logo
اقتصاد

إسبانيا تراهن على مليون مهاجر للحفاظ على نمو اقتصادها

إسبانيا تراهن على مليون مهاجر للحفاظ على نمو اقتصادها
قارب يقلّ مهاجرين إلى ميرامار، في طريقهم لاحقاً إلى كولومبيا، بتاريخ 27 فبراير 2025.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:30 مايو 2025, 03:26 ص

أطلقت الحكومة الإسبانية خطة طموحة تهدف إلى استقطاب نحو مليون مقيم جديد خلال السنوات الثلاث المقبلة، عبر توسيع مسارات الهجرة القانونية واقتراح «تسوية جماعية» لأوضاع العمال غير النظاميين، في خطوة تُعد الأوسع من نوعها في تاريخ البلاد.

وذكرت وكالة «بلومبرغ» في تقرير لها أن إسبانيا تسلك طريقاً مغايراً للتوجهات الأوروبية المتشددة في ملف الهجرة، معتبرة أن السلطات في مدريد ترى في الهجرة وسيلة ضرورية لتعويض التراجع السكاني وضمان استمرارية النمو الاقتصادي، في وقت تتزايد فيه معارضة الهجرة في عدد من الدول الغربية وتتصاعد فيه شعبية الأحزاب الشعبوية.

أخبار ذات صلة

المغرب وإسبانيا.. توقيع بروتوكولات لمشاريع استثمارية بـ50 مليون دولار

المغرب وإسبانيا.. توقيع بروتوكولات لمشاريع استثمارية بـ50 مليون دولار

وتستند الخطة إلى بيانات «المعهد الوطني للإحصاء»، التي تشير إلى أن معدل الولادات في إسبانيا تراجع إلى 1.19 طفل لكل امرأة العام الماضي، وهو الأدنى منذ بدء تسجيل البيانات عام 1941، مما ينذر بانكماش سكاني حاد قد يتجاوز الثلث بحلول نهاية القرن.

وقالت بيلار كانسيلا، وزيرة الدولة لشؤون الهجرة: «إسبانيا لم تعد دولة عبور، بل أصبحت وجهة نهائية»، مشيرة إلى أن الهدف هو «هجرة منظمة وآمنة ومقنّنة».

ووفقاً لبيانات بنك إسبانيا، كان للعمال الأجانب المسجّلين قانونياً الدور الأبرز في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد بين عامي 2022 و2024.

وسجّل الاقتصاد الإسباني نمواً بنسبة 3.2% خلال العام الماضي، متفوّقاً بذلك على اقتصادات كبرى في منطقة اليورو مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ومساهماً بنسبة 40% من إجمالي نمو المنطقة.

ويشغل المهاجرون في إسبانيا وظائف في قطاعات الزراعة والرعاية الصحية والتجارة، إضافة إلى قطاع السياحة المتنامي، حيث يعمل كثيرون منهم كطهاة ونُدُل وعمال نظافة.

كما ساعد استقرارهم في مدن كـ«مدريد» و«برشلونة» و«فالنسيا»، وكذلك في مناطق ريفية، على عكس مسار النزوح الديموغرافي نحو المدن.

وتشير بيانات وزارة الهجرة إلى أن مناطق مثل «أستورياس» و«غاليسيا» و«قشتالة وليون» و«كانتابريا»، التي عانت انخفاضاً سكانياً لعقود، بدأت تسجل ارتفاعاً في أعداد العمال الأجانب.

وأضافت كانسيلا: «إسبانيا لم تغيّر موقفها من الهجرة، بينما تغيّر كل من حولنا، وهذا ما يجعلنا نتميّز».

أخبار ذات صلة

هل تنجح إسبانيا في توجيه أوروبا نحو الصين لمواجهة تعريفات ترامب؟

هل تنجح إسبانيا في توجيه أوروبا نحو الصين لمواجهة تعريفات ترامب؟

ويحمل كل من رئيس الوزراء بيدرو سانشيز وكانسيلا دافعاً شخصياً للحفاظ على هذا النهج؛ فقد وُلدت كانسيلا في ألمانيا لأبوين إسبانيين هاجرا في الستينيات، بينما هاجر جدّ سانشيز إلى ألمانيا إبان حكم فرانثيسكو فرانكو.

