موريس غرينبرغ
موريس غرينبرغبلومبرغ

الصين تلجأ للقنوات الخلفية لتعزيز العلاقات الأميركية

وفد صيني يجتمع بنظراء أميركيين قبل قمة بايدن - شي

تتجه الصين إلى صديق قديم من الشركات الأميركية لتعزيز الاتصالات مع الولايات المتحدة ضمن محاولة الرئيس شي جين بينغ لتعزيز استقرار العلاقات الثنائية، بينما يستعد لزيادة المنافسة بين القوتين.

قبل أيام قليلة من قمة شي جين بينغ مع الرئيس بايدن، وفقًا لأشخاص مطلعين على الموضوع، أرسلت بكين وفدًا يضم كبار مستشاري السياسات والمديرين التنفيذيين للأعمال إلى نيويورك للاجتماع بمجموعة من النظراء الأميركيين، التي أسسها الرئيس التنفيذي لشركة التأمين موريس "هانك" غرينبرغ، أحد أكثر رجال الأعمال الأميركيين نجاحًا في الصين.

لطالما احتل المسؤولون التنفيذيون في وول ستريت مكانة خاصة داخل دهاليز السلطة في بكين، التي ترى غرينبرغ، الذي يبلغ من العمر 97 عاما "صديقاً قديما للصين".

غرينبرغ أحد قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية ومانحٌ رئيسٌ للحزب الجمهوري، ويشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة التأمين والاستثمار "سي في ستار آند كو"، والرئيس التنفيذي السابق لعملاق التأمين "أميريكان إنترناشيونال غروب".

لم تحضر إلى الولايات المتحدة مجموعة رفيعة المستوى مثل التي استضافها غرينبرغ منذ بدء جائحة كوفيد -19 أي منذ ما يقرب من 3 سنوات، عندما عادت العلاقات لأدنى مستوى منذ عقود، حيث تتنافس بكين وواشنطن على قضايا تتراوح بين منشأ الوباء، وسجل الصين في مجال حقوق الإنسان، وضغطها العسكري والاقتصادي على تايوان.

اتفاق على الحوار

وقال المطلعون على الأمر، إن شي جين بينغ قد وافق على تلك الزيارة، التي نظمها مركز أبحاث تابع لوزارة الخارجية الصينية، مباشرة عقب مؤتمر الحزب الشيوعي في أكتوبر، الذي أحكم فيه قبضته على السلطة، وإن المجموعة الأميركية أبلغت أيضًا مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض والوكالات الأخرى قبل الاجتماع، وقد رفض مجلس الأمن القومي التعليق.

وقد أعربت كل من بكين وواشنطن عن استعدادهما لمحاولة منع مزيد من تدهور العلاقات على الأقل، كما تعهد الرئيسان بايدن وشي جين بينغ في القمة التي انعقدت بإندونيسيا الأسبوع الماضي باستئناف التعاون بشأن تغير المناخ، واستئناف الاتصالات الأخرى الرفيعة المستوى.

لكن انعدام الثقة كبير وما يزال يسيطر على الأجواء في ظل التوترات حول تايوان والقيود الأميركية على التكنولوجيا، التي تعد أبرز النقاط العالقة، في الوقت الذي يسعى شي جين بينغ وإدارة بايدن لوضع سياسات تحد من سلطة ونفوذ الآخر.

قال دانيال راسل، مسؤول سابق في إدارة أوباما عن الصين، ويعمل الآن نائب رئيس مركز الأبحاث في معهد سياسات المجتمع الآسيوي: "يسعى شي جين بينغ لتحقيق درجة معينة من الاستقرار ضمن استعداده لزيادة المنافسة مع الولايات المتحدة، وبالنظر إلى ندرة المشاركة بين الجانبين على أي مستوى، فإن أي حوار مباشر له قيمته".

النظر للخارج

يحول شي جين بينغ بعض اهتمامه الآن، مع انتهائه من ترتيب السياسة المحلية، ويتجه إلى تعديل السياسات التي تركت الصين مغلقة تمامًا عن العالم الغربي، بما في ذلك التدابير الصارمة لمكافحة كوفيد في الداخل، وكذلك تعليق الاتصالات المصرح بها رسميًا مع الولايات المتحدة.

وقال المطلعون إن شي جين بينغ، بموافقته على زيارة الوفد التي تتضمن لقاءات سياسية أقرها الجانبان يشير إلى واشنطن باعتزامه منع خروج العلاقات عن مسارها وإيجاد طريقة للتواصل.

أصبح كبار المسؤولين الصينيين ينظرون إلى الحوار التقليدي المسمى "المسار الثاني"، أو إلى ذلك النوع من الدبلوماسية الخلفية بين مراكز الأبحاث والمجموعات الصناعية على الجانبين، باعتباره غير فعّال في الأغلب.

