تقارير
تقاريرجورجيا ميلوني، رويترز

"خطة ماتي".. لماذا تتطلع جورجيا ميلوني إلى إفريقيا؟

منذ وصولها إلى السلطة، أبدت جورجيا ميلوني التزاماً قوياً بالنهج الأوروبي في سياستها الخارجية، سواء كان دعما لا يتزعزع لأوكرانيا، أو ولاءً لحلف الأطلسي، أو مشاركةً كاملة في الاتحاد الأوروبي.

لكن، فيما يتعلق بإفريقيا، خالفت رئيسة الوزراء بعض "التقاليد الخارجية الأوروبية"، وأشارت إلى صعوبة الاستراتيجية، التي يتبناها اليمين المتطرف. وعقب المؤتمر الإيطالي الإفريقي في يناير، كثفت ميلوني زياراتها إلى الجنوب، حيث قامت برحلة إلى مصر في مارس وتونس في أبريل، ما مهّد الطريق لاتفاقيات تعاون في مجالات الزراعة والمياه والتعليم، وفق ما نقل موقع (TheConversation).

وتجلى هذا التركيز الإيطالي على إفريقيا أيضاً، خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في جزيرة كابري الأسبوع الماضي، والذي أصرت إيطاليا خلاله على التزامها تجاه منطقة الساحل.

ما الذي تخطط له ميلوني بالضبط في إفريقيا؟

للإجابة على هذا السؤال، يجب العودة إلى البدايات الأولى لـ"خطة ماتي" لإفريقيا. سُميت هذه السياسة على اسم إنريكو ماتي، وهو مقاوم شهير من الحزب الديمقراطي المسيحي، ومؤسس شركة النفط العملاقة إيني، وتم الإعلان عن هذه السياسة لأول مرة في 25 أكتوبر 2022 في خطاب تنصيب ميلوني أمام مجلس النواب - وهي لحظة تقليدية تعلن فيها كل حكومة عن أهدافها وبرنامجها.

وفي ذلك اليوم، تمت صياغة هذه السياسة في إطار التعاون بين الاتحاد الأوروبي والقارة الإفريقية، بهدف الحد من الهجرة غير النظامية.

خضعت "خطة ماتي" لإفريقيا لكثير من التدقيق، وأصابت شركاء إيطاليا بالحيرة. ويبدو أن الإشارة إلى "ماتي" هي وسيلة لاستحضار شخصية وطنية توافقية لـ"ميلوني"، ولكنها تشير أيضاً إلى دور محدد لشركة "إيني"، عملاق النفط والغاز الإيطالي، الذي كان دائماً لاعباً أساسياً في التصور الدولي لإيطاليا.

ولفترة طويلة، قامت إيطاليا بوضع تصور لأعمالها الخارجية، من خلال الإشارة إلى المنطقة الجغرافية "للبحر الأبيض المتوسط الموسع"، باعتبارها محور تركيزها الأساسي.

ولا يشكل حزب "فراتيلي ديتاليا" الذي تتزعمه "جورجيا ميلوني" استثناءً. لكن هذا المفهوم للبحر الأبيض المتوسط له عيوبه، فهو لا يتطابق مع رؤية الاتحاد من أجل المتوسط (UPM)، التي تمتد على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ولا مع السياسات الأوروبية المختلفة.

وبالعودة إلى الأيام التي كان فيها رئيساً للحكومة في الفترة 2014-2016، زار ماتيو رينزي تسع دول إفريقية، ودعا إلى الاستثمار في القارة بشروط مماثلة تماما، لتلك الواردة في "خطة ماتي".

وتم اتباع هذه السياسة في ظل حكومة باولو جنتيلوني (2016-2018)، حيث أعرب وزير الداخلية ماركو مينيتي، عن دعمه لتنمية البلدان الإفريقية من أجل وقف تدفق المهاجرين، وإرسال فرقة عسكرية إلى النيجر.

نالت فكرة وجود علاقة بين مكافحة الهجرة وتنمية إفريقيا إعجاب حكومة ميلوني، التي ربطتها بـ"خطة ماتي".

كما شكل المؤتمر الإيطالي الإفريقي، الذي عقد في روما في 29 يناير 2024، وحضره العديد من الوفود الإفريقية، بما في ذلك 26 رئيس دولة وحكومة، والمؤسسات الدولية (الاتحاد الأوروبي، ووكالات الأمم المتحدة) في مجلس الشيوخ الإيطالي، علامة فارقة مهمة بالنسبة لحكومة ميلوني.

ولاحقاً أعلنت إيطاليا عن استثمارات بقيمة 5.5 مليار يورو، ومشاريع في تسعة بلدان (المغرب، وتونس، ومصر، والجزائر، وإثيوبيا، وكينيا، وموزمبيق، وجمهورية الكونغو، وكوت ديفوار). ويبدو أن النهج الإيطالي، الذي لا ينوي فرض خطة جاهزة على الشركاء الأفارقة، يحظى بتقدير الشركاء أنفسهم، الذين لا يشعرون بأنه يتم التقليل من شأنهم، بل يتم إشراكهم بشكل قوي. وأضاف وجود رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعداً أوروبياً للمبادرة.

إيطاليا.. جذور قوية في إفريقيا

تلعب "إيني"، شركة النفط والغاز المملوكة للدولة دوراً بارزاً في القارة الإفريقية. ومع ذلك، فهي ليست الشركة الوحيدة المهتمة بالفرص في إفريقيا، حيث ظهرت شركات كبرى أخرى، مثل مجموعة إدارة خدمات المياه (ACEA)، وشركة الطاقة العملاقة الأخرى (ENEL)، في المشاريع التجريبية الأولى، التي تتعامل مع الطاقة والبيئة.

"خطة ماتي" التي أقرتها حكومة ميلوني تبدو محدودة النطاق، بسبب غموضها الحالي، ولكنها من الممكن أن تستفيد من تأثير تضخيم إذا انفتحت على اللاعبين الدوليين، بقيادة الاتحاد الأوروبي، ونجحت أيضاً في توحيد اللاعبين المحليين، حيث تعمل روسيا والصين على تعزيز بيادقهما في إفريقيا، في حين أصبح الوجود الأوروبي موضع تساؤل، خاصة بعد سلسلة من الانقلابات، التي أدت إلى انسحاب القوات الفرنسية المنبوذة في كثير من الأحيان.

لكن انقلاب 2023 في النيجر، لم يشكك ببعثة التدريب العسكري الإيطالية، وهو ما يحظى بتقدير السلطات الجديدة في نيامي. ومن الممكن أن يساعد دور أكبر لإيطاليا في القارة، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، في تجديد صورة أوروبا وعملها هناك.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com