ظهر مستثمر فجأة خلال الطرح العام لشركة ناشئة تعمل بمجال الليزر في وادي السيليكون بشهر فبراير الماضي واتضح أنه ملياردير روسي.
سمحت الصفقة بتحويل الأموال عن طريق سلسلة من الشركات الخارجية الوهمية وصندوق استثمار رأس مال مغامر للأوليغارشي، أليشير عثمانوف الذي استطاع نقل مزيد من ثروته الهائلة إلى الغرب، حيث بلغت حصة الصندوق في الاكتتاب العام 175 مليون دولار.
عقب أيام، غزت روسيا أوكرانيا، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على عثمانوف، ضمن جهودها للضغط على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
استثمار عثمانوف في "كوانيرغي سيسيتمز" جاء عن طريق شبكة من الشركات الوهمية والوسطاء، الذين استخدمهم حلفاء بوتين وغيرهم لسنوات في نقل مئات الملايين من الدولارات إلى خارج روسيا، وفقًا لوثائق تشمل رسائل البريد الإلكتروني وعروض ترويجية للاستثمار وإفصاحات الشركات المدرجة الخاصة بسجلات المساهمين وملفات لجنة الأوراق المالية والبورصات.
قائمة سوداء
لم يتم الكشف عن نطاق الشبكة سابقًا لكن استخدمها أقارب أندريه سكوش، عضو البرلمان الروسي، وسيرجي تشيمزوف، أحد شركاء بوتين السابقين في المخابرات السوفييتية، الذي تبيع شركاته الأسلحة إلى المؤسسة العسكرية الروسية، وديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، فضلاً عن بنك "في تي بي" المدعوم من الكرملين، الذي عادةً ما يساهم في صفقات حكومية كبرى، وقد أدرجوا جميعاً الآن بالقائمة السوداء الخاصة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى جانب العديد من الأوليغارشيين والشركات الأخرى.
تعقيدات مسارات تلك الشبكة يجعل من الصعب على الغرب تتبع الأصول وفرض العقوبات، التي تمثل السلاح الاقتصادي الرئيسي في جهودهم لإنهاء العدوان الروسي على أوكرانيا. كما أن تعدد الملكيات الفردية يجعل اتخاذ إجراءات صارمة ضد تلك الشركات صعبًا للغاية من الناحية القانونية.
ساعدت الشركة في بناء إمبراطورية من الشركات لصالح عملائها، تضمنت استثمارات في شركات التكنولوجيا الأميركية مثل "ميتا بلاتفورمز"، و"تويتر" و"إير بي آند بي"، والاستثمار في شركة يُزعم بيعها معدات المراقبة للحكومة الروسية إضافة إلى العقارات بكافة أنحاء أوروبا، وفقًا للوثائق التي اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال.
تحقيق استقصائي
ولتعقب الأصول الروسية، بحثت الصحيفة في آلاف الوثائق الخاصة بالشركات، التي تم الكشف عن الكثير منها خلال السنوات الأخيرة ضمن تسريبات ضخمة للوثائق المالية من شركات خدمات التملك في الخارج، بما في ذلك أوراق بنما وباندورا وبارادايس.
وقد شارك الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين وصحيفة "سودديوتشي زيتونغ" الألمانية مع وول ستريت جورنال هذه الوثائق التي بدأ نشرها في 2016، وأسفرت عن مئات المقالات في وسائل الإعلام حول التهرب الضريبي الدولي ومخططات غسل الأموال.
كما استخدمت وول ستريت جورنال ملفات وسجلات الشركات من نحو 20 دولة لتتبع شركات تلك الشبكة وصولاً إلى روسيا.
لا تكشف الوثائق التي تمت مراجعتها أن الأصول انتقلت من روسيا عبر شبكة "بريدج ووترز" بعد فرض العقوبات. بل تكشف بدلاً من ذلك الكيفية التي تمكّنت بها الشركات المرتبطة بالروس من الاستمرار في الاستثمار في الشركات الغربية، رغم حملة العقوبات الدولية ضدها.
