
ولكن يبدو أن كل هذه التدابير لا تكفي في ظل تفاقم الشيخوخة، وقد تحتاج الصين إلى زيادة عمر التقاعد وتحسين التأمين، وزيادة المشاركة الاجتماعية للمتقاعدين، وليس فقط السعي إلى زيادة الولادات .
يأتي ذلك في الوقت الذي سجل معدل نمو السكان في الصين تراجعاً للمرة الأولى منذ أكثر من 60 عاماً العام الماضي.
وتراجع عدد سكان الصين إلى 1.411 مليار عام 2022، بانخفاض 850 ألف نسمة عن العام السابق له.
وفي الوقت نفسه، انخفض معدل المواليد إلى مستوى قياسي متدن بلغ 6.77 ولادة لكل 1000 شخص. وولد حوالي 9.56 مليون طفل عام 2022، مقارنة مع 10.62 مليون عام 2021.
ويشعر صانعو السياسات بقلق متزايد بشأن الأثر الذي يمكن أن تحدثه الأزمة الديموغرافية المتنامية في الصين على النمو الاقتصادي.
وكانت الصين أدخلت سياسة "الطفل الواحد" منذ عقود، في محاولة لمعالجة الاكتظاظ السكاني، وتخفيف حدة الفقر، لكنها قررت إلغاء هذه السياسة في عام 2015، وسط مخاوف من شيخوخة السكان، وتقلص القوة العاملة، التي يمكن أن تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
كما تخطط الصين لتقديم علاج الخصوبة مجاناً للمواطنين، في إطار مخطط التأمين الوطني، سعياً منها لعكس تراجع معدل المواليد.
وتشمل التغطية الجديدة تقنيات المساعدة على الإنجاب (ART) – وهو مفهوم أشمل يضم العديد من أشكال المساعدة على الإنجاب بما فيها أطفال الأنابيب والاستنساخ، وحفظ البويضات والحيوانات المنوية وغيرها - وستغطي أيضاً مسكنات المخاض لتخفيف الألم في أثناء الولادة. فيما يعد الإجراء الأكثر شيوعاً هو الإخصاب في المختبر (IVF) أو ما يعرف بـ "أطفال الأنابيب".
كما تتحرك السلطات الصينية لإلغاء القيود المفروضة على تسجيل الأطفال المولودين لأبوين غير متزوجين، إذ تعتبر وصمة عار وفقاً للثقافة الصينية.
وإلى ذلك، تراجع إجمالي عدد الزيجات الجديدة في الصين إلى أدنى مستوى له منذ بدء تسجيله خلال العام 2022، مواصلا انخفاضه على مدار العقد المنصرم، وسط ترجيحات بأن تكون قيود الإغلاق الصارمة نتيجة تفشي فيروس كورونا قد أثرت في الزواج.
وبحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الشؤون المدنية، فإن عدد الزيجات خلال 2022 انخفض بنحو 800 ألف عن العام 2021، بعد تسجيل 6.38 مليون زيجة فقط.
وفي مسعى لتشجيع الزواج ورفع معدل المواليد الآخذ في الهبوط في البلاد، قالت الصين إنها ستطلق مشروعات تجريبية في أكثر من 20 مدينة لخلق ثقافة "حقبة جديدة" للزواج وإنجاب الأطفال.
ومع الانخفاض التاريخي في معدل المواليد الجدد بالصين، فقد بات المسؤولون يوزعون ائتمانات الإسكان والمزايا التعليمية وحتى الحوافز النقدية، لتشجيع النساء على إنجاب المزيد من الأطفال.
ومع ذلك، فإن الامتيازات متاحة فقط للمتزوجين، وهو شرط أساسي لا يجذب بشكل متزايد النساء المستقلات اللائي يفضلن في بعض الحالات أن ينجبن وهن عازبات.
ويرى المسؤولون وجود صلة مباشرة بين انخفاض عدد الزيجات وتراجع عدد المواليد في البلاد، إذ إن الأعراف الاجتماعية واللوائح الحكومية، لا تسمح للشركاء غير المتزوجين بإنجاب الأطفال.
والصين ليست الدولة الوحيدة التي تواجه مشكلة انخفاض معدلات المواليد وتقلص عدد السكان، ففي السنوات الأخيرة، اتخذت اليابان وكوريا الجنوبية أيضاً العديد من التدابير للتشجيع على الإنجاب، ومكافحة انخفاض المواليد، مثل الحوافز المالية والقسائم النقدية وإعانات الإسكان والمزيد من دعم رعاية الأطفال، ولكن هذه الإجراءات لم تحقق سوى نجاح محدود.