وخلال العام الماضي، تفوقت منطقة جنوب شرق آسيا على الولايات المتحدة وأوروبا، باعتبارها أكبر سوق لصادرات الصين، وفقا لموقع "بيزنس إنسايدر".
كما خفضت الحكومة الصينية حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية، واتخذت الخطوات اللازمة للحد من اعتمادها على الواردات الغذائية الغربية، وعملت على تحسين أمن الطاقة لديها.
وفي هذا السياق، قال بعض الخبراء، لموقع "بيزنس إنسايدر"، إنه من منظور اقتصادي يمكن لهذه الجهود أن توفر دفعة قصيرة المدى لاقتصاد الصين المتراجع، وتساعدها على الاستعداد للتوترات الجيوسياسية طويلة المدى مع الغرب، لكن هذه الاستراتيجيات يمكن أن تساعدها أيضاً في تحقيق هدف آخر، هو إعداد البلاد للحرب.
وتفصيلا، يعتقد فيفيك تشيلوكوري، خبير الأمن القومي في مركز الأمن الأميركي الجديد، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، أن "إعادة توحيد تايوان مع البر الرئيسي، واحدة من أوضح تطلعات الرئيس الصيني شي جينبينغ، ومن المنطقي أنه إذا كان يحاول تحقيق ذلك، فإنه سيرغب في القيام بذلك بطريقة تقلل من التعرض للاقتصاد الصيني".
لكن من جهة أخرى، يرى بعض الخبراء أنه إذا كانت محاولة إعادة التوحيد (تايوان والبر الرئيسي) بالقوة وشيكة، فإنهم يتوقعون بعض الإشارات الأخرى.
إذ قال سكوت كينيدي، خبير الاقتصاد الصيني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "تعمل الصين الآن على افتراض أن التوترات مع الولايات المتحدة والغرب شديدة للغاية، ومن غير المرجح أن تنحسر في أي وقت قريب. وفي الوقت نفسه، فإن القيام بذلك لا يزال مختلفًا تمامًا عن الاستعداد لحرب فعلية وما سيأتي بعد ذلك".
ووفقا لبيزنس إنسايدر، لا يتعلق الأمر بالحرب فقط، فالصين لديها عدة أسباب أخرى للاستثمار في اقتصادها، إذ تباطأ نمو الاقتصاد الصيني في حين تكافح البلاد مع أزمة الديون العقارية، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، والشيخوخة السكانية، وانخفاض الطلب على صادراتها.
وعلى الرغم من أن الصين أعلنت عن نمو الناتج المحلي الإجمالي، في أبريل الماضي، بما فاق التوقعات، إلا أنه من المتوقع أن تستمر هذه التحديات.
وعليه، فإن الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها البلاد، وبشكل خاص في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، تهدف إلى تعزيز اقتصادها.
وفي الوقت نفسه، تعمل الصين على بناء جيشها بمعدل سريع، ومن المتوقع أن يكون لديها القوات اللازمة للاستيلاء على تايوان في غضون سنوات قليلة، حيث تطالب الصين منذ فترة طويلة بتايوان باعتبارها تابعة لها.
وفي حالة "غزو" الصين لتايوان أو حصارها، فمن المحتمل أن تضطر إلى التعامل مع العقوبات والقيود التجارية، التي تفرضها الولايات المتحدة ودول أخرى، مما يمنح البلاد سببًا إضافيًا لدعم صناعاتها المحلية.
وفي السياق نفسه، فمن الممكن أن تتعلم الصين بعض الدروس من روسيا، التي اتخذت خطوات لدعم مواردها قبل حرب أوكرانيا في عام 2022.
وبينما كان للاقتصاد الروسي خسائر فادحة نتيجة الحرب، إلا أن الجهود الروسية لتعزيز إمداداتها الغذائية المحلية وتنويع مواردها الغذائية نجحت، وقد ساعدها الشركاء التجاريون على البقاء واقفة على قدميها وتقليل تأثير العقوبات الغربية.
كما ساعدها أيضا الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية، مثل النفط والغاز الطبيعي والقمح، بالإضافة إلى قطاع دفاع كبير ساعد في إمداد جيشها.
وحول ما إذا كانت الصين قد كثفت جهودها في السنوات الأخيرة "للتخلص من المخاطر" على اقتصادها، قال تشيلوكوري إن هذه العملية بدأت منذ عقد من الزمن.
وأشار إلى سياسة "صنع في الصين 2025" التي تنتهجها البلاد، والتي تم إطلاقها في عام 2015، والتي كانت تهدف إلى جعل الصين رائدة عالمية في تصنيع التكنولوجيات الرئيسية مثل الرقائق والمركبات الكهربائية.
إلى ذلك، اعتبر تقرير بيزنس إنسايدر أن مثل هذه الجهود لإزالة المخاطر من شأنها أن تجعل الصين في نهاية المطاف في وضع أفضل، في حالة حدوث غزو أو حصار لتايوان أو حدوث تطور غير متوقع مثل الوباء.
لكن تشيلوكوري قال إنه يعتقد أن الكثير من الدفعة الصناعية الأخيرة في الصين، كانت تهدف إلى إعادة اقتصادها إلى المسار الصحيح بعد أن أدت سياسة البلاد، خلال جائحة كوفيد 19، إلى عرقلته.