ملكيات غامضة
تظهر إفصاحات لجنة الأوراق المالية والبورصات في أكتوبر أن حوالي 16% من "كوانيرغي"، شركة الليزر الناشئة المطروحة للاكتتاب العام في فبراير، مملوكة لصندوق رأس المال الاستثماري في سان فرانسيسكو، "رايزنغ تايد V" المدعوم من صندوق "بريدج ووترز" الذي يستثمر فيه عثمانوف.
وقالت "كوانرغي" في إفصاحات لجنة الأوراق المالية والبورصات إن عثمانوف كان يمتلك حصة كبيرة في "رايزنغ تايد V".
عززت مسارات الاستثمار حجب علاقات عثمانوف بطائرة إيرباص A 340، تزيد قيمتها عن 350 مليون دولار كانت قد غادرت ميونيخ إلى أوزبكستان بعد وقت قصير من حظر الاتحاد الأوروبي للرحلات الجوية على الطائرات المملوكة للروس، وبعد ساعات من وضع اسم الأوليغارشي على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي.
يعود اسم مالك الطائرة المدرج في السجلات إلى شركة خارجية، وقالت متحدثة باسم سلطات النقل الألمانية: "لم تكن ملكية الطائرة لعثمانوف واضحة حينها، ولو كانت كذلك لأغلق المجال الجوي عليها ولم تكن لتتمكن من الإقلاع".
إعادة هيكلة
تقع شركة "بريدج ووترز" بقلب شبكة المال الروسية، ومقرها جزيرة مان، التي تتمتع بالحكم الذاتي تعصف بها الرياح في البحر الأيرلندي.
قالت "بريدج ووترز" إنها تصرفت بشكل قانوني، وأوضح مديرها الإداري الجديد، مارك فيل، الذي تولى منصبه في نوفمبر، أن الشركة خضعت لإعادة هيكلة شاملة مؤخرًا، وقامت بتصفية علاقاتها مع العديد من العملاء العام الماضي، لكنه رفض ذكر أسماء هؤلاء العملاء، في ظل التعهد بسرية العملاء، أو الكشف عن أي تفاصيل حول العملاء أو الصفقات.
قال فيل: "لا يمكنني العودة للماضي وتصحيح أي شيء، إذا ما كان هناك أي أخطاء في الماضي. أما اليوم فالشركة تمارس كامل نشاطها وفقاً للقانون، فلم نكن متورطين في التهرب من العقوبات، ولا نقوم بأي معاملات من هذا المكتب مع أي شخص قد يخضع للعقوبات دون الحصول على كافة الوثائق المناسبة".
وأشار فيل إلى أن "بريدج ووترز" كان لديها "تركيز في أوقات مختلفة" على العملاء الروس، وإن تصفية العلاقات مع الأشخاص الخاضعين الآن للعقوبات ليس سهلاً. فالأمر ليس بهذه البساطة. فداخل هيكل الملكية الواحد، قد يخضع جزءاً منها للعقوبات والآخر لا يخضع، وقد تكون هناك قيوداً على أنشطة معينة أما أنشطة أخرى فلا.
قال المتحدث باسم عثمانوف إنه رجل عصامي لم يحاول يومًا إخفاء ممتلكاته ولا تربطه علاقة بالكرملين، وأضاف: "نرفض رفضًا قاطعًا الادعاء باستخدام عثمانوف (شبكة من الشركات الصورية والوسطاء) لنقل الأموال إلى خارج روسيا، لم يحدث شيء من هذا القبيل على الإطلاق".
مسارات معقدة
تدار صفقات "بريدج ووترز" من خلال سلسلة معقدة من الشراكات والشركات ذات المسؤولية المحدودة والقروض والشركات القابضة القائمة في ملاذات ضريبية عالمية التي تم بناؤها بمساعدة شركات المحاماة متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية التي تقدم خدماتها للأثرياء ، مثل "كريدي سويس" وفقًا للسجلات العامة والمستندات.
