تقارير
تقاريرالمركزي الروسي - رويترز

هل يحق للغرب الاستيلاء على أصول روسيا المجمدة؟

تتجه حملة الضغط الاقتصادي الغربية ضد روسيا نحو مستوى جديد، وهو حجز الأصول السيادية، بحلول مارس 2022 قامت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بتجميد نحو 300 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي، رداً على اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، وتدرس الآن دول مجموعة السبع مصادرة هذه الأموال.

وفي ورقة نقاش حديثة دعمت الحكومة الأميركية قرار الحجز على الأصول الروسية المجمدة كتدابير إضافية لردع الدول المتضررة والمتأثرة بشكل خاص من حرب روسيا.

وفي مقال رأي نشر على موقع فايننشال تايمز البريطاني للكاتب نيكولاس مولدر أستاذ مساعد للتاريخ في جامعة كورنيل ومؤلف كتاب السلاح الاقتصادي: صعود العقوبات كأداة للحرب الحديثة، يرى الكاتب أن الدول المتضررة فقط هي التي يحق لها اتخاذ تدابير ردع تتناسب مع الأذى الذي تلحقه دول أخرى.

وأوضح في مقاله أن استمرار دعم الغرب لأوكرانيا يعد أمراً ضرورياً من الناحية الأخلاقية والقانونية والاستراتيجية، إلا أن حجز أصول روسيا الحكومية يصاحبه ثلاث مشكلات وهي: ليس له تأثير قوي، ويتم استخدامه من قبل الأطراف غير المناسبة، ويقوض النظام القائم على القواعد الذي تزعمه حكومات الغرب.

موسكو ترد

أكدت موسكو رفضها لأي محاولة للاستيلاء على أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في الخارج التي طالتها العقوبات الغربية والأميركية.

جاء ذلك مع عودة قضية الأموال الروسية المجمدة عادت إلى السطح من الجديد مع اتجاه واشنطن وحلفائها لمناقشة إطار قانوني يمكن من خلاله تحويل ما لا يقل عن 300 مليار دولار من الأموال الروسية المجمدة إلى أوكرانيا.

وفي غضون ذلك جاء رد موسكو، حيث أكد السكرتير الصحفي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف للصحفيين أن روسيا لن تقبل المساس بأصولها.

وقال المتحدث باسم الرئيس الروسي في ديسمبر الماضي: "موضوع الاستيلاء على الأصول الروسية أمر غير قانوني ودائمًا ما يأتي على جدول أعمال أوروبا وأميركا".

دعم أوكرانيا

ومن ناحية أخرى أوضح مولدر في مقاله، أن الدافع الأساسي وراء الضغط الأميركي الأوروبي لمصادرة أصول المركزي الروسية، هو الصعوبات السياسية المحلية في تأمين تمويل طويل الأجل لكييف، مشيراً إلى أنها مجرد أداة للضغط تعود بفائدة طفيفة، مؤكداً أن مصادرة الاحتياطيات لن تجبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إنهاء حربه حالياً الآن، لا سيما وأن فائض الحساب الجاري الذي سجلته روسيا في عام 2022، والذي بلغ 227 مليار دولار، قد عوض حصة كبيرة من الأموال المجمدة، وبالتالي فإن مصادرة الأموال لا يمارس أي ضغوط اقتصادية إضافية ذات معنى.

حرب اقتصادية

ورداً على الحرب الاقتصادية التي شنها الغرب على روسيا، وجه بوتين في ديسمبر الماضي بمصادرة حصص تقدر قيمتها بمليارات الدولارات لشركة فينترسهال ديا الألمانية، ومجموعة النفط والغاز النمساوية (أو.إم.في)، في مشاريع لاستخراج الغاز بالقطب الشمالي في روسيا.

وبموجب مراسيم رئاسية نشرت ستنتقل الحصص المملوكة للشركتين، في حقل يوزنو روسكوي، وفي مشاريع أكيموف، إلى شركات روسية تأسست حديثاً.

