logo
اقتصاد

قطاع الطيران الكويتي على مفترق طرق بعد انسحاب شركات أجنبية

قطاع الطيران الكويتي على مفترق طرق بعد انسحاب شركات أجنبية
طائرة تحلق فوق مطار الكويت الدوليالمصدر: رويترز
تاريخ النشر:9 مايو 2025, 04:22 ص

يواجه قطاع الطيران في الكويت تحديات متزايدة، مع انسحاب المزيد من شركات الطيران الدولية من السوق، وتأخر مشاريع البنية التحتية الموعودة، ما يثير تساؤلات حول قدرة البلاد على مجاراة نظرائها في المنطقة.

أوقفت «الخطوط الجوية البريطانية» (British Airways) في مارس الماضي رحلاتها اليومية بين لندن والكويت، منهية بذلك حضوراً استمر لأكثر من ستين عاماً. ويعكس هذا الانسحاب توجهاً متصاعداً، إذ انسحبت ما لا يقل عن 14 شركة طيران أجنبية من مطار الكويت الدولي منذ عام 2019، من بينها «لوفتهانزا» (Lufthansa) الألمانية و«كيه إل إم» (KLM) الهولندية.

أخبار ذات صلة

نمو القطاع الخاص في الكويت بدعم من الطلبيات الجديدة خلال أبريل

نمو القطاع الخاص في الكويت بدعم من الطلبيات الجديدة خلال أبريل

ووفقاً لتقرير نشره موقع (AGBI)، يرى محللون في القطاع أن أمام الكويت فرصة لتعزيز مكانتها في مجال الطيران إذا ما جرى تطوير رؤية استراتيجية متكاملة وتبسيط الإجراءات التنظيمية.

وقال لينوس باور، المدير التنفيذي لشركة استشارات الطيران (BAA & Partners): «الكويت بحاجة إلى تحديد توجهها بوضوح في قطاع الطيران، سواء أكان ذلك عبر التوجه لتكون مركزاً إقليمياً، بوابة للسياحة، أو داعماً رئيساً لحركة النقل المحلي».

وسجّل مطار الكويت الدولي تراجعاً طفيفاً في حركة المسافرين بنسبة 1% خلال عام 2023، ليصل إجمالي عدد المسافرين إلى 15.4 مليون. في المقابل، حققت مطارات رئيسة في المنطقة نمواً لافتاً؛ إذ ارتفعت حركة المسافرين في مطار دبي الدولي، ثاني أكثر مطارات العالم ازدحاماً بعد أتلانتا، بنسبة تقارب 6% لتبلغ 92 مليون مسافر، في حين سجّل مطار حمد الدولي في الدوحة نمواً بنسبة 15% ليصل إلى 53 مليون مسافر، وحقق مطار الرياض زيادة بنسبة 18% ليقترب من 38 مليون مسافر.

ويعزو باور جانباً من التراجع في أداء القطاع الكويتي إلى بطء الإجراءات التنظيمية، موضحاً أن «تصاريح التشغيل، والموافقات الثنائية، وتخصيص مواعيد الهبوط تتم بآليات بطيئة وغير متوقعة»، لافتاً إلى أن «دولاً مثل السعودية والإمارات تمكنت من تجاوز الكويت من خلال تحرير سياساتها الجوية وتحديث أطرها التنظيمية بما يتماشى مع متطلبات السوق العالمية».

ويُضاف إلى ذلك تأثير العوامل الديموغرافية وتفاوت قدرات شركات الطيران الوطنية؛ إذ تتمتع السعودية والإمارات بعدد سكان يفوق بكثير  الكويت، بينما تمتلك الإمارات وقطر شركات طيران وطنية مملوكة للدولة، مثل «طيران الإمارات» و«الاتحاد» و«الخطوط الجوية القطرية»، أسهمت بشكل محوري في ترسيخ استراتيجياتهما الجوية على الساحة العالمية. وقد واكب تطوير البنية التحتية للمطارات في تلك الدول هذا التوجه الاستراتيجي، ما عزز قدرتها التنافسية إقليمياً ودولياً.