قال متحدث باسم "كريدي سويس" إنه لا يستطيع التعليق على العلاقات مع عملاء محتملين، وإن البنك يتخذ إجراءات ضد الحسابات المستخدمة في الأنشطة غير المشروعة.
تقدم وزارة الخزانة الأميركية مكافآت بالملايين مقابل الحصول على أية معلومات حول ثروات الروس الخاضعين للعقوبات، بمن فيهم المنخرطين في هذه الشبكة والعديد من باقي الأوليغارشية، الذين تم إدراجهم بالقائمة السوداء منذ غزو أوكرانيا، وقد أطلقت وزارة العدل فرقة "كليبتو كابتشر" للسيطرة على العقارات الفاخرة والطائرات الخاصة واليخوت وغيرها من الأصول الخاصة بهم.
وقالت وزارة الخزانة إنها "تتعقب بالتأكيد" "بريدج ووترز" لكنها لم تقدم مزيداً من التفاصيل. ولم تكن إدارة تنفيذ العقوبات التابعة للوزارة المتمثلة في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، على علم بحصة عثمانوف في "كوانيرغي"، وفقًا لشخص على دراية بالموضوع.
لم ترد "كوانيرغي" أو "رايزينغ تايد V" على طلباتنا للتعليق على الأمر.
ثروات ضخمة
نمت ثروات هائلة بين الأوليغارشية نتيجة انهيار الاتحاد السوفييتي، مع تدفق الأصول المملوكة للدولة إلى أيدي رجال مقربين من الرئيس بوريس يلتسين وخلفه لاحقاً، الرئيس بوتين.
وقام العديد من الأوليغارشية الروس ببناء هيكل من الاستثمارات عن طريق شركات في جزيرة مان، بسبب انخفاض الضرائب، والبيروقراطية المحدودة والسياسات السابقة التي سمحت بالحفاظ على سرية أسماء أصحاب الشركات. ورغم أن الجزيرة تعتمد على المملكة المتحدة في الدفاع وسياستها الخارجية، لكنها تضع قوانينها الخاصة.
يقول المشرعون البريطانيون وخبراء الشفافية المالية إن النظام المالي للجزيرة، مثل نظام جزر فيرجن البريطانية أو جزر كايمان، حيث يمثل ملاذ ضريبي خارجي يجتذب من يسعون لإخفاء الثروة وتجنب الضرائب، وتسهيل الفساد والمساعدة في إخفاء المكاسب غير المشروعة.
وقال ممثل عن حكومة جزيرة مان إن عقوباتها تناظر العقوبات في المملكة المتحدة، وأنها بدأت في تتبع مالكي الشركات وسوف تشارك المعلومات مع مؤسسات إنفاذ القانون. وقالت السلطات إنها قد جمدت حوالي مليوني جنيه إسترليني من الأصول الروسية، وألغت تسجيل 49 قاربًا و22 طائرة، بما فيها طائرة إيرباص مرتبطة بعثمانوف.
صناديق غازبروم
"بريدج ووترز"، التي تأسست في 1996، واحدة من بين عدة شركات في جزيرة مان تقوم بدور صوري للشركات الدولية. (لا ترتبط بشركة "بريدج ووترز أسوشيتس"، الأميركية لصناديق التحوط). وقد عملت لسنوات كمزود لخدمات الشركات وشركة ائتمان، و"تقديم الخدمات اللازمة"، وتسجيل الشركات، وتوفير مدراء محليين، وإدارة الصناديق الاستئمانية، والمساعدة في تنظيم استراتيجيات الاستثمار الدولية.
ارتبطت أعمال الشركة في السنوات الأخيرة بأشخاص تربطهم علاقات وثيقة بالكرملين وشركائهم.
