logo
اقتصاد

احتكار المعادن النادرة.. سلاح الصين الجديد في الحرب التجارية

احتكار المعادن النادرة.. سلاح الصين الجديد في الحرب التجارية
علم الصين بجانب عناصر الغاليوم والجرمانيوم في الجدول الدوري، في 6 يوليو 2023.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:17 ديسمبر 2024, 04:11 م

بعثت الصين رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة بأنها مستعدة لاستخدام احتكارها للمعادن النادرة والاستراتيجية كأداة ضغط في المفاوضات التجارية، وذلك حتى قبل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وتشكل هذه الخطوة، بحسب تقرير لموقع «ماركت ووتش»، أحدث فصول الحرب التجارية المستمرة بين البلدين، مما يعزز سيطرة الصين على المواد الأساسية المستخدمة في التقنيات المتقدمة، مثل رقائق الكمبيوتر والتطبيقات العسكرية.

يسلط هذا الإجراء الضوء على القوة المتزايدة للصين في التجارة العالمية، خاصة فيما يتعلق بالمعادن الأساسية المستخدمة في صناعات حيوية كأشباه الموصلات، والبطاريات، ومعدات الدفاع.

وحذر مارك ويليامز، خبير إدارة المخاطر وأستاذ التمويل في جامعة بوسطن، من أن الأسواق العالمية غير مستعدة لتداعيات القيود الصينية الأخيرة على الصادرات.

وقال في تصريح لـ«ماركت ووتش»: «مع السيطرة الاحتكارية على العناصر الأرضية النادرة والمعادن الاستراتيجية الأخرى ووجود بدائل محدودة، فإن التصنيع في الولايات المتحدة يواجه خطر تفاقم الحرب التجارية بسبب الرسوم الجمركية».

في وقت سابق من الشهر الحالي، فرضت الصين حظراً على تصدير العديد من المواد الحيوية، من بينها الغاليوم، والجرمانيوم، والأنتيمون، وهي معادن تُستخدم في تصنيع أشباه الموصلات والتقنيات الدفاعية. جاء هذا القرار رداً على قيود فرضتها الولايات المتحدة على صادرات مرتبطة بأشباه الموصلات، وفقاً لوكالة أنباء «أسوشييتد برس».

ورغم أن الصين لم تحظر بعد تصدير العناصر الأرضية النادرة بالكامل، فإن لهذا الإجراء تداعيات واسعة النطاق.

وأوضحت لويزا مورينو، رئيسة شركة «ديفينس ميتالز» المتخصصة في استكشاف المعادن النادرة، أن هذه المعادن تُعد ضرورية لصناعة أشباه الموصلات، وأن الحظر قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مما يؤثر على شركات تصنيع الرقائق ويرفع تكاليف الإلكترونيات.

وأضافت مورينو أن القيود الصينية لم تشمل جميع العناصر الأرضية النادرة، لكنها تضمنت مواد حيوية أخرى تُستخدم في تطبيقات عسكرية محتملة. ومع ذلك، قد تؤثر هذه القيود على سلاسل الإمداد المتعلقة برقائق أساسية تُستخدم في قطاعات السيارات والحواسيب المحمولة، مما يؤدي إلى تأثيرات غير مباشرة على الصناعات التي تعتمد على هذه التقنيات. 

أبعاد جديدة للحرب التجارية

تشير أفعال الصين إلى ظهور العديد من «الممارسات الجديدة» في الحرب التجارية التكنولوجية، وفقاً لغراسيلين باسكاران، مديرة برنامج أمن المعادن الحرجة في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، وميريديث شوارتز، الباحثة المشاركة في البرنامج.

أخبار ذات صلة

لماذا يعيد ترامب إشعال الحرب التجارية مع كندا والمكسيك والصين؟

لماذا يعيد ترامب إشعال الحرب التجارية مع كندا والمكسيك والصين؟

للمرة الأولى، تستهدف القيود الصينية على الصادرات الولايات المتحدة بشكل محدد، بدلاً من تطبيقها على الدول جميعها. كما أن هذه القيود تأتي كرد مباشر على الإجراءات الأميركية التي تستهدف التقنيات المتقدمة. وأوضحت المؤلفتان أن أمن المعادن الأساسية بات الآن مرتبطاً بشكل وثيق بالصراع التجاري المستمر.

