
ويلتقي الرئيسان، الأربعاء، على هامش قمة منتدى التعاون آسيا المحيط الهادئ "أبيك" في سان فرانسيسكو.
وأضاف الخبراء أن لقاء بايدن - شي في "أبيك"، من الممكن أن يصل لحلول وسط في بعض الخلافات، مثل تغير المناخ، وبعض مجالات التبادل التجاري، لكنه سيؤجل الخلافات الكثيرة التي تُعد الأهم في العلاقات الأميركية الصينية.
وتشمل هذه القضايا الشائكة الخلافات حول التنافس التكنولوجي، وشركة هواوي، والرقائق الإلكترونية، ودعم اليوان الصيني، والاستحواذ على مناجم المعادن النادرة، والصادرات الصينية المدعومة لأميركا.
الأكاديمي المصري، حسن وجيه، قال إن أكبر آمال بايدن وشي، من لقائهما في "أبيك"، هو الوصول لتهدئة مؤقتة، أو "استراحة محارب"، خاصة في الخلافات الاقتصادية، حتى تمر الظروف العصيبة التي يعاني منها كلاهما، حيث بدأت واشنطن وبكين، الحديث مباشرة منذ شهور بصفة مباشرة، وبلهجة دافئة، بعد سنوات من التصريحات الهجومية.
وأوضح الأكاديمي المصري، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، من القاهرة، أن بايدن يواجه عاصفة انتقادات بسبب موقفه الداعم لإسرائيل في حربها في قطاع غزة الفلسطيني، بالإضافة إلى معضلة اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية.
فيما يواجه الرئيس الصيني، مشكلة اقتصادية كبيرة بسبب التضخم، وأزمة سوق الإسكان، وضعف الصادرات، وارتفاع معدلات البطالة، وفقا لـ"وجيه".
ويعود آخر لقاء بين بايدن، وشي إلى شهر نوفمبر 2022، على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة بالي بإندونيسيا.
وبدوره، يرى الدكتور جينجهاو تشو، أستاذ الدراسات الآسيوية في كليات هوبارت وويليام سميث، وخبير العلاقات الأميركية الصينية، أن أقصى الآمال من لقاء بايدن، وشي، هو الوصول إلى هدنة مؤقتة حول الخلافات الاقتصادية، لمنع تصعيد الصراع في هذا الوقت.
وأضاف "تشو"، في مقال بصحيفة "ناشونال إنتريست"، أنه من السذاجة أن نرفع سقف توقعاتنا لهذا اللقاء، فهو لقاء خطابي رمزي أكثر مما هو لقاء ذو أهمية عملية، وخاصة أن ظروف كلا من الزعيمين، جعلت موقفهما معقدا.
ويأتي اللقاء في ظل زيارات رفيعة المستوى بين البلدين، ومساعٍ لإذابة جليد الخلافات المعقدة بين أكبر اقتصادين في العالم. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون بيير، الجمعة، إن الرئيسين سيناقشان المسائل المرتبطة بالعلاقة الثنائية بين الصين والولايات المتحدة وأهمية الإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة، فضلا عن مناقشة عدد من الملفات الإقليمية والدولية.
ويرى الأكاديمي المصري أن أكبر اقتصادين في العالم، يخوضان منافسات محمومة على عدد من الجبهات، لكن الظروف الحالية، من اقتصاد عالمي يحاول النهوض، والحرب الروسية الأوكرانية، وحرب إسرائيل في قطاع غزة، تدفع واشنطن، وبكين، للسعي في الوقت نفسه، إلى التعاون في مجالات تلتقي فيها مصالحهما.
وأشار إلى أن العلاقات الأميركية الصينية، توترت أكثر منذ إسقاط الولايات المتحدة منطادا صينيا، بدعوى أن غرضه التجسس، فزادت كثافة العقوبات الأميركية على إمدادات أشباه الموصلات المتجهة للصين، فيما ردت الصين، بتكثيف تدريباتها العسكرية حول تايوان، وتقوية العلاقات العسكرية الفعلية مع روسيا، وإيران، وكوريا الشمالية لمواجهة استراتيجية القطب الواحد، والهيمنة الأميركية.