أخبار ذات صلة

من الكويت إلى العالم عبر دبي.. شراكة توسّع آفاق السفر الجوي

من الكويت إلى العالم عبر دبي.. شراكة توسّع آفاق السفر الجوي

وخصصت الحكومة الكويتية في عام 2023 نحو 3 مليارات دولار لتمويل 20 مشروعاً في مجال البنية التحتية، من أبرزها توسعة مطار الكويت الدولي. وتتصدر هذه الخطة الاستراتيجية أعمال إنشاء مبنى الركاب الجديد T2، الذي صُمم لاستيعاب ما يصل إلى 50 مليون مسافر سنوياً. ورغم أن الموعد الأصلي لافتتاحه كان مقرراً في عام 2022، فقد تم تأجيل الافتتاح إلى الربع الأخير من عام 2025.

وتفاقمت هذه التأخيرات بفعل تحديات إدارية إضافية؛ إذ أعلنت شركة «تاف» (TAV) التركية المشغلة للمطارات، في الشهر الماضي، أن الإدارة العامة للطيران المدني في الكويت ألغت مناقصة تشغيل وصيانة مبنى الركاب T2، في خطوة تمثل انتكاسة جديدة لمشروع طال انتظاره، وشهد سلسلة من التأجيلات.

وفي ظل التحديات البيروقراطية المتواصلة، اختارت بعض الجهات الفاعلة في القطاع الخاص اتباع مسارات مستقلة. فقد أنشأت شركة «طيران الجزيرة»، وهي شركة طيران منخفض التكلفة تتخذ من مطار الكويت مقراً لها، مبناها الخاص في عام 2018. ويرى باور أن هذه الخطوة «تُجسّد قصور التخطيط على المستوى الوطني، وتعكس محدودية قدرة القطاع العام على مواكبة متطلبات النمو والتطوير».

ولم يسلم الناقل الوطني من الاضطرابات الإدارية، إذ أفادت «رويترز» بإقالة الرئيس التنفيذي لشركة «الخطوط الجوية الكويتية»، أحمد الكريباني، هذا الشهر، ليحل محله عبدالوهاب الشطي. ومع ذلك، لا تزال التحديات الهيكلية قائمة. وقال جون غرانت، شريك في شركة «ميداس أفييشن» (MIDAS Aviation): «لا يهم إن كان الرئيس التنفيذي محلياً أو أجنبياً، الواقع لا يتغير»، مؤكدًا أن «الشركة تُدار كرمز وطني، وليس كياناً تجارياً».

وأقرت الخطوط الكويتية في مارس الماضي، بأنها لا تتوقع تحقيق أرباح قبل مرور عامين على الأقل، بينما تواصل تعافيها من الخسائر التي تكبدتها خلال جائحة كوفيد-19.

في المقابل، حققت «طيران الجزيرة» أداءً قوياً، إذ أعلنت زيادة بنسبة 66% في أرباحها الصافية لعام 2024، لتصل إلى 10 ملايين دينار كويتي، أي حوالي 33 مليون دولار، مدفوعة بزيادة ملحوظة في الإيرادات. وعلى الرغم من إدراجها في بورصة الكويت، فإن الشركة مملوكة في غالبيتها لمجموعة «بوداي كورب» (BoodaiCorp) العائلية.

ورغم هذه النجاحات المحدودة، يحذر الخبراء من أن الإصلاح الجذري بات أمراً ضرورياً. وقال باور: «ما لم تمنح الحكومة صلاحيات حقيقية للقيادة، وتفصل السياسة عن إدارة الطيران، وتضع استراتيجية وطنية متماسكة، فستواصل البلاد التراجع مقارنة بجيرانها الذين نجحوا في تحويل قطاع الطيران إلى محرك للتنويع الاقتصادي والانفتاح العالمي».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC