وول ستريت
وول ستريتGetty

حرب المسيّرات.. اختبار صعب لـ"إمدادات الدفاع"

مجموعة باتريوت تكلف مليار دولار
يسلط الهجوم الإيراني على إسرائيل، الضوء على الطلب المتزايد على الصواريخ الاعتراضية، والانتظار الطويل للحصول عليها.

وكان التصدي شبه الكامل لوابل المسيّرات والصواريخ الإيرانية، ضد إسرائيل يوم السبت، بمثابة نجاح لأنظمة الدفاع الجوي، ولكن جاء أيضاً بمثابة تذكير، بأن الأسلحة القادرة على اعتراض هذا النوع من الهجمات غير متوافرة.

تحركت الدول في جميع أنحاء العالم، لتعزيز دفاعاتها الجوية في السنوات الأخيرة، مدفوعة بالحرب الروسية على أوكرانيا، والمخاوف بشأن التوترات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتجدد الصراع في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن الشركات التي تنتج أنظمة الدفاع الجوي، تكافح من أجل تلبية الطلب المتزايد، وتواجه البلدان التي تطلب هذه التكنولوجيا، فترات انتظار طويلة وتكاليف مرتفعة.

وبعد سنوات من نقص الاستثمار، أدى التدافع العالمي على الصواريخ، لتأخير التسليم لحوالي عامين أو أكثر، خصوصاً بعض صواريخ الدفاع الجوي الاعتراضية. ويساهم نقص بعض المكونات، مثل محركات الصواريخ، في هذا التأخر.

وقال جون هيل، نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الفضاء والدفاع الصاروخي، للمشرعين الأسبوع الماضي: "أشعر بالقلق لأننا أخذنا استراحة بعض الشيء والآن نحاول اللحاق بالركب".

عادة ما تستغرق أنظمة الدفاع الجوي - والصواريخ التي تطلقها - وقتاً طويلاً لتصنيعها، وغالباً ما تكلف أكثر بكثير من الأهداف التي تهدف إلى إسقاطها، خاصة في حالة الطائرات بدون طيار. ويشكل احتمال وجود أسراب من الطائرات الصغيرة بدون طيار، تحديات إضافية لمعدات اليوم، ولا تزال التقنيات الجديدة لمعالجة هذه التهديدات المتطورة قيد التطوير.

برز الهجوم الإيراني على إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع، بسبب حجمه الهائل، أكثر من 120 صاروخاً باليستياً، وأكثر من 30 صاروخ كروز، وحوالي 170 طائرة بدون طيار. وقال مسؤولون أميركيون كبار، إن الإسرائيليين اعترضوا معظم الصواريخ الباليستية باستخدام أنظمة الدفاع الجوي من طراز "آرو"، بينما أسقطت القوات الأميركية ما بين أربعة إلى ستة صواريخ، ومعظم الطائرات بدون طيار، رغم أن الطائرات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية دمرت بعضها.

ونجح التصدي للقصف الإيراني بسبب نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المتطور، والمساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء. لكن محللي الدفاع يقولون إن إسرائيل ستواجه على الأرجح صعوبات إذا واجهت موجات عديدة من الهجمات، مثل تلك التي شهدتها أوكرانيا خلال أكثر من عامين من حربها مع روسيا.

وقال توم كاراكو، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث أميركي: "يبدو أن أداء إسرائيل كان جيداً، لكن الجانب السلبي هو أنه تم استخدام عدد كبير من الصواريخ الاعتراضية في هذه العملية". "من المؤكد أن الضغوط على المخزون ستكون مشكلة للجميع."

وعلى مدى العامين الماضيين، اعتمدت أوكرانيا إلى حد كبير، على المعدات التي قدمها الغرب لاعتراض أكثر من 2000 صاروخ باليستي، وصواريخ كروز وأنواع أخرى من الصواريخ، بالإضافة إلى حوالي 5500 طائرة بدون طيار إيرانية التصميم. ومع ذلك، فإن معدلات الاعتراض في كييف آخذة في الانخفاض مع نفاد الصواريخ لديها.

هذا الأسبوع، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لشبكة "بي بي إس" (PBS)، إن روسيا تمكنت من تدمير محطة كهرباء رئيسية مؤخراً بسبب نقص مخزون القوات العسكرية في كييف للدفاع عنها. أطلقت روسيا 11 صاروخاً، ولم يكن لدى أوكرانيا سوى سبعة فقط للتصدي لها.

ومع ذلك، لم يعد لدى الغرب كميات كبيرة من الصواريخ وأنظمة الدفاع لتقديمها لأوكرانيا. وهناك بالفعل قائمة انتظار طويلة لصواريخ باتريوت، المصممة لإسقاط الصواريخ الباليستية. وعلى سبيل المثال، طلبت سويسرا خمس بطاريات باتريوت في عام 2022، لكن الأمر سيستغرق ست سنوات، قبل وصول أول بطارية وعام آخر قبل تشغيلها.