كشف تحليل لجريدة وول ستريت جورنال لأكثر من 300 شركة وصناديق استئمانية تديرها الشركة. أن بعض الشركات المرتبطة بالروس، والتي أنشأتها أو تديرها "بريدج ووترز" لم تعد مرتبطة بالشركة.
وتظهر الوثائق التي اطلعت عليها وول ستريت جورنال أن العلاقات مع الروس تعود على الأقل إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
في صفقة سابقة، قال مصرفي بجزيرة مان أن عثمانوف، الذي كان وقتها الرئيس التنفيذي لذراع الاستثمار في "غازبروم"، عملاق الطاقة المملوكة للدولة التي تخضع الآن للعقوبات، إن أعماله مع شريك آخر في مجال المعادن يتم تمويلها من "غازبروم".
كتب المصرفي برسالة مؤرخة في يناير 2007 المدرجة في الوثائق، وأشار إلى خطة الشركاء لفتح حساب مصرفي لإحدى شركاتهم: "ذهبت إلى "بريدج ووترز" الأسبوع الماضي لتسجيل الروس".
مخطط تمويلي
تكشف المخططات التي وضعها المصرفي لشرح مخطط التمويل التدفق من "غازبروم" وذراعها الاستثماري إلى مجموعة الصلب والتعدين "ميتالو إنفيست" المملوكة لهؤلاء الرجال، وشبكة من شركات التخزين والتوزيع والتجارة المنتشرة حول العالم. حيث يتم تحويل المدفوعات الخاصة بالحديد إلى حسابات في بنك الاستثمار السويسري "كريدي سويس" باسم شركة تديرها "بريدج ووترز".
كتب المصرفي، الذي عمل في شركة تابعة لبنك أيرلندي: "رجاء ملاحظة أن الأموال بنهاية الأمر تتدفق من ذراع "غازبروم إنفست هولدنغ"
وتكشف الوثائق أنه وبعد شهر من الاجتماع، أبرمت شركة "كانتون سيرفيسز" بجزر فيرجن البريطانية والمذكورة بمخطط المصرفي اتفاق قرض بمبلغ 350 مليون دولار مع شركة تابعة لذراع الاستثمار في "غازبروم"، وفقا للوثائق.
وبحلول 2009، أظهرت وثائق الشركة أن إيرادات عملية التداول الدولية لشركة "ميتالو انفست" بلغت 3 مليارات دولار سنويًا.
قال مالك "كانتون" حسب السجلات، ليون سيمينينكو، إن الشركة كانت تستخدم أساسًا لتداول الأسهم وعثمانوف كان "المتحكم الفعلي بها". وإن "كانتون" تلقت قروضًا من ذراع الاستثمار التابع لشركة "غازبروم" لكنه لا يتذكر أيًا من تلك الأموال المستخدمة لتمويل" ميتالو إنفست" وأن مثل تلك الخطوة تمت خارج نطاق نشاط "كانتون" العادي.
قروض مدعومة
أشار المتحدث باسم عثمانوف، غريغوري ليفتشينكو، إلى أن الأوليغارشي الروسي بنى شركاته بنفسه، ومن بينها "ميتالو إنفست"، بدون مساعدة من أحد أو بأصول تم شراؤها بأسعار السوق العادلة. وقال: "نرفض رفضاً قاطعاً أي ادعاء غير مدعوم بالأدلة بأن "ميتالو إنفيست" تم تمويلها من "غازبروم إنفست هولدنغ"، وإن الأوليغارشي الروسي لم يستخدم أبدًا القروض المدعومة من الكرملين، أو أي دعم آخر من السلطات الروسية في أعماله، ولم يكن لديه سيطرة على "كانتون" أو علاقة بها.
لم تستجب الذراع الاستثماري لشركة "غازبروم إنفست هولدنغ" لطلبات التعليق على أي من صفقاتها.
تشير رسالة بريد إلكتروني من 2011 مُدرجة في الملفات إلى أن عثمانوف أصبح مالك "بريدج ووترز" في ذلك العام.