وأوضح وجيه أنه من وجهة نظر بكين، فرغم اللهجة الودية لواشنطن، إلا أن الأفعال أبلغ من الأقوال، في ظل الإجراءات الأخيرة غير الودية لإدارة بايدن، ومن بينها فرض قيود التصدير على بعض الرقائق الإلكترونية الأميركية التي تستخدم في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأكد أن الظروف الحالية تدفع الإدارة الأميركية للتهدئة مع بكين، والحديث عن قواعد المنافسة العادلة في التبادل التجاري، وهو ما لم تكن تسمح به في السابق.
في بداية يوليو الماضي، أنهت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، رحلة إلى الصين استغرقت 4 أيام، بهدف إعادة بناء الجسور بين البلدين. وقالت "يلين" إن رحلتها ستساهم في بناء "قناة اتصال قوية ومثمرة مع الفريق الاقتصادي الجديد في الصين"، وهو تصريح لا يجب إغفاله.
وطوال زيارتها، سعت "يلين" لإقناع مضيفيها الصينيين بأن الولايات المتحدة، تحت رئاسة جو بايدن، ليست معادية بصورة جوهرية للصين. وقالت: "نحن لا ننظر إلى علاقتنا في إطار صراع القوى الكبرى ونحن لا نسعى لفصل اقتصاداتنا عن بعضها البعض".
وأوضح وجيه أن هذا يظهر أيضا في لغة تصريحات واشنطن، حيث مهدت للقاء، بالإعلان عن حاجتها لاتخاذ إجراءات لإحلال الاستقرار في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، وتذليل بعض سوء الفهم وفتح قنوات تواصل جديدة، حتى عندما يتعلق الأمر بمواضيع تشكل جوهر الخلاف بين البلدين.
في نهاية الشهر الماضي، قال الرئيس الصيني شى جين بينغ، إن بلاده مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة للمساهمة في تقدم بعضهما البعض من أجل الرخاء المشترك.
وأضاف أن ذلك يكون استنادا إلى المبادئ الثلاثة المتمثلة في الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، موضحا أن الصين مستعدة للعمل مع الجانب الأميركي لدفع التعاون متبادل المنفعة وإدارة الخلافات بصفة مناسبة وبذل جهود مشتركة لمواجهة التحديات العالمية، مؤكدا أن البلدين يجب أن يبذلا قصارى جهدهما من أجل تحقيق الرخاء المشترك لتحقيق المنافع للبلدين والعالم أجمع.
وسيكون لقاء الأربعاء هو الثاني وجها لوجه بين الرئيسين منذ انتخاب جو بايدن، ومحادثاتهما السابعة منذ ذلك الحين. ويرى جينجهاو تشو، أن استمرار حرب إسرائيل على غزة، وعدم التزامها بمعايير القانون الدولي الإنساني، قد يساهم في زيادة قوة "شي" التفاوضية خلال اللقاء.
وتابع أن الزعيمين، قد يتوصلان إلى بعض الاتفاقات في بعض القضايا، مثل تغير المناخ، والرسوم التي تعيق التبادل التجاري، والاستحواذ على المعادن النادرة.
وأكد أن هناك بعض الخلافات، يعد توقع حلها أمرا شبه مستحيل، ومنها خلافات اقتصادية، مثل التنافس التكنولوجي، وشركة هواوي، ودعم الصادرات واليوان.
وتابع: "كما أن الخلافات بشأن أوكرانيا، وحماس، وحقوق الإنسان، والتنافس التكنولوجي، والأمن الإقليمي في بحر الصين الجنوبي، سوف تظل عالقة، لأنها ترتبط بالأمن القومي للبلدين، بينما تشكل تايوان المعضلة الأشد صعوبة على الحل".