وفيما يخص الاستعدادات العسكرية، أشارت باسكاران وشوارتز إلى تفوق الصين الكبير على الولايات المتحدة في امتلاك أنظمة أسلحة متطورة وذخائر. وذكرتا أن الصين تعمل في «وضع حرب»، بينما تستمر الولايات المتحدة في «وضع سلام».

من جهة أخرى، من المتوقع أن تصبح سياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن التجارية تجاه الصين أكثر تعقيداً وصعوبة تحت قيادة ترامب، وفقاً لما أشار إليه ويليامز.

تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية، بما في ذلك مقترحاته بفرض رسوم جمركية قاسية على الصين، مهدت الطريق لاتخاذ تدابير انتقامية من الجانب الصيني، الذي يتمتع بميزة استراتيجية من خلال سيطرته على إمدادات المواد الحيوية.

وأضاف ويليامز أن الصين قد تلجأ إلى فرض المزيد من القيود المستهدفة على المواد الأساسية التي تعتمد عليها الصناعة الأميركية، مثل العناصر الأرضية النادرة والليثيوم والجرافيت.

ثغرات في سلاسل الإمداد

مع تصاعد التوترات، توقع التقرير أن تكون لإجراءات كلا البلدين تداعيات كبيرة على سلاسل الإمداد العالمية. ومن المحتمل أن يرتفع الطلب على المعادن الاستراتيجية، بما في ذلك العناصر الأرضية النادرة، مدفوعاً بصناعات مثل أشباه الموصلات، والبصريات والليزر، والإلكترونيات الاستهلاكية.

أخبار ذات صلة

سيناريوهات بديلة للحرب التجارية.. هل تنقذ لاغارد أوروبا؟

سيناريوهات بديلة للحرب التجارية.. هل تنقذ لاغارد أوروبا؟

وحذر ويليامز من أنه ما لم تتمكن مصادر بديلة، مثل تلك الموجودة في أستراليا، من سد فجوة الإمداد، فإن أسعار العناصر الأكثر طلباً سترتفع. وعلى الرغم من الجهود المبذولة للبحث عن موردين بديلين، إلا أن الهيمنة الصينية لا تزال غير قابلة للمنافسة، حيث كافحت الدول الأخرى لتطوير بدائل كافية لتلبية الطلب العالمي.

وترتبط هيمنة الصين بجوهر استثمارها المبكر في هذه الصناعات، مستفيدة من ظروف العمل والبيئة المواتية. وقالت مورينو: «فهمت الصين أهمية هذه المعادن في وقت مبكر، وكانت جهودها لتطوير هذا القطاع تستغرق عقوداً من الزمن».

في المقابل، اعتمدت الولايات المتحدة على هيمنة سلسلة الإمداد الصينية، وكانت جهودها لاستعادة الاستقلالية، مثل تقديم المنح والقروض لشركات التعدين، تركز في الغالب على العمليات اللاحقة مثل التكرير وإعادة التدوير.

ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة في محاولاتها لتقليل اعتمادها على سلاسل الإمداد الصينية. إذ تعرقل عمليات تطوير مشاريع التعدين، بسبب إجراءات الترخيص الطويلة، التي غالباً ما تستغرق أكثر من سبع سنوات، والحاجة إلى تقنيات تنافس الإنتاج منخفض التكلفة في الصين.

تداعيات السوق والتوقعات المستقبلية

تشهد أسواق العناصر الأرضية النادرة والمعادن الاستراتيجية تقلبات متزايدة، مما يؤدي إلى تكثيف التكهنات بين المستثمرين وتأثيرات جيوسياسية.

وأشار ويليامز إلى أنه، على عكس أسواق النفط، توجد أدوات تداول محدودة للمستثمرين للتعبير عن تفضيلاتهم بشأن هذه المواد الحيوية.

علاوة على ذلك، وبما أن هذه المواد غالباً ما يتم استخراجها كمنتجات ثانوية للمعادن الأساسية الأخرى، فإن سيطرة الصين تمتد إلى ما هو أبعد من العناصر الأرضية النادرة وحدها.

وتابع ويليامز أنه «بينما على الولايات المتحدة الحفاظ على التجارة المفتوحة مع الصين لتجنب تفاقم التوترات، عليها أيضاً أن تعطي الأولوية لضمان الوصول إلى المواد الحيوية من أجل الأمن القومي».

أما على المدى الطويل، أكد التقرير أن على الولايات المتحدة التركيز على بناء سلسلة إمداد مرنة لهذه المواد الخام لتأمين نفسها ضد الاضطرابات المستقبلية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC