنمو على نحو مطرد، وتعد دلهي واحدة من مدن العالم الأسرع نموا، ولكن التحضر (التمدن) في الهند بصفة عامة تخلف مقارنة بما هو متوقع بالنظر إلى وضع البلاد العالمي البارز.

وتقدر الأمم المتحدة التحضر في الهند بنسبة 33% فقط، وعلى النقيض تبلغ نسبة التحضر في الصين 65%، ويعد التحضر تاريخيا مؤشرا رئيسا للإمكانيات الاقتصادية لأنه يركز الخدمات والأفكار والوظائف، ولذا فإن نسبة التحضر المنخفضة للهند تضع سقفا لنموها الاقتصادي.

وتوقعت دراسة باستخدام بيانات حضرية حديثة، أن تنمو خمس مدن هندية رئيسة بمتوسط 1.5 إلى 2 مرة في العقد المقبل.

وتتوقع اللجنة الوطنية الهندية للسكان الوصول إلى أكثر من 38% مع حلول منتصف العقد المقبل، ولكن هذه النسبة ما زالت منخفضة جدا، ولذلك، تحظى الهند بإمكانية مرتفعة للنمو الحضري، ولكنها إمكانية بعيدة جدا عن المعدل المطلوب.

وبسبب الفروق في معدلات الخصوبة والهجرة الداخلية بين الشمال والجنوب، تعد الهند دولة شابة وهرمة في الوقت نفسه، وهي صورة مصغرة للانقسام الديموغرافي العالمي.

وتعاني الولايات الشمالية في الهند من الأمية ووضع صحي سيئ، بينما في الجنوب تجد ولاية كيرالا بالفعل صعوبة في توفير أطقم للعمل في دور المسنين، ومن الصعب تحديد أولويات السياسة عندما يتعين على البلاد أن تعالج قضيتين مختلفتين اختلافا كبيرا بشأن السكان في نفس الوقت.

تعليم النساء

وتلتحق النساء الهنديات بالتعليم العالي بمعدلات أعلى من الرجال الهنود، ولكن اقتصاد الهند مازال يسيطر عليه الرجال، ولكي تعظم الهند من النمو الاقتصادي، فإنها تحتاج إلى تنسيق أفضل بين المهارات والوظائف.

وتضع ديناميكيات السكان في الهند الأساس لمستقبل البلاد، ولكن ليس هناك أي ضمان بأن نموا أبطأ ومتوسط عمر مرتفعا سوف يُترجمان إلى نمو اقتصادي قوي، وبالمثل، ليس هناك أي ضمان بأن نموا أبطأ سوف يؤدي إلى بيئة أنظف وأكثر استدامة.

الأهداف البيئية

واختتمت سكوبا تقريرها بالقول إنه إذا ما سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن المليار و400 مليون شخص في الهند سوف يرون مستويات معيشة آخذة في الارتفاع على مدار العقود المقبلة.

ويمكن أن تكون الهند نموذجا لطريق أكثر اخضرارا للاقتصاديات الأكثر شبابا وديناميكية في أفريقيا والتي سوف تحذو حذوها على الطريق الديموغرافي.

ويمكن أن تدعم الأهداف البيئية الأهداف الاقتصادية أيضا، إذا تضمنت استثمارات في أسواق العمل والصناعات الخضراء.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com