في أواخر التسعينات، ضغط غرينبرغ بشدة على إدارة كلينتون لدعم انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية في 2001، وفي 2018، عندما احتفلت الصين بالذكرى السنوية الأربعين لسياسة "الإصلاح والانفتاح"، التي قرّبت الصين من بقية العالم، منح شي جين بينغ غرينبرغ ميدالية صداقة الإصلاح الصيني، مما جعله واحدًا من 10 أجانب فقط حصلوا على الوسام الصيني.

مقال هام

أكد غرينبرغ في الصيف الماضي، مع استمرار التوترات بين واشنطن وبكين في الارتفاع، موقفه في جانب الشراكة مع الصين، بدلا من الانفصال عنها، وأعلن في مقال رأي في وول ستريت جورنال في يوليو الماضي، عن تأسيس مجموعة تتألف من كبار رجال الأعمال وقادة السياسة الأميركيين للمساعدة في "إعادة تأسيس حوار ثنائي فعال".

قال الأشخاص المطلعون على الأمر إن تشين غانغ، سفير الصين في واشنطن والدبلوماسي المحترف الذي يثق به شي جين بينغ بشكل كبير لفت انتباه القيادة الصينية إلى ذلك المقال، وبعدها طلب شي جين بينغ من وزارة الخارجية تشكيل مجموعة مشابهة للتي أنشأها غرينبرغ، وتضم كبار المسؤولين السابقين وقادة الأعمال.

وتم تعيين المؤسسة الفكرية التابعة لوزارة الخارجية "معهد الشعب الصيني للشؤون الخارجية لتنظيم المجموعة، التي تضم، وفقًا للمطلعين: كوي تيانكاي، كبير المبعوثين الصينيين السابق من بكين إلى واشنطن، وتشين ديمنغ، وزير التجارة الصيني السابق، ونينغ جيز، نائب رئيس اللجنة الوطنية بجهاز التخطيط الحكومي الصيني.

وقت عصيب

في 10 نوفمبر واليوم التالي، عقدت المجموعتان الصينية والأميركية مناقشات بمقر "سي في ستار" في بارك أفينيو بمشاركة 13 عضوًا من كل جانب، وكان من بين المشاركين الأميركيين: غرينبرغ، بول فريبورغ، الرئيس التنفيذي لمجموعة "كونتي غروب" للأعمال الزراعية، والسناتور الأميركي السابق، جو ليبرمان، والسفيران الأميركيان السابقان في بكين، ماكس بوكس، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي السابق من مونتانا، وتيري برانستاد، الحاكم الجمهوري السابق لولاية أيوا، حسبما قال المطلعون.

في قاعة مؤتمرات "سي في ستار"، وضع على الحائط الخارجي لها صور تجمع غرينبرغ مع أجيال من القادة الصينيين، جلس المشاركون على جانبي طاولة ممتدة مغطاة بمفرش مائدة عاجي وباقات من الزهور في المنتصف.

أعرب الأدميرال المتقاعد، مايك مولين، الذي حضر المناقشات عن قلقه مثل باقي أعضاء المجموعة الأميركية بشأن "المسار المنحدر" للعلاقات وشاركه الجانب الصيني نفس التخوف. 

قال الأدميرال مولين: "نمر بوقت عصيب"، واصفًا ما قاله بانه كان شعورًا مشتركًا بين الجانبين، "بصفتنا القوتين العظميين في هذا العصر، فلا بد من تغيير هذه المعادلة".

مشروع مورفار

ناقش الجانبان على مدار يوم ونصف من الاجتماعات الخلافات حول تايوان، الجزيرة الديموقراطية التي تدعى بكين أنها جزء من الصين، والمجالات التي قد تتعاون فيها الحكومتان، وفقًا للمشاركين.

وفي حين شددت المجموعة الأميركية على الحاجة إلى السلام عبر مضيق تايوان، شدد المندوبون الصينيون على أهمية توحيد تايوان في نهاية المطاف مع البر الرئيس للصين.

أشارت المجموعة الصينية إلى ضرورة تعاون بكين مع واشنطن بشأن القضايا الجيوسياسية مثل غزو روسيا لأوكرانيا والقضايا المتعلقة بكوريا الشمالية، وفقًا للمشاركين، ولكن يبدو أن المندوبين الصينيين يعلقون التعاون على احترام واشنطن لمصالح الصين الأساسية مثل تايوان، وتخفيف القيود المفروضة على المبيعات عالية التقنية للشركات الصينية.

وفي نهاية المناقشات، عرض الوفد الصيني، بقيادة وانغ تشاو، نائب وزير الخارجية السابق ورئيس معهد الشؤون الخارجية حاليًا، عقد الجولة المقبلة من الاجتماعات في الصين العام المقبل.

وقال كبار مساعدي غرينبرغ إن إدارة بايدن اطلعت على النقاشات بين المجموعتين ضمن تلك المبادرة، والتي يُطلق عليها اسم "مشروع مورفار"، على اسم عقار معزول شمال ولاية نيويورك يستخدمه غرينبرغ للاجتماع مع أعضاء الحكومة وقادة الأعمال.

المصدر: وول ستريت جورنال

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com