«التحديات الجديدة للسياسة النقدية» الموضوع الأبرز
الندوة تركز على النمو الاقتصادي المتعثر والتضخم الثابت
تأتي النسخة اليابانية من ندوة جاكسون هول، بينما تتفاقم معضلة البنوك المركزية التي أججتها حرب التعريفات والرسوم المتبادلة التي انطلقت مع تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولايته الثانية في البيت الأبيض يناير الماضي، والتي جاءت في وقت كانت تستعد فيه البنوك المركزية حول العالم لخفض الفائدة بعد معركة طويلة مع التضخم أرهقت النمو والاقتصاد العالمي.
يستضيف بنك اليابان ومؤسسة الفكر التابعة له اليوم الثلاثاء مؤتمراً سنوياً يستمر يومين ويضم أكاديميين ومحافظي بنوك مركزية بارزين من الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، على غرار تلك التي تعقد في «جاكسون هول» بالولايات المتحدة الأميركية.
يركز اجتماع النسخة اليابانية الحالية من ندوة «جاكسون هول» لمحافظي البنوك المركزية العالمية في طوكيو على حقيقتين غير مريحتين: النمو الاقتصادي المتعثر والتضخم الثابت، في ظل حرب التعريفات الجمركية التي أشعل فتيلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تعد ندوة «جاكسون هول» الاقتصادية، التي تعقد في الولايات المتحدة، من أقدم المؤتمرات المصرفية المركزية في العالم، وتتم بتنظيم من بنك الاحتياطي «الفيدرالي» الأميركي في مدينة كانساس منذ عام 1978، ويتم عقدها في «جاكسون هول» منذ عام 1981.
من بين المشاركين في المؤتمر الذي يقام في مقر بنك اليابان وسط العاصمة اليابانية طوكيو مسؤولون من بنك الاحتياطي «الفيدرالي» الأميركي، بما في ذلك رئيسه في نيويورك جون ويليامز، ومن البنك المركزي الأوروبي، وبنك كندا، وبنك الاحتياطي الأسترالي.
في اجتماع العام الماضي، استعرض المشاركون تجاربهم في مكافحة التباطؤ الاقتصادي من خلال مناقشة الدروس المستفادة من استخدام أدوات التيسير النقدي غير التقليدية المختلفة.
كما ناقشوا ما إذا كانت اليابان - وهي دولة شاذة أبقت أسعار الفائدة منخفضة للغاية حتى مع قيام البنوك المركزية الكبرى الأخرى برفعها بشكل عدواني- قادرة على الخروج من عقود من الانكماش وانخفاض التضخم مع ظهور علامات على ارتفاع الأجور بشكل مستدام.
تركز المخاوف العام الجاري على التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية، وستشير موضوعات جلسات المؤتمر إلى أن صناع السياسات النقدية ما زالوا حساسين لمخاطر الوقوع في فخ التضخم المستمر والمرتفع للغاية.
وتتناول إحدى الجلسات موضوعات «الطلب الاحتياطي، ضبط أسعار الفائدة، والتشديد الكمي». وستناقش جلسة أخرى ورقة بحثية نشرها صندوق النقد الدولي في ديسمبر بعنوان «السياسة النقدية ومخاوف التضخم».
كما تشرح هذه الورقة البحثية كيف يمكن لصدمات العرض الكبيرة، مثل تلك التي تسبب فيها جائحة «كوفيد-19»، أن تؤدي إلى تضخم مستمر، محذرة من المخاطر التي تواجهها البنوك المركزية على افتراض أنها قادرة على تجاهل ضغوط الأسعار الناجمة عن التكاليف.
تأتي معظم جلسات المؤتمر مغلقة أمام وسائل الإعلام، علماً أن موضوع العام الجاري ينظر إلى «التحديات الجديدة للسياسة النقدية»، وتحديداً كيف ينبغي للبنوك المركزية التعامل مع التضخم المستمر، ومخاطر الاقتصاد السلبي، والأسواق المتقلبة، والتعريفات الجمركية الأميركية.
تأتي الندوة بينما تهب الرياح المعاكسة المتضاربة، والتي يرجع الكثير منها إلى سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ تخلق عقبات أمام العديد من البنوك المركزية، بغض النظر عن ما إذا كانت ترفع أو تخفض أسعار الفائدة.
في غضون ذلك يظل بنك اليابان على مسار مواصلة رفع أسعار الفائدة وتقليص مشترياته من السندات بشكل مطرد، وهو ما يشكل تناقضاً صارخاً مع نظرائه الذين يخفضون أسعار الفائدة، إلا أن التطورات العالمية الأخيرة أثارت تساؤلات حول وتيرة مثل هذه التحركات.
قال نوبوياسو أتاغو، المسؤول السابق في بنك اليابان: «في حين أن بنك اليابان قد يُجبر على الثبات لفترة، فإنه لا يحتاج إلى التخلي عن رفع أسعار الفائدة كلياً».
أضاف المسؤول وفق وسائل إعلام يابانية: «كل ما يحتاجه البنك هو التواصل بطريقة تسمح له باستئناف رفع أسعار الفائدة عندما تكون البيئة مواتية».
في البداية كان من المعتقد أن بنك الاحتياطي «الفيدرالي» الأميركي في طريقه لمزيد من خفض أسعار الفائدة، لكنه اضطر إلى الانتظار بعد أن حذر المسؤولون الأسبوع الماضي من ارتفاع التضخم بسبب الرسوم الجمركية.
وفي حين أن من المتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في يونيو، فإن الأسباب تتزايد لإيقافها مؤقتاً مع ظهور تحديات التضخم في الأفق.