وقال محاسب بريطاني لمحامي، في محادثة حول أنشطة عثمانوف، إن موكله الروسي "اشترى الآن شركة ائتمان في جزيرة مان (تدعى بريد جووترز)"، وفقًا للبريد الإلكتروني، الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية لأول مرة.
وقال فيل، المدير الإداري لشركة "بريدج ووترز"، إن المحاسب، ريتشارد بروسر، كان مخطئًا.وإن اثنين من مشتري الشركة في ذلك العام أسسا شركة خدمات شركات مقرها قبرص وشركة أخرى مقرها جزيرة مان، يملكها المصرفي السويسري، ماتياس ديتر بوليغير، وكلاهما لم يتصرف بتوجيه من عثمانوف.
وأنكر عثمانوف من خلال المتحدث باسمه امتلاكه أو السيطرة على "بريدج ووترز".
قال بروسر عندما سئل عن البريد الإلكتروني الذي ذكر شراء عثمانوف "بريدج ووترز": "لا يمكنني الإفصاح عن شيء. لا أقول نعم، ولا أقول لا".
تم الربط بين كلاً من شركة خدمات الشركات القبرصية "غينفيلد هولدينغز"، وبوليغر بعثمانوف، وفقًا لوثائق الشركة وبيانات منشورة على الإنترنت.
كتب بوليغر، الذي عمل سابقًا على صفقة لصناعة الصلب مع الأوليغارشي الروسي، إلى "بريدج ووترز" رسالة صادرة من أحد عناوين البريد الإلكتروني التي تخص العديد من شركات الأوليغارشي الروسي. واستخدم الموقع الالكتروني للشركة القبرصية في الوقت نفسه العديد من عناوين IP المسجلة لدى شركة الإدارة التي يملكها عثمانوف، وهو ما اتفق مع تحليل لسجلات الانترنت الذي قامت به وول ستريت جورنال.
قال جورج سيرغيديس، المالك المُدرج لشركة "غينفيلد" إنه لم يتصرف "نيابة عن أو بناءً على تعليمات أي طرف ثالث".
ولم يرد بوليغر على طلبات التعليق. وقال محامي سابق لبوليغر إنه لم يسيطر أبدًا على "بريد جووترز" نيابة عن أي شخص آخر.
رقابة على الجزيرة
وفيما يتعلق بدور بوليغر في مؤسسة عثمانوف، قال ليفتشينكو: "يمكن لأي شخص العمل لدى أية شركة مستشاراً أو خبيرًا استشاريًا أو مديراً، وأن يمتلك أيضاً شركة خاصة به".
وقال فيل إن بوليغر اشترى حصة في "سيرغيدس" عام 2019. وإنه لا يزال يمتلك "بريدج ووترز" لكنه لم يعد يسيطر عليها، بعد منعه من ذلك عقب تحقيق أجرته الهيئة التنظيمية المالية لجزيرة مان في نوفمبر.
كما فرضت الهيئة التنظيمية غرامة على "بريدج ووترز" لفشلها في مراقبة المخاطر التي يشكلها عملاؤها وحظرت كذلك بعض الموظفين، بما في ذلك رئيس الامتثال ومسؤول الإبلاغ عن عمليات غسيل الأموال.
رفضت الجهة التنظيمية مناقشة تفاصيل قضية "بريدج ووترز"، مستشهدة باتفاقيات السرية وقواعد الإفصاح والقواعد التنظيمية.
بموجب قانون جزيرة مان، تتحمل شركات مثل "بريدج ووترز" مسؤولية إجراء المراجعة الواجبة على العملاء والكشف عن أية مخاطر سياسية أو قانونية.
وقال ديفيد زويغفت، المحقق السابق بوزارة العدل والذي يعمل الآن في نيويورك محاسب قضائي، حيث قام بمراجعة هيكل " بريدج ووترز" لصالح وول ستريت جورنال، إن ملكية عثمانوف بالشركة كان سيشكل تضارباً في المصالح بالنسبة لـ"بريدج ووترز" وأضاف: "الثعلب هنا يحرس بيت الدجاج".
