وتجلت أبرز صور الأزمة في هبوط قيمة الدينار الليبي بالسوق الموازية، وارتفاع أسعار السلع مع شح السيولة النقدية في المصارف التجارية، وهو أمر أرجع إلى زيادة الإنفاق العام من قبل حكومة طرابلس، بحسب تصريحات سابقة لرئيس مجلس النواب، ومحافظ البنك المركزي.
وما زاد الخلاف، إصدار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، قبل أيام، قرارا بفرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 27% لكل الأغراض، حتى نهاية العام الجاري 2024، وذلك تلبية لاقتراح المحافظ، وتصديقا على موافقة لجنة المالية بالمجلس.
وبحسب القرار، ستضاف نسبة 27% لسعر صرف الدينار الحالي مقارنة بالعملات الأجنبية، مع إمكانية تخفيضه حسب ظروف إيرادات الدولة، وشرط توجيه إيرادات الضريبة لمشروعات التنمية أو سداد الدين العام.
القرار رفضه الدبيبة، مؤكدا أنه "يؤثر على معيشة الليبيين وستكون له آثار سلبية يتحمل تبعاتها المواطنون"، نافيا الأنباء التي تشير إلى تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد وإفلاسها، وقال إنها "شائعات".
واليوم السبت، أبدى المجلس الأعلى للدولة في ليبيا رفضه الإجراءات التي اتخذها محافظ مصرف ليبيا المركزي بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب، والقاضية بفرض 27% من الرسوم على سعر بيع العملة الأجنبية.
وقال المجلس إن هذا التصرف "مخالفة صريحة للتشريعات النافذة، باعتبار صدوره عن غير مختص"، وشكك في كونه "خطوة لتغذية الصراع السياسي، ومحاولة لتوظيف خلافات الأطراف السياسية وتأجيجها"، وذلك "في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد لمساحة من الهدوء للتسوية والقيام بمعالجات جادة، على مختلف الصعد، وبخاصة منها الجانب الاقتصادي"، على حد وصفه.
كما اعتبر البيان أن تجاهل مجلس الدولة وتجاوزه في مثل هذه الظروف "أمر لا يمكن القبول به أو السكوت عنه، ومسألة ذات صلة وثيقة بالتفسير الخاطئ لجوهر نصوص الاتفاق السياسي والتأويل القاصر لطبيعة مهمة وحدود أدوار أطراف هذا الاتفاق".
كما رفض المجلس تحميل المواطن تبعات العجز والخلل الذي وصفه محافظ المصرف المركزي بأنه "إنفاق مواز مجهول المصدر".
وقال في هذا الشأن إن "المؤشرات تدل على أن هناك خرقا في منظومة حماية العملة الوطنية. وهذا أدى إلى طباعة كميات كبيرة من العملة المزورة أودعت عنوة ببعض المصارف وتحولت إلى السوق لتلتهم كميات من العملة الأجنبية، مما زاد في ارتفاع سعرها، ونقل عبء تحمله للمواطن، وقد كان إلزاما على المصرف المركزي أن يتخذ خطوات عملية في نطاق اختصاصه ومسؤوليته ، لمنع هذه الجريمة، وإبلاغ الجهات المختصة عنها حال تفطنه لوقوعها".
وبين المجلس أن معالجة مثل هذه المسائل "ينبغي ألا تتم بإجراءات مستعجلة ودون دراسة من ذوي الاختصاص"، واستنكر إلزام المواطنين بتوقيع تعهدات تقضي بعدم المطالبة باسترداد قيمة الرسوم، معتبرا أن هذا يعد "إكراها غير مشروع ولا مسبوق، ومصادرة لحق التقاضي، ومخالفة صريحة للحقوق الأساسية والحريات الدستورية".
وطالب المجلس رئيس مجلس النواب ومحافظ المصرف المركزي بضرورة إلغاء ما تم من إجراءات ومعالجة أساس المشكلة بمعايير مهنية علمية سليمة وفي إطار القانون وحدود الاختصاص.