وفي خطاب له أمام رجال أعمال في «برشلونة»، قال سانشيز إن جده كان سيؤيده في معاملة المهاجرين كما عومل الإسبان في الخارج حينما كانوا يبحثون عن فرص افتقدوها في وطنهم.

وفي إطار توسيع قنوات الهجرة القانونية، أطلق سانشيز اتفاقات مع غامبيا وموريتانيا لتسهيل إصدار تصاريح عمل موسمية، إلى جانب تعزيز اتفاق قائم منذ أربع سنوات مع السنغال.

وتتيح هذه البرامج للعمال التقديم على تأشيرات عمل موسمية من بلدانهم، بالتنسيق بين الحكومات وأرباب العمل الإسبان.

وبحسب السلطات في الدول الإفريقية وإسبانيا، فإن هذه البرامج تسعى إلى تقليص الهجرة غير النظامية عبر طرق خطرة تُعرف محلياً بـ«الطريق الخلفي»، والتي تُسيطر عليها شبكات تهريب وتكلّف المهاجرين أضعاف الطرق النظامية.

وتُطبَّق برامج مشابهة مع سبع دول في أميركا اللاتينية ومع المغرب، حيث عمل نحو 20,500 شخص في إسبانيا بموجبها العام الماضي.

وعلى الرغم من انتقادات تتعلق بظروف العمل، تقول الحكومة الإسبانية إنها تعمل على تحسين بيئة العمل وتقديم تدريبات لمساعدة العمال على إنشاء مشاريع عند عودتهم لبلدانهم.

كما تعتزم تسريع إجراءات التجنيس لنحو 200 ألف شخص إضافي بعد أن حصل قرابة 300 ألف مهاجر غير أوروبي على الجنسية الإسبانية.

لكن هذه المسارات القانونية تظل مغلقة أمام كثير من المهاجرين الذين يصلون بطرق غير نظامية، عبر البحر إلى «جزر الكناري» أو من خلال اجتياز السياج الحدودي في «مليلة» و«سبتة»، اللتين تُعدّان البوابتين البريّتين الوحيدتين بين إفريقيا وأوروبا.

لكن التحديات لا تتوقف عند ذلك، بيانات منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية» تُظهر أن الجيل الثاني من المهاجرين يواجه مصاعب تعليمية ومهنية مقارنة بأقرانهم من الإسبان.

وتحذّر كارمن غونثاليث من معهد «إلكانو الملكي» في مدريد من أن اندماج المهاجرين في سوق العمل شرط أساسي لتحقيق اندماج اجتماعي ناجح.

وفي ظل تصاعد الخطابات المناهضة للهجرة عالمياً، تشدّد الخبيرة باولا باسي على ضرورة أن تواكب سياسات الهجرة تحسينات في البنية التحتية، مثل المدارس والإسكان والرعاية الصحية، تجنباً لأي توترات اجتماعية.

وفي وقت تسعى فيه إسبانيا لتقديم نموذج إنساني ومنظَّم للهجرة، لا تزال تواجه انتقادات بسبب سياساتها الأمنية الصارمة على الحدود.

وبحسب منظمة «كاميناندو فرونتيراس»، لقي أكثر من 10,000 شخص مصرعهم أثناء محاولة الوصول إلى جزر الكناري العام الماضي وحده.

وتقول المحامية المختصة في قضايا الهجرة، لويليلا سيد أحمد، إن استمرار الاعتماد على برامج التسوية الاستثنائية مؤشر على فشل النظام الحالي، مضيفة: «ترك الناس في حالة من التهميش الدائم يغذّي الاقتصاد الموازي ويكرّس الاستغلال».

ويختم غيي، الصياد السنغالي الذي عاش ثلاث سنوات في أحد مراكز احتجاز المهاجرين بجزر الكناري، حديثه قائلاً: «ظننت أن الطريق سيكون أسهل، لكنه كان يستحق العناء… أردت حياة أفضل لي، ولكن بالأخص لأطفالي».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC