logo
اقتصاد

15 عاما على الأزمة المالية العالمية.. هل تمنع التحوطات شبح التعثر من جديد؟

15 عاما على الأزمة المالية العالمية.. هل تمنع التحوطات شبح التعثر من جديد؟
تاريخ النشر:13 سبتمبر 2023, 08:53 م
كلما بلغت أزمة ذروتها، تصبح المقارنة مع ما حدث في خريف عام 2008 حاضرة.
ففي جائحة كورونا 2020 نجد كافة التقارير تتساءل هل يضرب الفيروس الاقتصاد بشكل أكثر تدميرا من الأزمة المالية 2008؟ .. "إيفرجراند" 2021: هل تبدأ دوامة انهيار اقتصادي مع إفلاس عملاق العقارات الصيني؟.. مصرفا "سيليكون فالي" و"كريدي سويس" 2023: هل مشكلات بنوك أميركية إقليمية والاستحواذ الطارئ على ثاني أكبر بنك سويسري هي بداية أزمة عالمية؟

لا يزال إفلاس بنك الاستثمار الأميركي "ليمان براذرز" في الخامس عشر من سبتمبر 2008 محفورا بعمق في الذاكرة الجمعية، رغم أن الكثير قد تغير منذ ذلك الحين خلال الـ15 عاما التي مضت.

استرجاع للأحداث

بعد عطلة نهاية أسبوع درامية جرت خلالها مفاوضات في جوف الليل، اتضح في صباح يوم الاثنين الموافق 15 سبتمبر 2008 أن عملية إنقاذ بنك الاستثمار الأميركي "ليمان براذر" المتشعب عالميا قد باءت بالفشل؛ فقد تخلت الدولة عن بنك عمره 158 عاما، والذي كان يعتبر في الواقع أكبر من أن يفشل.

وانتشرت في جميع أنحاء العالم صور مصرفيين يحملون أمتعتهم داخل صناديق مغادرين برجا إداريا في نيويورك. العالم المالي - الذي ظل مضطربا على مدار أشهر بسبب أزمة العقارات في الولايات المتحدة - يعيش حالة صدمة، والاقتصاد العالمي أصبح على حافة الانهيار.

وضعت الحكومات على عجل حزم إنقاذ تبلغ قيمتها المليارات، وعملت البنوك المركزية الكبرى بشكل مشترك على خفض أسعار الفائدة في إجراء طارئ. ضخت دول الاتحاد الأوروبي وحدها نحو 1.6 تريليون يورو في البنوك التي تعثرت خلال الأشهر التي أعقبت إفلاس "ليمان براذرز".

حالت هذه التدابير باهظة التكلفة دون حدوث الأسوأ، حتى رغم انهيار الاقتصاد وانزلاق مؤسسات مالية أخرى إلى الهاوية جراء التداعيات.

مقاومة الأزمات

بعد الأزمة الكبرى بدأت عملية تطهير كبرى عبر وضع المزيد من الضوابط وتشديد القواعد، حتى يصبح العالم المالي المتشابك بشدة أكثر قدرة على مقاومة الأزمات. وبوجه عام، أصبحت المؤسسات المالية الآن ملزمة بالتحوط من المخاطر باستخدام المزيد من رأسمالها الخاص. ويتعين على هذه المؤسسات في كل من الولايات المتحدة وأوروبا أن تثبت بشكل دوري خلال اختبارات تحمل أن التحوطات ستكون كافية حتى في حالة حدوث أزمات شديدة.

ويعتمد الأوروبيون أيضا على منظومة ثلاثية تتمثل في إشراف مركزي على البنوك، وقواعد مشتركة لإعادة هيكلة البنوك وإغلاقها إذا لزم الأمر، وحماية عابرة للحدود لأرصدة العملاء.

وبينما تأسس الإشراف المصرفي الجديد لمنطقة اليورو (آلية الإشراف الموحدة / SSM) تحت قيادة البنك المركزي الأوروبي (ECB) في نوفمبر 2004، وآلية التنفيذ المصرفية الأوروبية المشتركة (آلية الحل الموحدة / SRM) مطلع عام 2016، لا يزال التأمين المشترك على الودائع في الاتحاد الأوروبي يواجه مقاومة حتى اليوم - خاصة من ألمانيا التي تتمتع بصناديق طوارئ ممتلئة بشكل جيد مقارنة بدول أخرى في المنطقة.

ومع ذلك لا تزال تقييمات المشرفين إيجابية. ومنذ الأزمة المالية 2007 / 2008 أصبح النظام المالي العالمي أكثر استقرارا، حسبما ذكر رئيس الهيئة التنظيمية المالية الألمانية "بافين"، مارك برانسون، في مايو الماضي تعقيبا على مخاوف ناشئة في ذلك الوقت من أن تؤدي سلسلة إفلاس بنوك في الولايات المتحدة إلى بدء أزمة جديدة في النظام المصرفي العالمي.

وقال برانسون: "لقد أنجزنا الكثير بالفعل، لكننا لا نزال بعيدين عن الإتمام.. أرى أنه يتعين علينا التأكد من أن تعثر مؤسسة صغيرة أو متوسطة الحجم لن يعد يثير مخاوف غير ضرورية من العدوى"، مضيفا أنه يتعين علاوة على ذلك أن تكون البنوك الكبيرة ذات التأثير البالغ في النظام المصرفي قابلة للتصفية في حال تعثرها، وقال: "كان هذا هو الشغل الشاغل للإصلاحات بعد أزمة 2007 / 2008. لا ينبغي أبدا تكرار أن تكون هناك مؤسسة أكبر من أن تفشل. لا ينبغي لنا التخلي عن هذا الهدف".

وعلى الرغم من كل التصريحات السياسية، فإن تطبيق المعايير الدولية للقطاع المالي ليس بالأمر السهل على الإطلاق، حيث يتم منذ سنوات إرجاء تنفيذ الإصلاحات المصرفية التي تم إقرارها في عام 2017، والمعروفة في المصطلحات التقنية باسم "بازل 3" و"بازل 4". وفي عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خففت الولايات المتحدة من القيود التنظيمية المفروضة على البنوك متوسطة الحجم.

وفي ضوء التطورات الأخيرة، ناشد مجلس الاستقرار المالي وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في الدول الاقتصادية المهمة (مجموعة العشرين) في نيسان 2023 بأن: "يظل التنفيذ الكامل والحاسم وفي الوقت المناسب للمعايير المالية الدولية هو المفتاح لتعزيز الاستقرار المالي العالمي". ويختص مجلس الاستقرار المالي الدولي (FSB) بتحديد نقاط الضعف في النظام المالي العالمي وتقديم المقترحات للقضاء عليها ومراقبة تنفيذها.

هل تتكرر؟

السؤال المقلق الذي يطرح نفسه مع كل أزمة لا يزال هو: هل من الممكن أن تتكرر حالة مثل "ليمان براذرز"؟ اجتازت بنوك كبرى في أوروبا اختبار الضغط الأخير إجمالا بشكل أفضل مما فعلت في اختبار الأزمات قبل عامين.

وبافتراض تصاعد التوترات الجيوسياسية بالإضافة إلى عودة ظهور جائحة كورونا، ستضطر المؤسسات المالية - وفقا لنتائج الاختبار - لتكبد خسائر قدرها 496 مليار يورو في غضون ثلاث سنوات.

وعلى الرغم من أن احتياطيات رأس المال الخاصة بها سوف تتقلص بمقدار 271 مليار يورو، ستكون البنوك لا تزال قادرة على دعم الاقتصاد حتى في مثل هذه الأزمة الاقتصادية الخطيرة، حسبما تبين للهيئة التنظيمية المصرفية الأوروبية (EBA)، التي تقول إنها لم تقم أبدا بمحاكاة سيناريو أزمة يضاهي شدة اختبار التحمل الذي أجرته عام 2023.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC