البنوك المركزية تتجه للذهب واليورو واليوان وسط تراجع الثقة بالدولار

يتطلع القائمون على احتياطيات البنوك المركزية العالمية التي تقدر بتريليونات الدولارات إلى التحول من الدولار إلى الذهب واليورو واليوان الصيني مع تسبب تفكك التجارة العالمية والاضطرابات الجيوسياسية في إعادة التفكير في التدفقات المالية.

بحسب تقرير صادر عن منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية (OMFIF) وهي منظمة بحثية مستقلة تهتم بالبنوك المركزية والسياسة الاقتصادية والاستثمار، ومقرر نشره في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء، فإن واحداً من كل ثلاثة بنوك مركزية تدير خطة بقيمة 5 تريليون دولار لزيادة التعرض للذهب على مدى العام أو العامين المقبلين بعد استبعاد تلك التي تخطط لخفضه، وهو أعلى مستوى في 5 سنوات على الأقل.

تداعيات الرسوم الجمركية

يعطي المسح الذي شمل 75 بنكاً مركزياً ــ والذي أجري بين مارس ومايوــ لمحة أولى عن تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الثاني من أبريل بمناسبة يوم التحرير، والتي أشعلت اضطرابات في السوق وتراجع الدولار كملاذ آمن وسندات الخزانة الأميركية.

وقال ماكس كاستيلي، رئيس استراتيجية الأسواق السيادية العالمية والمشورة لدى «يو بي إس» لإدارة الأصول، إن مديري الاحتياطيات أجروا العديد من المكالمات بعد يوم التحرير للسؤال عما إذا كان وضع الدولار كملاذ آمن معرضاً للخطر، وأضاف: «بقدر ما أتذكر، لم يُطرح هذا السؤال من قبل، حتى بعد الأزمة المالية الكبرى في عام 2008».

من المتوقع أن يستفيد الذهب، الذي بدأت البنوك المركزية بالفعل في إضافته بمعدلات قياسية، بشكل أكبر على المدى الطويل، حيث تخطط نسبة 40% من البنوك المركزية لزيادة حيازاتها من الذهب على مدى العقد المقبل، وفق ما نقلت وكالة «رويترز».

قال التقرير: «بعد سنوات من مشتريات البنوك المركزية القياسية من الذهب، يضاعف مديرو الاحتياطيات استثماراتهم في المعدن النفيس».

أشار التقرير إلى أن الدولار، العملة الأكثر شعبية في استطلاع العام الماضي، تراجع إلى المركز السابع هذا العام، حيث قال 70% من المشاركين إن البيئة السياسية في الولايات المتحدة تثنيهم عن الاستثمار في الدولار، وهو أكثر من ضعف النسبة قبل عام.

العملات

على صعيد العملات، من المتوقع أن يستفيد اليورو واليوان أكثر من غيرهما من التنويع بعيداً عن الدولار.

وقال 16% من البنوك المركزية التي شملها استطلاع OMFIF إنها تخطط لزيادة حيازاتها من اليورو على مدى الـ12 إلى 24 شهراً المقبلة، ما يجعلها العملة الأكثر طلباً، ارتفاعاً من 7% قبل عام، يليها اليوان.

لكن على مدى العقد المقبل، سيصبح اليوان أكثر تفضيلاً، حيث يتوقع 30% من البنوك المركزية زيادة حيازاتها، ومن المتوقع أن تتضاعف حصته من الاحتياطيات العالمية إلى 6%.

تفاؤل حول اليورو

على صعيد منفصل، أفادت ثلاثة مصادر تتعامل مباشرةً مع مديري الاحتياطيات لـ«رويترز» بأنهم يرون أن اليورو يمتلك الآن القدرة على استعادة حصة احتياطيات العملات التي فقدها بعد أزمة ديون اليورو عام 2011 بنهاية هذا العقد، وأشاروا إلى ازدياد التفاؤل بين مديري الاحتياطيات تجاه اليورو عقب يوم التحرير.

هذا يعني التعافي إلى نحو 25% من حصة احتياطيات العملة، مقارنة بنحو 20% حالياً، وهو ما يمثل لحظة رئيسة في تعافي الكتلة من أزمة الديون التي هددت وجود اليورو.  

توقع المشاركون في استطلاع (OMFIF) أن تصل حصة اليورو من الاحتياطيات العالمية إلى نحو 22% في غضون عشر سنوات.

فيما قال كينيث روجوف، أستاذ جامعة هارفارد وكبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، لرويترز: «من المؤكد تقريباً أن حصة اليورو في الاحتياطيات العالمية سترتفع على مدى السنوات القليلة المقبلة، ليس لأن أوروبا أصبحت ينظر إليها بشكل أكثر إيجابية، ولكن لأن مكانة الدولار تراجعت».

لكن أوروبا قد تجتذب حصة أعلى من الاحتياطيات في وقت أقرب إذا تمكنت الكتلة من تعزيز مخزونها من السندات التي تتضاءل حالياً مقارنة بسوق سندات الخزانة الأميركية البالغة 29 تريليون دولار، مع دمج أسواق رأس المال، حسبما نقلت رويترز.