تسعى بكين إلى إعادة تحفيز أسواق الأسهم من خلال تشجيع استثمارات الفاعلين المؤسساتيين، لكن يعتقد المحللون أن هذه الجهود، رغم جدارتها، قد لا تكون كافية لاستعادة الثقة في الاقتصاد الصيني.
ضعف الأسواق الصينية، التي تراجعت بنسبة 9% منذ رفع التدابير المتعلقة بجائحة كوفيد-19، يزيد من حالة التشاؤم بين الفاعلين الاقتصاديين، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض التقييمات في الأسواق المدرجة.
لذلك، تم الطلب من شركات التأمين وصناديق الاستثمار الصينية زيادة استثماراتها في الأصول المحلية عالية المخاطر: حيث قالت اللجنة الصينية لتنظيم الأوراق المالية إن شركات التأمين المملوكة للدولة يجب أن تستثمر 30% من الأقساط الجديدة في الأسهم الصينية، بينما يجب أن تزيد حصة الأسهم في محافظ الصناديق بنسبة 10% سنوياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
كما يمكن لشركات التأمين أن تستثمر ما لا يقل عن 100 مليار يوان (13 مليار يورو) في الأسهم خلال النصف الأول من العام في إطار تدبير آخر.
دليل على أن مديري الأصول يأخذون مطالب بكين على محمل الجد، هناك أكثر من 100 صندوق أسهم معروض للاستثمار أو قيد الإطلاق، وفقاً لموقع «إيست موني إنفورميشن».
ومن المتوقع أن تسمح هذه التدابير بتوجيه ما لا يقل عن 1000 مليار يوان من الاستثمارات الإضافية نحو الأسواق المدرجة المحلية، التي يبلغ حجمها 12000 مليار يوان.
خلال الأشهر الأربعة الماضية، ارتفعت حجوم الأسهم (بما في ذلك الصين وغيرها من المناطق) التي تمتلكها شركات التأمين بنسبة 30% إلى 4400 مليار يوان، كما بلغت حصص صناديق الاستثمار 7000 مليار دولار.
«إذا ارتفع سعر الأصول، فإن الثقة ستتعزز، ما يؤدي إلى زيادة الطلب وبالتالي النمو. (…) تسعى بكين إلى إطلاق دائرة اقتصادية إيجابية»، حسبما يرى فرانسيس تان، الاستراتيجي في أسواق آسيا لدى «سي آي إندوسويز».
حتى الآن، لم تؤد هذه التدابير إلى تحفيز صعود حاد للأسواق، لكنها قد تساهم في جذب مزيد من المستثمرين المحترفين.
لا تزال الأسواق الصينية مدفوعة في الغالب من قبل المستثمرين الأفراد الذين يمتلكون 30% من الأسهم المحلية ويمثلون 70% من حجم التداولات اليومية، وفقاً لشركة «هواكسي سيكيوريتيز»، في حين لا يمتلك المستثمرون المؤسساتيون سوى 19% من هذه الأسهم.
«صعود وهبوط الأسهم الصينية خلال الثلاثين عاماً الماضية نشأ عن تركيز القدرة على تحديد الأسعار بين أيدٍ غير ملائمة، وبالتالي تظهر الحكومة إرادة سياسية قوية لاستعادة هذه القدرة من المضاربين»، كما يرى دونغ باو تشن، رئيس مدير الاستثمار «لينغتونغ شينغتاي».
مؤشر «سي إس آي 300» في تراجع مستمر منذ أربع سنوات ويتداول الآن عند نفس المستوى الذي كان عليه منذ عشر سنوات، وتعزز إعلانات بكين أهمية شركات التأمين، التي لا تزال تمثل نسبة صغيرة في هذه الآلية لتحديد الأسعار، ما قد يفيد الأسهم التي تقدم توزيعات أرباح مرتفعة مثل البنوك، كما يوضح دونغ باو تشن.
ومع ذلك، يتساءل بعض المحللين عن جدوى تدابير دعم الأسواق المالية، حيث لا يزال الاقتصاد الصيني يواجه تحديات طويلة الأجل مثل شيخوخة السكان، والتوترات الجيوسياسية، وضغوط الانكماش.
«بالنسبة لاستهلاك الصين، كان العامل الأكثر أهمية تاريخياً هو دخل الأسر (…) أي التوظيف، وليس سوق الأسهم التي تخلق تأثير الثروة، ولا أسعار الفائدة»، كما تحذر سات دهرا، مديرة لدى «جانوس هندرسون».