استثمارات وادي السيليكون
كانت إحدى وجهات الأموال الروسية في 2011، شركة "دي اس تي غلوبال" لرأس المال الاستثماري، التي شارك في تأسيسها المستثمر الإسرائيلي المولود في روسيا، يوري ميلنر، وكانت تملك حصصاً في شركات التكنولوجيا ومنها "فيسبوك".
تدفق الكثير من الأموال عن طريق "كانتون"، الشركة التي ذكرها المصرفي ضمن ترتيبات "ميتالو إنفست"، والتي استمرت في الحصول على قروض من الذراع الاستثماري لشركة "غازبروم"، داعمة لصندوق "دي اس تي غلوبال" و"دي اس تي غلوبال II" في 2011.
وقال صاحبها المدرج في السجلات، سيميننكو، إن "كانتون" كان لديها مصدرين رئيسيين للأموال: عثمانوف، وذراع "غازبروم" الاستثماري، وقال إنها حصلت على قروض مضمونة بأسهم يملكها عثمانوف. وإنه لا يستطيع أن يحدد حجم أموال "غازبروم" التي انتهى بها المطاف في استثمارات "دي اس تي غلوبال" التابعة لـ"كانتون". وقال سيميننكو: "كانت الأموال يتم تدويرها ولم أستطع تمييز مصدرها".
كما تدفقت أموال أخرى من بنك "في تي بي" الذي يسيطر عليه الكرملين، وقد استخدم البنك شركات "بريدج ووترز" التي تم إنشاؤها خصيصًا لاستثمار حوالي 300 مليون دولار من خلال صندوق" دي اس تي غلوبال" في "تويتر" وشركة تجارة التجزئة الصينية "دي جيه دوت كوم"، وفقًا للسجلات العامة في جزيرة مان، وملفات هيئة الأوراق الملية والبورصة والأشخاص المطلعين على الأمر.
لم يستجب "في تي بي" لطلبات التعليق. وكان البنك قد قال سابقًا إن استثمارات "دي إس تي غلوبال" كانت من بين العديد من بين صفقات التكنولوجيا المتطورة التي شارك فيها خلال تلك الفترة.
قال تقرير صادر في 2018 بتكليف من إحدى الشركات التابعة لشركة "غازبروم" إن أياً من قروضها لم يستخدم لتمويل الاستثمارات في "فيسبوك".
وفي 2015، أسست "بريدج ووترز" صندوقًا خاصًا يمتلك حصصاً في العديد من شركات التكنولوجيا. مقابل استثمار لا يقل عن 100000 دولار، منح الصندوق المستثمرين حق الوصول إلى "دي اس تي غلوبال II"، التي تملك حصة في "إير بي آند بي"، كما تظهر المستندات. وقال سيمينينكو إن بعض ممتلكات "كانتون" قد تم تحويلها إلى هذا الصندوق.
وقال ليفتشينكو، المتحدث باسم الأوليغارشي الروسي، إن أموال عثمانوف استثمرت لاحقًا في شركة "كوانيرغي"، شركة الليزر الناشئة، من خلال هذا الصندوق الخاص المسمى "غلوبال تكنولوجي انفستمنتس".
قال ممثل "دي اس تي غلوبال" إن الشركة لم تتعامل مع أي مستثمرين روسيين منذ 2011، ولم تكن على علم بأي قروض من "غازبروم" أو المستثمرين في "جي تي آي". وقد أعلنت الشركة في 2017 إن "العلاقات كانت أفضل بكثير" بين الولايات المتحدة وروسيا وقت إبرام الصفقات السابقة. وقال ميلتر هذا الشهر إنه وعائلته قد تخلوا عن جنسيتهم الروسية هذا الصيف.
