كشفت بكين يوم السبت الماضي عن قائمة تنظيمية بهدف تأميم قطاع التربة النادرة التي تكتسب أهمية استراتيجية للغاية، والتي تعدّ الصين أكبر منتج لها في العالم. وبهذا التشدّد تتحدى بكين أوروبا والغرب لجعل إنتاجها المحلي أكثر قدرة على المنافسة مع تقليل التلوث قدر الإمكان.
وفي عام 1992، في نهاية حياته السياسية، ألقى الرئيس دنغ شياو بينغ، الذي جدد حضارة الصين، خطاباً أثناء زيارته لمنطقة جيانغشي، سجّله التاريخ بثلاث جمل وهي "أن الشرق الأوسط لديه النفط، والصين لديها أتربة نادرة. وكما هو الحال مع النفط في الشرق الأوسط، للتربة النادرة أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة للصين. فيجب علينا الاستفادة منها". ومنذ ذلك الحين، تم إلهام خلفائه لتنمية هذه الميزة. وأصبحت الصين تمثل 60% من الاستخراج العالمي وأكثر من 90% من مبيعات المنتجات المكررة، الضرورية لتحول الطاقة بحسب صحيفة "لوموند". ونشرت الحكومة يوم السبت 29 يونيو خطة تنمية جديدة تهدف إلى زيادة تأميم هذا القطاع الاستراتيجي المهم.
وأصدرت الحكومة الصينية إعلاناً يفيد أن سلسلة الإنتاج والتكرير والمبيعات بأكملها ملكاً للدولة، ويتم تشديد العقوبات على المخالفين الذين يقررون إنتاجها خلسة. وهو قرار من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتشديد حصص التصدير التي حددتها الحكومة.
تلوث كبير
وتضم الأتربة النادرة 17 معدناً تحمل أسماء علمية أو أسطورية مثل البروميثيوم، واللانثانم، والسيريوم والنيوديميوم. وهي توجد في البطاريات، وفي المغناطيس الدائم للمحركات الكهربائية، وفي توربينات الرياح، وفي أجهزة الليزر. وهي ليست نادرة، ولكن من الصعب تنقيتها. كما أن الغربيين، وعلى رأسهم الأميركيون، وأيضاً الفرنسيون، أوقفوا إنتاجها بعد أن احتكرته الصين تدريجياً. وقد ضحت الصين بمناطق بأكملها، ولا سيما في منغوليا الداخلية، من أجل ترسيخ احتكار إنتاجه على حساب قدر كبير من التلوث. وكما تشير الحكومة الصينية نفسها، فلا بد من حقن ثمانية أطنان من كبريتات الأمونيوم في الأرض لاستخراج طن واحد من أكسيد التربة النادرة. والتلوث الإشعاعي في محيط موقع باوتو أقوى بمرتين من التلوث الإشعاعي في تشيرنوبيل. وبحيرتها مليئة بالنفايات السائلة السامة.
وهذا لا يمنع الغربيين من إعادة إطلاق الإنتاج والتكرير على أراضيهم لتقليل اعتمادهم على المنتجات الصينية\خاصة وأن بكين لوحت بسلاح قيود التصدير. وتقدم الولايات المتحدة الدعم المالي لفتح أو توسيع المناجم في كاليفورنيا أو تكساس. ودعمت أوروبا بناء مصفاة كبيرة في إستونيا. ويفكر النرويجيون والسويديون في فتح مناجم مع التحدي المزدوج المتمثل في القدرة التنافسية ومكافحة التلوث. وحتمية السيادة تؤدي إلى تعقيد الاقتصاد، ولكنها تسلط الضوء على العواقب المترتبة على ذلك، والتي كانت بعيدة المنال في السابق.