مع تصاعد المخاوف من انفجار محتمل لفقاعة الديون العالمية، تتجه أنظار المستثمرين في منطقة الخليج إلى خيارات استثمارية أكثر أمانًا لتحصين ثرواتهم من تقلبات الأسواق العالمية. فارتفاع مستويات الديون السيادية والشركات في كبرى الاقتصادات الغربية يثير القلق من أزمة مالية قد تمتد آثارها إلى الأسواق الناشئة والاقتصادات المرتبطة بالدولار، ومن بينها اقتصادات الخليج.
رغم الانكشاف النسبي على الاقتصاد العالمي، تبدو دول الخليج العربي في موقع أفضل نسبيًا من أوروبا والولايات المتحدة من حيث الاستقرار المالي. فمستويات الدين العام في معظم دول الخليج لا تزال منخفضة مقارنة بالاقتصادات الغربية، كما أن الاحتياطيات النقدية السيادية الكبيرة، خاصة في السعودية والإمارات وقطر، تمنح هذه الدول قدرة أكبر على امتصاص الصدمات.
بالإضافة إلى ذلك، يتمتع القطاع المصرفي الخليجي بصلابة واضحة، بفضل اللوائح التنظيمية الصارمة وسجل جيد في إدارة المخاطر. كما أن ارتباط العملات الخليجية بالدولار يمنحها استقرارًا نقديًا في مواجهة تذبذب العملات الأخرى.
يرى محللون أن الذهب سيظل أحد أبرز الملاذات الآمنة في حال تصاعد التوترات المالية، خاصة مع تراجع الثقة في أدوات الدين العالمية. ويُرجّح أن تشهد أسعار الذهب ارتفاعًا حادًا نتيجة الإقبال على التحوّط من التضخم وانخفاض قيمة الأصول الأخرى.
إلى جانب الذهب، تبقى العملات الخليجية المرتبطة بالدولار، وعلى رأسها الريال السعودي والدرهم الإماراتي، من أكثر الخيارات استقرارًا في المنطقة، مدعومة باحتياطيات نقدية ضخمة وسياسات نقدية حذرة.
في مواجهة اضطراب الأسواق المالية، يبرز القطاع العقاري في الخليج كخيار بديل، لا سيما في المدن التي تشهد نموًا سريعًا مثل الرياض ودبي. إلا أن خبراء يحذّرون من المضاربة العشوائية، وينصحون بالتركيز على العقارات المدرة للدخل، خاصة في القطاعات السكنية والتجارية ذات الطلب المرتفع.
من جهتها، تظهر المصارف الخليجية الكبرى مرونة مالية قوية بفضل معدلات كفاية رأسمال مرتفعة وإشراف رقابي مشدد. وينصح مراقبون بتوجيه جزء من المحافظ الاستثمارية نحو الودائع البنكية في مؤسسات ذات تصنيفات ائتمانية عالية، مع الاستفادة من أسعار الفائدة الجذابة مقارنة بالأسواق المتقدمة.
يشدد خبراء على أن تنويع الأصول بين ذهب، عقارات، ودائع، وربما بعض الأدوات المالية المرتبطة بأسواق المنطقة، يمكن أن يشكل درعًا واقيًا للمستثمرين الأفراد والمؤسسات من الصدمات الاقتصادية المرتقبة.
وفي ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل الأسواق العالمية، يبدو أن الاستثمارات المتحفظة والمدروسة داخل الخليج ستكتسب جاذبية أكبر، خاصة في ظل التزام الحكومات الخليجية باستقرار اقتصاداتها وتوجيه السياسات المالية نحو النمو المستدام.