منظومة باتريوت بمليار دولار

كما أن الأنظمة ليست رخيصة، حيث تبلغ تكلفة كل بطارية باتريوت، التي يمكن تسليحها بـ 32 صاروخاً، حوالي مليار دولار.

وقدرت تكلفة اعتراض إسرائيل لنحو نصف الصواريخ الإيرانية في نهاية هذا الأسبوع بنحو 2.1 مليار شيكل إسرائيلي، أو أكثر من 550 مليون دولار، وفقاً ليهوشوا كاليسكي، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث مقره تل أبيب.

ويخشى المسؤولون الغربيون أن ترتفع التكاليف، حيث يتعين عليهم إسقاط مسيرات أرخص، بصواريخ تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وسوف تزيد هذه التكلفة إذا استخدم الخصوم أسراباً من هذه المركبات الجوية بدون طيار.

وتستخدم روسيا هذه الاستراتيجية بالفعل، حيث تطلق طائرات بدون طيار بعيدة المدى، على المدن الأوكرانية لإهدار صواريخ الدفاع الجوي الأوكرانية المتفرقة. ويشكو الضباط الأوكرانيون من افتقارهم إلى المعدات اللازمة، لاحتواء الوابل المستمر من الطائرات بدون طيار على خط المواجهة.

يقول مسؤولو البنتاغون إنهم يريدون زيادة إنتاجهم من الدفاعات المضادة للطائرات بدون طيار بشكل كبير، وهو اعتراف بأن إطلاق صواريخ بملايين الدولارات، لإسقاط جسم لا يكلف سوى آلاف الدولارات أمر غير مستدام.

وقال كريس بروس، كبير مسؤولي الإستراتيجية في شركة ""أندوريل إندستريز" (Anduril Industries)، للصحفيين، في اجتماع عقد مؤخراً للكشف عن الطائرة الاعتراضية الجديدة للشركة: "لا يمكن تدمير الطائرات بدون طيار الرخيصة، إذا لم يكن لديك طائرات اعتراضية رخيصة الثمن".

المسيرات الصغيرة أصعب من الكبيرة

تمثل الطائرات الصغيرة بدون طيار، والتي لعبت دوراً أكبر في أوكرانيا، تحديات فريدة لأنظمة الدفاع التقليدية.

ويضيف أديتيا ديفاراكوندا، الرئيس التنفيذي لشركة "ديدرون" (Dedrone)، وهي شركة ناشئة تعمل على بناء تكنولوجيا دفاعية ضد الطائرات المسيرة عن طريق التشويش: "الطائرات الأصغر يصعب إيقافها أكثر من الأكبر حجماً"، "يمكنك رؤية الجمل من مسافة بعيدة، ولكن ربما ليس الفأر". "إن إمكانية الاكتشاف مشكلة كبيرة جداً."

القوات الأميركية تعتمد إلى حد كبير على نظام الدفاع الصاروخي "إيجيس" المتمركز على السفن، لحماية سفنها والشحن التجاري في البحر الأحمر، بالإضافة إلى نظام "فالانكس"، الذي يستخدم المدافع الرشاشة لتفجير المسيرات القادمة.

ويوضح مسؤولون عسكريون وصناعيون، أنه لا يوجد حتى الآن حل تقني جيد لمواجهة سرب من المسيرات الرخيصة.

وتختبر الولايات المتحدة وإسرائيل، الآن، أنظمة دقيقة وموجهة بالليزر ومضادة للمسيّرات، طورتها شركات خاصة، والتي توفر القدرة على الاستمرار في إطلاق النار طالما كانت لديها الطاقة. وهذا من شأنه، من الناحية النظرية، أن يسمح للنظام بالمساعدة في إسقاط سرب من المسيّرات دون نفاد الذخيرة.

تقول "إبيروس" (Epirus)، وهي شركة أميركية ناشئة متخصصة في أسلحة الموجات الدقيقة عالية الطاقة، إنها يمكن أن تقدم بعض أنظمتها بحلول الصيف إذا أعطى الجيش الأميركي الضوء الأخضر. كما تمتلك وحدة "رايثيون" (Raytheon) التابعة لمجموعة "آر تي إكس" (RTX)، إحدى أكبر شركات الدفاع الأميركية، عقداً عسكرياً أميركياً لأنظمة مضادة للطائرات بدون طيار، يعمل بالموجات الدقيقة، ومن المقرر تسليم النماذج الأولية في العام المقبل.

لم يتم اختبار هذه الأنظمة الجديدة في المعركة، وهي محدودة النطاق، لكن المدافعين عن التكنولوجيا يقولون إنها توفر أفضل دفاع ضد أسراب المسيّرات.

وقال توماس هندريكس، مستثمر في رأس المال المغامر (VC) لدى مجموعة (Decisive Point Group)، وضابط سابق في القوات الخاصة بالجيش الأميركي: "في الصراعات المستقبلية، من المرجح أن تتطلب أنظمة الطائرات المضادة للمسيرات، أنظمة كثيفة الاستخدام للطاقة وموجهة، أو أسلحة ليزر حتى تتمكن من القيام بذلك".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com