فقد أظهرت البيانات الصادرة عن الحكومة اليابانية أن "الاقتصاد انزلق إلى الركود خلال الربع الأخير من العام الماضي مع انكماش بنسبة 0.1% مقارنة بالربع الثالث".
ورغم أن "إجمالي الناتج المحلي الياباني ارتفع إلى 4.21 تريليون دولار بنهاية الربع الأخير، فإن ألمانيا تفوقت على اليابان بإجمالي ناتج محلي بلغ 4.46 تريليون دولار".
ويُعزى انخفاض الناتج المحلي الياباني بشكلٍ رئيسي إلى تراجع قيمة الين مقابل العملات الرئيسة في العالم خلال الربع الأخير من عام 2023، بينما يتوقع الخبير الاقتصادي المصري، علي الغول، نمو الاقتصاد الياباني خلال عامي 2024 و2025.
وأكدّ وزير الاقتصاد الياباني، يوشيتاكا شيندو، أهمية تنفيذ بلاده إصلاحات هيكلية شاملة، وذلك في أعقاب اعترافه بتفوق ألمانيا على اقتصاد اليابان.
ويواجه الاقتصاد الياباني تحديات صعبة، إذ لم يستطع الصمود أمام الرياح المعاكسة التي هبت خلال السنوات الماضية، بدءًا من جائحة كورونا، مرورًا بحرب روسيا وأوكرانيا، وصولًا إلى أزمة سلاسل التوريد والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وفق تقدير الخبير الاقتصادي المصري.
وأضاف، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "تراكم هذه العوامل أدَّى إلى انكماش الاقتصاد الياباني لرُبعيين متتاليين في عام 2023، ما أدّى إلى دخوله في حالة ركود".
وتوقع صندوق النقد الدولي هذا التحول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما توقع أن الناتج المحلي الإجمالي لليابان سينخفض بنسبة 0.2% مقارنة بما كان عليه في عام 2018.
تراجع متوقع للاقتصاد الياباني
بينما لم يُظهر الاقتصاد الياباني علامات واضحة على التعافي، رغم الجهود الحكومية المبذولة، فقد أشارت البيانات الأخيرة إلى عزم الحكومة على اتخاذ قرارات حاسمة لإعادة الاقتصاد الياباني إلى مكانه الثالث عالميًّا، وفق الخبير الاقتصادي العراقي عبد الله رسلان.
ويتوقع الخبير العراقي أن يشهد الاقتصاد الياباني تراجعًا في الفترة المقبلة، ليصل إلى مستويات أدنى من المسجلة في الأعوام القليلة الماضية.
ويرجع الخبير، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، هذا التراجع إلى ضعف القوة الشرائية للسكان التي تُعد عنصرًا رئيسًا في دفع عجلة الاقتصاد، ويؤكد أن "تصنيف الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على القوة الشرائية لتحديد حجمه، دون الاعتماد بشكل أساسي على قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالدولار الأمريكي".
وأضاف رسلان أن "نقص العمالة في سوق العمل اليابانية والصعوبات التي تواجهها الشركات في توظيف العمالة، ليست كافية لتحفيز نمو الأجور بالقدر الكافي لدعم الاستهلاك".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، انخفض سعر الين إلى ما يزيد على 150 ينًا مقابل الدولار، ما جعل العملة قريبة من المستويات التي شُوهدت آخر مرة في عام 1990، مما جعل البلاد وجهة ميسورة التكلفة للأمريكيين وللأشخاص من البلدان ذات العملات القوية.
ويعكس ضعف الين "التدهور الجوهري لقدرة اليابان التنافسية"، ومن الناحية النظرية فإن انخفاض قيمة العملة من شأنه أن يعزز الصادرات، ولكن صادرات اليابان تستمر في الانخفاض حتى مع انخفاض أسعارها مقارنة بصادرات الدول الأخرى، وفق تقدير الخبراء.
ضعف الطلب المحلي
ويرى الخبير الاقتصادي المصري، أحمد البطش، أن "أفضل الحلول لمعالجة تراجع النمو المحلي الياباني هو إجراء تعديلات على مقارنة البضائع الاستهلاكية المختلفة وفق القوة الشرائية للسكان".
ويُشير البطش، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إلى أن "هذه الطريقة هي أفضل وسيلة لمقارنة أحجام الاقتصادات، وذلك لأنها تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات في تكلفة المعيشة بين الدول".
وأوضح الخبير المصري أن "اليابان تواجه صعوبة في الخروج من النمو السلبي خلال الربع الحالي من العام، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى ضعف الطلب المحلي الذي يرجع إلى التضخم المستمر، مع تخلف زيادات الأجور عن ارتفاع الأسعار، وهو ما أدى إلى قمع القوة الشرائية للأسر".
وأضاف أن "انخفاض الناتج المحلي الياباني فاق توقعات السوق بشكل كبير، وتسبب ذلك في معاناة كبيرة للمستهلكين اليابانيين من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود وغيرها من السلع".
وتعود هذه المعاناة إلى اعتماد اليابان على الاستيراد بشكل كبير، إذ تستورد 94% من احتياجاتها من الطاقة و63% من الغذاء، لذلك أدّى ضعف الين إلى ارتفاع تكاليف المعيشة على اليابانيين خلال هذه الفترة، وفق تقدير أحمد البطش.
ورغم ارتفاع معدلات التضخم، يتوقع خبير البورصة الدولي، محمد أكنان، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن يستمر الاقتصاد الياباني في التعافي بشكل معتدل نسبيًّا.
وتُعزى توقعات الخبير إلى عوامل عدة، منها استمرار صادرات السيارات في اليابان في قيادة القطاع بنسبة 3.2% منذ الربع الثاني من عام 2023، ودعم الأرباح في ظل انخفاض المبيعات في الصين، وعدم رغبة بكين في الإسراع من رفع الفائدة أو تغيير السياسات في المستقبل القريب.