خاص
خاصمواطن مصري يشتري الخبز - رويترز

فاتورة الغذاء في المنطقة.. حرب غزة تلهب الأسعار

بينما تتواصل الحرب في قطاع غزة، تتزايد المخاوف من ارتفاع أسعار الغذاء في المنطقة العربية، متأثرة بصعود النفط، وهو ما يهدد بتفاقم موجة التضخم، التي يعاني منها العديد من دول المنطقة، وسط تحذيرات من استمرار زيادة أسعار السلع، بوتيرة أكبر من التضخم في الدول الفقيرة والنامية.

وحذر البنك الدولي في تقريره الشهري عن الأمن الغذائي، الصادر في نهاية أكتوبر الماضي، من استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بشكل أسرع من معدلات التضخم في نحو 80% من دول العالم.

ويقول التقرير إن هذه الزيادة تظهر تداعياتها بصورة أوضح في الدول النامية والأكثر فقراً، إذ تشهد 60% إلى 80% منها ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية، بأكثر من 5%، بل إن هذه الزيادة تتجاوز 10% في العديد منها.

وأوضح البنك الدولي، أن الارتفاع يتخطى 30% على أساس سنوي، في عدد من الدول، منها مصر والسودان واليمن ولبنان وإيران، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية في 64% من الدول المتقدمة بسرعة أكبر من معدل التضخم.

وحسب تقرير البنك الدولي، فإن أسعار الذرة صعدت على أساس سنوي بنسبة 28%، بينما ارتفعت أسعار القمح بنسبة 35%، وارتفع سعر الأرز الذي يعدّ غذاءً أساسياً، في العديد من البلدان الأقل نمواً والنامية، بنسبة 39%على أساس سنوي.

فاتورة الغذاء

وكان للدول العربية نصيب من ارتفاع فاتورة الغذاء، حيث تشير بيانات صندوق النقد الدولي، إلى أن مصر ولبنان أصبحتا ضمن أكثر دول العالم ارتفاعاً بأسعار الغذاء، في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وأظهرت البيانات أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بنسبة تجاوزت 300% في لبنان، فيما ارتفعت بنسبة 66% تقريباً في مصر، التي شهدت كذلك ارتفاع أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 73.6% على أساس سنوي في سبتمبر، بينما زادت الأسعار على أساس شهري في سبتمبر 2%، صعودا من 1.6% في أغسطس.

في اليمن، شهدت أسعار المواد الغذائية خلال الأشهر الماضية ارتفاعا ضخما بلغ 40% لمعظم المواد الغذائية والاستهلاكية، في مواجهة رواتب تصرف بالكاد، وسط حالة انهيار كبيرة لسعر الصرف.

أما في سلطنة عمان، فقد ارتفعت أسعار المستهلكين خلال شهر سبتمبر الماضي، بضغط زيادة أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 3.41%، فيما ارتفع معدل التضخم السنوي بنسبة 1.27% بنهاية الشهر ذاته، وذلك بحسب ما أظهرته بيانات المسح الشهري لأسعار المواد الاستهلاكية، الصادر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.

توقعات بزيادة الأسعار

في هذا الصدد، يقول الدكتور رشاد عبده الرئيس التنفيذي للمنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن حرب غزة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، وهو ما يؤثر بشكل خاص على الدول العربية، إذ يعتمد أغلبها على استيراد أغلب المنتجات الغذائية من الخارج، مثل القمح والأرز، والزيوت وفول الصويا، مشيرًا إلى أن هذه السلع مرشحة للزيادة مع استمرار التصعيد العسكري في المنطقة، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والنفط.

وأضاف المحلل الاقتصادي، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أنه في حال اتساع نطاق حرب غزة، ودخول دول وجهات أخرى في الصراع، فإن عواقب ذلك ستكون وخيمة ليس على مستويات أسعار السلع الغذائية فحسب، ولكن أيضا على أداء الاقتصاد العالمي ككل.

وأشار إلى أن البنك الدولي أكد في بيانات سابقة، أن دخول جهات أخرى كحزب الله وإيران، سيزيد من سعر برميل البترول بشكل كبير، ربما يصل إلى 150 دولارا للبرميل، وهو ما سينعكس على زيادة في أسعار باقي السلع الأخرى.

وأكد الخبير الاقتصادي أن دول المنطقة العربية، ستكون الأكثر تضررًا من اتساع نطاق حرب غزة، حيث تفتقد للاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية، وتعتمد في توفير احتياجاتها من السلع على الاستيراد من الخارج.

تداعيات سلبية

بدورها، قالت الدكتورة أمنية حلمي، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن أسعار الغذاء والطاقة تلقت ضربتين موجعتين أدتا لارتفاعها، الأولى كانت حرب أوكرانيا التي أدت لقفزات بأسعار المواد الغذائية نتيجة توقف إمدادات القمح والزيوت القادمة من روسيا وأوكرانيا.

أما الضربة الثانية – حسب أستاذة الاقتصاد - فتتزامن مع ما تشهده غزة من تصعيد عسكري إسرائيلي أدى لارتفاع أسعار النفط بنسبة 6%، مؤكدة أن ارتفاع النفط سيكون له تداعيات سلبية على أسعار الغذاء العالمية، بسبب ارتفاع تكاليف الشحن والإنتاج، وبالتالي ارتفاع تكلفة فاتورة الغذاء في الدول التي تعتمد في اقتصادها على الاستيراد، ومنها الدول العربية.

وأضافت حلمي، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية" أن تداعيات حرب غزة لا تشمل فقط ارتفاع أسعار السلع والنفط، ولكنها قد تمتد إلى الاقتصاد الكلي، حيث إن ارتفاع أسعار السلع لا يؤدي لزيادة التضخم وانخفاض القوة الشرائية للأسر والشركات فحسب، بل يؤدي أيضُا إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الغذاء، مما يزيد من مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة أصلا، لا سيما في البلدان النامية.

وشددت الدكتورة أمنية حلمي على أن الارتفاع المستمر في أسعار النفط، من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مشيرة إلى أنه إذا حدثت صدمة حادة في أسعار النفط في حال تصاعد الصراع الدائرة حاليا في قطاع غزة، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى قفزات تضخمية جديدة في أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بالفعل في العديد من البلدان النامية.

تراجع المبيعات

ارتفاع الأسعار لم يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين" فقط، بل وصلت آثاره لتراجع مبيعات متاجر التجزئة، حيث أعلنت شركة كارفور الفرنسية، أكبر شركة لبيع المواد الغذائية بالتجزئة في أوروبا "كارفور" عن تباطؤ نمو المبيعات خلال الربع الثالث من العام الجاري، بسبب تراجع إنفاق المستهلكين، حيث إن الأسعار لم تنخفض بنفس وتيرة تراجع التضخم.

وتزامنًا مع تراجع المبيعات، حذر الرئيس التنفيذي لشركة كارفور ألكسندر بومبارد، في تصريحات صحفية، من أن المستهلكين الفرنسيين يخفضون إنفاقهم بقدر كبير على السلع الأساسية، ملقيًا باللوم على شركات السلع الاستهلاكية لعدم خفض الأسعار بالسرعة الكافية.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com