مشاريع عقارية
تم استخدام شبكة "بريدج ووترز" في 2013 للحصول على قرض بقيمة 130 مليون دولار شارك فيه عثمانوف وأقارب سكوش، البرلماني الروسي الملياردير، و تشيمزوف، العميل السابق بوكالة المخابرات الروسية ورئيس أكبر شركة منتجة للمعدات العسكرية في روسيا، وفقًا للوثائق وسجلات المحاكم الروسية وتقارير وسائل الإعلام الروسية. وشملت الصفقة الدولارية تمويلاً لمشروع بناء في روسيا وشركات في جزر فيرجن البريطانية.
تم إدراج تشيمزوف بالقائمة السوداء من وزارة الخزانة في 2014، وسكوش في 2018.
في 2017، وبعد الكشف عن تفاصيل حول البنك المقدم للقرض في أوراق بنما، تم تحويل الدين إلى شركة أخرى ولم يتم سداده، وفقًا لأحكام المحكمة الروسية.
وتدير شركة "بريدج ووترز" أيضًا شركة استثمارية في جزر فيرجن البريطانية تشترك في ملكيتها مجموعة "روستيك" للدفاع المملوكة لشيميزوف، وتخضع أيضا للعقوبات. ومن بين شركاتها التابعة، شركة اتصالات روسية قامت بتسويق إدوات المراقبة للحكومة الروسية، وفقًا لوثائق نشرتها ويكيليكس في 2017.
لم تستجب "روستيك" وتشيمزوف وسكوش لطلبات التعليق.
علاقات شخصية
تربط "بريدج ووترز" علاقة مع ببيسكوف، المتحدث باسم بوتين. حيث أمر بيسكوف الشركة في 2014 بإنشاء صندوق تمويل بأكثر من مليون دولار باسم صديقته، تاتيانا نافكا، بطلة الرقص على الجليد الروسية، كما تظهر الوثائق. وقد تزوجا في العام التالي.
ولم ترد ة نافكا ويسكوف على طلب للتعليق. وكانت نافكا، التي تخضع للعقوباتقد أنكرت من قبل صلتها بالشركة.
تمتلك العديد من شركات "بريدج ووترز" قصوراً بالقرب من مدينة تيجيرنيسي الألمانية الواقعة على ضفاف البحيرة، على بُعد ما يقرب من ساعة جنوب ميونيخ، وفقًا للمعلومات التي نشرها مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، الشبكة الدولية المكونة من الصحفيين الاستقصائيين. ويزور عثمانوف المدينة لعلاجه من مشاكل العيون ويقيم بتلك القصور أثناء وجوده هناك، وفقاً للسيد ليفتشينكو وأحد السياسيين المحليين.
وقال السياسي، توماس توماشيك، الذي نظم مظاهرة مناهضة للحرب تستهدف الأوليغارشيين عقب غزو أوكرانيا، إن عثمانوف يزور المدينة الصغيرة الواقعة على ضفاف البحيرة ثلاث إلى أربع مرات في السنة مع حراسه الشخصيين.
وفي سبتمبر، ذكرت وسائل الإعلام الألمانية أن إحدى الفلل كانت من بين أكثر من عشرين منزلًا ومكتبًا داهمتها الشرطة الألمانية فيما يتصل بتحقيق في اشتباه بانتهاكات للعقوبات.
وقال ليفتشينكو إن الأوليغارشي الروسي لا يملك أيًا من تلك المنازل لكنه ببساطة دفع إيجارها، وأضاف أن مرافقي عثمانوف في تيجرنيسي لم يكونوا حراسًا شخصيين بل ضيوفًا ومساعدين لعثمانوف في العملالمرهق، الذي يشمل الجمعيات الخيرية كما كان يشغل وقتها منصب رئيس الاتحاد الدولي للمبارزة.
وقال ليفتشينكو أيضًا إن طائرة إيرباص التي أقلعت من ميونيخ "ليست ملكًا لعثمانوف وليست تحت سيطرته" وإن العقوبات المفروضة على عثمانوف كانت لتمنعها من الإقلاع من المطار الألماني.