لم يكن إطلاق سيارة «شاومي إس يو 7» (Xiaomi SU7) مجرد خطوة لدخول سوق السيارات الكهربائية، بل كان بمثابة بيان نوايا من شركة عملاقة قرّرت أن تنتقل من جيوب المستهلكين إلى مرآب سياراتهم. العلامة التجارية، التي ارتبط اسمها طويلاً بالهواتف الذكية، وظفت قوتها التكنولوجية في تصميم سيارة كهربائية بمواصفات مذهلة وسعر منافس، لتصبح سيارة (SU7) حديث الشارع التقني وصناعة السيارات معاً.
من اللحظة الأولى، تكشف سيارة (SU7) عن فلسفة تصميم «هجومية». بخطوط مستوحاة من سيارات «بورشه»، وخصوصاً طراز «تايكان» (Taycan)، جُهزت بمقدمة حادة جعلتها أقرب إلى سيارة رياضية منها إلى سيارة سيدان كهربائية، واستطاعت «شاومي» أن تضع توقيعها البصري الخاص، دون أن تنكر مصادر إلهامها.
لكن ما يميز سيارة (SU7) ليس فقط ما تراه العين، بل كيف تترجمه السوق. فالسيارة، ورغم تشابهها مع نماذج أوروبية، نجحت في فرض هوية جديدة للصناعة الصينية، وهي هوية ترتكز على «الجودة بسعر معقول».
أطلقت «شاومي» سيارتها (SU7) بثلاث فئات رئيسية، تلبي احتياجات جمهور واسع:
تتيح سيارة (SU7) من خلال فئتيها (Max) و(Ultra) مواصفات تصعب مجاراتها حتى من علامات أوروبية كبرى. فالبطارية، التي تعتمد على تقنية (Cell-to-Body)، تتيح مدى يصل إلى 800 كم (CLTC) وشحن سريع بقدرة 800 فولت يسمح بإضافة 220 كم من المدى خلال 5 دقائق فقط.
الواجهة الرقمية للسيارة تتضمن شاشة (Mini LED) بحجم 16.1 بوصة بدقة (3K)، مع نظام تشغيل خاص من شاومي (HyperOS) يمكنه التفاعل مع منظومة المنزل الذكي وهواتف الشركة.
يبدأ سعر SU7 القياسية من حوالي 215 ألف يوان صيني (نحو 30 ألف دولار)، في حين تصل فئة (Max) إلى نحو 299 ألف يوان (حوالي 41 ألف دولار). أما (Ultra)، فلم تحدّد الشركة سعرها رسمياً حتى الآن، ولكن التوقعات تشير إلى أنها ستظل أقل من «تسلا» (موديل S) أو «بورشه تايكان»، رغم تقارب الأداء.
من منظور اقتصادي، يبدو أن «شاومي» تعتمد استراتيجية تسويقية قائمة على كسر الأسعار مقابل اختراق السوق، وليس تعظيم الأرباح في المدى القصير.
على الرغم من النجاح الأولي الذي حققته سيارة (SU7)، تواجه «شاومي» تحديات متزايدة في سوق الصين نفسها. وفقاً لتقرير صادر عن وكالة «رويترز» في 14 مايو 2025، شهدت الشركة انخفاضاً بنسبة 55% في الطلبات الجديدة على (SU7) خلال أبريل مقارنة بشهر مارس، واستمر هذا الاتجاه في مايو. ويعود ذلك جزئياً إلى حادث مميت وقع في مارس 2025، حيث اصطدمت سيارة (SU7) بحاجز على الطريق السريع واشتعلت فيها النيران، مما أسفر عن مقتل 3 طالبات جامعيات. أثار هذا الحادث مخاوف بشأن ميزات القيادة الذكية في السيارة، ودفع الجهات التنظيمية الصينية إلى تشديد الرقابة على تسويق هذه الميزات.
إضافة إلى ذلك، واجهت «شاومي» انتقادات بسبب إعلانها المضلل عن تصميم غطاء محرك من ألياف الكربون مزدوج الفتحات في طراز (SU7 Ultra)، إذ تبيّن أن الغطاء لا يحتوي على فتحات هوائية حقيقية، مما أدى إلى طلب حوالي 400 مالك استرداد أموالهم. كما أعرب العملاء عن استيائهم من تقديرات التسليم غير الدقيقة، حيث تلقى بعضهم سياراتهم في وقت أقرب بكثير من المتوقع، مما أثار شكوكاً حول استخدام الشركة لندرة مصطنعة كتكتيك تسويقي.
إذا استمرت (SU7) بهذا الزخم، يُتوقع أن تدفع المنافسين إلى إعادة النظر في استراتيجياتهم. فالشركات الكبرى، وخصوصاً في أوروبا واليابان، تواجه حالياً لاعباً جديداً يمتلك قاعدة جماهيرية تقنية، وسجلاً في الابتكار وسرعة التوسع.
حتى الآن، تثبت سيارة (SU7) أن الضجة لم تكن عبثاً، وإنما هي نتاج منتج مدروس، منافس، وذكي. والتحدي القادم يكمن في اختبار الاعتمادية على المدى الطويل، وتوسيع شبكة الخدمة عالمياً.
لكن إن كان دخول «شاومي» عالم السيارات مقامرة، فهي حتى الآن، تبدو مربحة.