وفي الفترة نفسها أيضاً، صادق الاتحاد الأوروبي رسميا على حزمة العقوبات الـ12 بحق روسيا بسبب الحرب التي تخوضها ضد أوكرانيا، حسبما أعلنت الدول الأعضاء في التكتل.

لا يزال حظر النفط والغاز الروسي وتعهد الاتحاد الأوروبي بإنهاء اعتماده على صادرات الغاز من روسيا بحلول عام 2030، من أبرز العقوبات التي عمد إليها الغرب لتحجيم روسيا.

ومنعت بريطانيا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة المواطنين والشركات لديها من إجراء أي تعاملات مالية مع البنك المركزي الروسي أو وزارة المالية الروسية أو صندوق الثروة السيادي الروسي.

كما تضمنت العقوبات إبعاد بعض البنوك الروسية عن نظام سويفت الذي يسمح بتحويل الأموال بشكل سهل بين الدول المختلفة، وهو الأمر الذي سيعيق قدرة روسيا على الحصول على عائدات بيع نفطها وغازها.

أعمال انتقامية غير مبررة

ويرى مولدر أن ردة فعل الاتحاد الأوروبي غير مبررة، حيث إن الأعمال الانتقامية الاقتصادية هي من اختصاص الدول المتضررة فقط، وليس اختصاص طرف ثالث، حيث يمكن للأطراف المتحاربة مصادرة الممتلكات العامة المملوكة للدولة الخصم، ومارست أوكرانيا بالفعل هذا الحق من خلال الاستيلاء على ما لا يقل عن 880 مليون دولار من الممتلكات والشركات المملوكة لروسيا داخل حدودها في مايو 2022، موضحاً أن حلفاء كييف ليسوا في حالة حرب مع روسيا.

وقامت بلجيكا وفرنسا بتجميد معظم الأصول الروسية، حيث تحتفظان بـ 206 مليارات يورو من الأوراق المالية في مؤسسة الإيداع يوروكلير ومقرها بروكسل وغيرها من المؤسسات المالية.

وبرأي مولدر، فإنه لمصادرة تلك الأموال يجب على الدول الغربية أن تصبح طرفاً مباشراً أكثر في الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى الرغم من تأثر دول أوروبا الشرقية بالتداعيات الاقتصادية والعسكرية غير المباشرة للحرب، ولكن من الصعب جداً أن تستخدم دول أوروبا الغربية هذه الحجة.

واستشهد مولدر بالتاريخ عندما لعبت مصادرة الأموال دوراً في الرد على الحروب حيث فقدت ألمانيا معظم ممتلكاتها الخارجية بعد الحرب العالمية الأولى، وبالتالي فإن الدول الغربية لا يمكنها مصادرة الأموال إلا من خلال إعلان الحرب على روسيا، حيث لا يمكن لحلفاء أوكرانيا أن يطالبوا بقوى في هذه الحرب بينما يصرون على أنهم ليسوا في حالة حرب مع روسيا.

كما أوضح مولدر أن حلفاء روسيا ليسوا بحاجة إلى تلك الأموال من الناحية الاقتصادية، حيث بلغت المساعدات العسكرية والاقتصادية التي تقدمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لأوكرانيا أكثر من 100 مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ يمكن تحمله سنوياً بسهولة بالنسبة للاقتصادات العابرة للمحيط الأطلسي.

وأشار إلى أن هناك نهج أقل خطورة يمكن اتباعه يتمثل في تمويل أكرانيا بعدة مليارات من الأرباح السنوية المتراكمة من الأصول الروسية، وهذا من شأنه أن يعيد تدفقات الدخل بدلاً من المساس بالمصدر الرئيسي، وبالتالي فإن التداعيات القانونية الدولية ستكون أكثر اعتدلاً.

ولم تتأثر روسيا بالعقوبات الغربية والأميركية فيما يتعلق بصادرات النفط قيد أنملة، حيث تبدلت وجهة شاحنات النفط الروسي من موسكو إلى نيودلهي وبكين.

وابتعلت الهند والصين وحدهما ما يزيد على 90% من النفط الروسي، وذلك بعدما انخفض نصيب أوروبا من 50% إلى أقل من 5%.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com