تقرير
تقريرالصينييون يحصصاً في 14 ميناء أوروبياً.

شهية الصين للموانئ الأوروبية تقلق القارة العجوز

تعمل الشركات الصينية في 14 ميناءً أوروبياً رئيساً. وفي ألمانيا التي تعتمد على صادراتها، تمثّل الموانئ صعوبة التوفيق بين المصالح الاقتصادية وحماية البنية التحتية الحيوية.

فكيف ستجد الدول الأوروبية التوازن في العلاقات مع الصين، فيما يقوم الرئيس شي جينبينغ بزيارة إلى أوروبا بدأها في فرنسا وسيليها بزيارة إلى صربيا ثم إلى المجر؟ فهذا السؤال يؤرق الدول الأوروبية التي تنافسها بكين، فيما تسعى القارة العجوز إلى التوفيق بين الشراكات الاقتصادية وحماية البنية التحتية الحيوية بحسب صحيفة "لي زيكو".

وقطاع الموانئ يوضح مدى صعوبة هذه المسألة. فالصينيون يمتلكون الآن حصصاً متفاوتة في 14 ميناء أوروبياً، بما فيها أكبر ثلاثة موانئ في القارة: روتردام وأنفير وهامبورغ، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها لجنة دراسة العلاقات الفرنسية الألمانية "سيرفا".

4 موانئ فرنسية

وفي فرنسا، تعمل شركات صينية في موانئ فوس سور مير، ولوهافر، ونانت سان نازير، ودونكيرك. وحتى الآن، لم تثر هذه الاستثمارات في أوروبا أي جدل، باستثناء مسألة استرجاع ميناء بيرايوس في اليونان في عام 2016.

ولكن الأوضاع تغيرت بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، وأثار دخول مالك السفينة الصينية "كوسكو" برأس مال إحدى المحطات الأربع لميناء هامبورغ، تساؤلات عبر نهر الراين. وأصدرت أجهزة المخابرات الألمانية وست وزارات والمفوضية الأوروبية رأياً سلبياً بشأن هذا الموضوع. وفي النهاية، اتخذ المستشار الألماني أولاف شولتز قراراً لصالح المشروع، لكن المشاركة انخفضت من 35 إلى 24.9%.

وفي هذا النوع من المواضيع، هناك منطقان يتعارضان. بالنسبة لميناء مثل هامبورغ، فالتحالف مع لاعب صيني أمر منطقي من الناحية الاقتصادية. وهو الميناء الأوروبي الثالث من حيث نقل الحاويات، ويواجه منافسة من روتردام وأنفير، ومن موانئ البحر الأبيض المتوسط، التي تحسن أداؤها بنحو ملحوظ منذ وصول الشركات الصينية إلى رؤوس أموال  هذه الموانئ.

وفي هذا القطاع، يعد الصينيّون شركاء فعالين. فهم موجودون عبر السلسلة اللوجستية بأكملها، وموانئ التحكم والسكك الحديدية والتجارة الإلكترونية والاتصال متعدد الوسائط.

فالمسألة هي معرفة ما إذا كان أي بلد قادراً على تحمل هذا النوع من الشراكة على المستوى الأمني، فالميناء هو نافذة على العالم وأداة للازدهار، فألمانيا تحقق أكثر من 50% من ناتجها المحلي الإجمالي من الصادرات، ويجري شحن حوالي 60% منها عبر البحر.

وتقول ماري كرابتا، المسؤولة في شركة "يرفا" إن "الموانئ أصبحت بنحو متزايد بنى تحتية رقمية، مما يخلق مخاطر للتجسس والتخريب".

ويثير البرنامج الصيني لتسجيل الدخول إلى الموانئ والخروج منها المخاوف بنحو خاص. ويجري توفير هذا البرنامج الرقمي مجاناً من قبل بكين، وهو يدير تدفقات البضائع العابرة عبر الميناء ومنشأها ووجهاتها.

من الناحية النظرية، كل مستخدم يحدد البيانات التي يرغب في استخدامها. ولكن بالنسبة لواشنطن، فإن هذه الأداة يمكن أن تسمح للصين بالحصول على رؤية شاملة لـ "سلسلة التوريد" في البلد واستغلالها.

ومنذ العام الماضي، أصبح برنامج "لوجينك" محظوراً في الولايات المتحدة، ولدى هذا البرنامج اتفاقيات تعاون وتبادل بيانات مع 24 ميناء رئيساً في العالم، بما في ذلك مع هامبورغ وروتردام و أنتويرب في أوروبا.

استراتيجية الموانئ

وحرصاً منها على حماية البنية التحتية الحيوية لاقتصاد البلاد، قدمت برلين "استراتيجية الموانئ الألمانية" في يناير الماضي من أجل زيادة مرونة وأمن موانئها. لكن لا بد حالياً من التحرك أيضاً على المستوى الأوروبي. فموانئ القارة العجوز تعمل على أساس المنافسة بين البلدان الأوروبية. وفي المقابل، فإن شركة عامة مثل شركة "كوسكو" الصينية، "تحمل رسالة الحزب الشيوعي وتدافع عن المصالح الاستراتيجية للصين"، كما تؤكد ماري كرابتا في إحدى دراساتها.

وبفضل المساعدات الحكومية، تستطيع هذه الشركة تقليص هوامشها الربحية وأن تلعب على انقسامات محاوريها الأوروبيين. ولو رفضت هامبورغ استقبال كوسكو مثلا، لكانت المجموعة الصينية ذهبت إلى غدانسك، في بولندا.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com