في ظل اضطراب الأوضاع الاقتصادية العالمية وارتفاع معدلات التضخم في عدد من الاقتصادات الكبرى، يتزايد اهتمام الأفراد والمستثمرين بالبحث عن دول توفر بيئة مصرفية آمنة ومجزية لإيداع الأموال. ويُعد الاختيار بين هذه الدول عملية دقيقة تعتمد على توازن ثلاثة عوامل رئيسة: معدل الفائدة الحقيقي، ومستوى التضخم، والمخاطر السياسية والمالية.
تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أن الولايات المتحدة لا تزال من الوجهات الأكثر جذباً للمودعين، حيث يوفّر النظام المصرفي الأميركي عائداً اسمياً يبلغ نحو 5.25%، بينما يتراوح معدل التضخم بين 3% و3.5%، ما يعني أن العائد الحقيقي على الإيداع يبقى إيجابياً. وبالإضافة إلى الاستقرار السياسي والمالي، يُعد الدولار الأميركي عملة موثوقة لحماية القيمة على المدى الطويل.
أما المكسيك فتتصدر قائمة الدول ذات العوائد المرتفعة، إذ تبلغ الفائدة الرسمية نحو 11%، مقابل تضخم يبلغ 4.5%، ما يمنح المودعين فائدة حقيقية تفوق 6%. وعلى الرغم من هذا العائد الجذاب، إلا أن المكسيك تصنّف ضمن الأسواق الناشئة، ما يعني احتمال تعرض رأس المال لمخاطر تقلبات في أسعار الصرف والوضع السياسي.
وتبرز البرازيل أيضاً كوجهة مربحة للمودعين، بعوائد مصرفية تدور حول 10.5%، وتضخم بحدود 3.7%، لكنها كغيرها من الاقتصادات النامية، تعاني من بعض المخاطر المرتبطة بالاستقرار السياسي وسعر صرف العملة المحلية، ما قد يحدّ من جاذبية الإيداع طويل الأجل.
في المقابل، تُعد سويسرا من الوجهات الآمنة تقليدياً لإيداع الأموال، لكنها لا توفر عوائد مرتفعة، حيث تبلغ الفائدة أقل من 2%، في حين يظل التضخم تحت السيطرة. ويُقبل المستثمرون على النظام المصرفي السويسري عادة من أجل حماية رؤوس الأموال وليس لتعظيم العائدات.
في منطقة الخليج، تُعد الإمارات العربية المتحدة خياراً مفضلاً للكثير من المودعين العرب، إذ تستفيد من ربط الدرهم بالدولار الأميركي، مع فائدة مصرفية اسمية توازي معدلات الفائدة الأميركية، واستقرار اقتصادي ونظام مالي متقدّم. ومع تضخم معتدل لا يتجاوز 3%، تحتفظ الدولة بجاذبيتها كوجهة موثوقة لإيداع الأموال بعملات مستقرة.
ويخلص محللون إلى أن أفضل الدول لإيداع الأموال تختلف باختلاف أهداف المودعين؛ فبينما يفضل البعض الأمان والاستقرار في دول مثل الولايات المتحدة وسويسرا والإمارات، يفضّل آخرون العائد المرتفع في دول مثل المكسيك والبرازيل، رغم ما يرافقها من مخاطر.