الاقتصاد البريطاني يسجل ثالث انكماش هذا العام
البيانات تُحرج الخزانة وتضغط على حزب العمال
هبط الجنية الإسترليني، اليوم الجمعة، إلى أدنى مستوى في أسبوعين، بعد بيانات صادمة أجّجت التوقعات بإسراع «بنك إنجلترا» في وتيرة خفض أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصاد المتباطئ، وسوق العمل المتضرر، خاصة بعد خطة ضريبة مثيرة للجدل أطلقتها وزير الخزانة راشيل ريفز.
وتلقت المملكة المتحدة بيانات صادمة للغاية صباح اليوم، مع تعرض الناتج المحلي الإجمالي، لانكماش مفاجئ غير متوقع، حتى مع توقيع البلاد اتفاقاً تجارياً مع الولايات المتحدة يجنبها التعريفات الجمركية المرتفعة، في مطلع الماضي الماضي.
تأتي البيانات الاخيرة كضربة قاصمة لخطة وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، في أعقاب خفض الشركات الوظائف وسط ارتفاع الضرائب، وعدم اليقين بشأن تعريفة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
◄ أظهرت أرقام رسمية، صدرت عن هيئة الإحصاءات الوطنية صباح اليوم، انكماش اقتصاد المملكة المتحدة بشكل غير متوقع في مايو، ليسجل الاقتصاد الانخفاض الثاني على التوالي، والثالث هذا العام.
◄ قالت هيئة الإحصاءات الوطنية، إن الناتج المحلي الإجمالي انخفض 0.1% في مايو، وهو ما جاء أقل من توقعات بتوسع شهري بنسبة 0.1%.
◄ انكمش الاقتصاد 0.3% في أبريل، حيث خفضت الشركات الوظائف، وألغت خطط الاستثمار رداً على زيادة الضرائب التي أعلنت عنها وزير الخزانة البريطانية راشيل ريفز.
◄ تراجع الجنيه الإسترليني أمام الدولار الاميركي بحلول الساعة 6:30 صباحاً بتوقيت غرينتش، إلى أدنى مستوي منذ نهاية يونيو الماضي، وسجل في أحدث التداولات مستويات 1.3536 دولار.
◄ يتجه الجنيه الإسترليني لتسجيل خسائر أسبوعية تتجاوز 0.85% حتى الآن، بينما يتراجع خلال تداولات 30 يوماً الماضية 0.5%.
◄ منذ بداية العام، ارتفع الجنيه الإسترليني 8.2% أمام الدولار الأميركي، ورغم التراجعات الأخيرة هذا الأسبوع لا يزال يحوم قرب ذروة 4 سنوات أمام الدولار.
مطلع الشهر الحالي، حذّر صانع السياسة النقدية في «بنك إنجلترا» آلان تايلور، خلال مناقشة بعنوان «تحديات التواصل الحالية للبنوك المركزية» في منتدى البنك المركزي الأوروبي، من أن هناك خطراً يحيط بسيناريو الهبوط الناعم وسط أسعار الفائدة المرتفعة.
وقال : «لا أعتقد أن هنالك حاجة إلى تخفيضات أكبر في أسعار الفائدة، ولا أراها مرغوبة، يجب أخذ كل الأمور بعين الاعتبار، وبنك إنجلترا ليس على مسار محدد سلفاً فيما يتعلق بأسعار الفائدة».
كما أضاف أنه لا يعتقد أن هنالك حاجة إلى 5 تخفيضات في أسعار الفائدة خلال عام 2025، وذلك لتحفيز النمو الاقتصادي، وتشجيع الشركات على التوسع في التوظيف.
تأتي الأرقام الأخيرة في الوقت الذي تخضع فيه خطط النمو التي يتبناها حزب العمال الحاكم للتدقيق وسط تكهنات متزايدة بشأن الحاجة إلى زيادات ضريبية كبيرة في ميزانية الخريف بعد التراجع الكبير الذي شهده موقف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بشأن الرعاية الاجتماعية هذا الشهر.
في الوقت ذاته أعلنت وزيرة الخزانة عن حاجة البلاد إلى مبلغ 1.25 مليار جنيه إسترليني، وهو ما تحتاجه الخزانة العامة إلى توفيره لتغطية تراجع مايو عن مدفوعات وقود الشتاء .
توقع مكتب مسؤولية الميزانية المستقل نمو الناتج المحلي الإجمالي 1% لعام 2025 ككل، إلا أن المكتب أشار في بيان، هذا الأسبوع، إلى أنه سيعيد النظر في هذا التوقع في الفترة التي تسبق ميزانية الخريف.
وحذّر محافظ «بنك إنجلترا» أندرو بيلي، من أن عدم اليقين بشأن السياسة التجارية لا يزال يلقي بظلاله على التوقعات، مشيراً إلى أن الاقتصاد البريطاني تأثر بالفعل جراء التعريفات الجمركية التي ظلت سارية أكثر من شهر قبل توقيع الاتفاق في مايو.
تعتزم وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، طرح خطة استثمارية بقيمة 113 مليار جنيه إسترليني، لتكون محور مراجعة الإنفاق المقبلة.
وأشارت ريفز إلى أن هذه الاستثمارات، التي ستتركز في قطاعات الإسكان، والنقل، والطاقة، ما كانت لتتحقق لولا وجود حكومة بقيادة حزب العمال.
ورغم التحذيرات بشأن ارتفاع مستويات الاقتراض الحكومي إلى 20.2 مليار جنيه خلال أبريل، فإن ريفز ماضية بتنفيذ هذه الخطة، مؤكدة على جدوى الاستثمار كوسيلة لتحفيز النمو الاقتصادي.
في الأسبوع الماضي حذّر مكتب مسؤولية الميزانية من أن الإنفاق، والاقتراض، وحجم الدين الحكومي، سترتفع بشكل حاد خلال العقود المقبلة ما لم يُغيّر الحزب الحاكم سياساته المالية.
وأشار التقرير إلى أن المالية العامة للبلاد تسير في مسار غير مستدام على المدى الطويل، وتطرق صراحة إلى عدم استطاعة المملكة المتحدة الإيفاء بأي من الوعود التي قطعتها على نفسها للجمهور.
وأدى التقرير الكئيب إلى ارتفاع عائدات السندات، إذ يطالب المستثمرون بعوائد أعلى على سندات المملكة المتحدة تزامناً وتراجع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى خلال أكثر من 3 أسابيع.