logo
اقتصاد

قرصنة عالمية بالإيجار.. أحدث تحقيق على طاولة واشنطن

قرصنة عالمية بالإيجار.. أحدث تحقيق على طاولة واشنطن
تاريخ النشر:4 يونيو 2024, 06:02 م
ينتظر المدعون العامون الأميركيون تسلم محقق خاص إسرائيلي من لندن كجزء من تحقيق في عملية قرصنة مزعومة عالمية النطاق استهدفت معارضي شركة صناديق التحوط "إليوت مانجمنت"، وعملاق النفط "إكسون موبيل"، وفقاً لوثائق المحكمة ولمصادر على دراية بالأمر.

وقالت المصادر إن التحقيق يركز على تعامل المحقق الإسرائيلي مع شركة ضغط وعلاقات عامة بارزة في واشنطن العاصمة، وهي مجموعة "دي سي آي" (DCI)، التي تعتبر "إليوت" و"إكسون" من عملائها.

وقال بعض الأشخاص إن وجود "إليوت" في التحقيق يتعلق بجهود الشركة المستمرة منذ سنوات للضغط على الأرجنتين لسداد المليارات المستحقة عليها من الديون السيادية المتعثرة، إذ نجحت حملة "إليوت" في نهاية المطاف، وحققت أكثر من ملياري دولار، أو أكثر من 10 أضعاف استثمار "إليوت" الأصلي، عندما استقرت الأرجنتين في عام 2016، فيما تعد واحدة من أكثر الصفقات سيئة السمعة شهرة في تاريخ وول ستريت الحديث.

ويتعلق موضوع منفصل من التحقيق بجهود القرصنة التي كانت تستهدف منتقدي المناخ في شركة "إكسون"، بمن في ذلك عائلة روكفلر.

ولم يتم اتهام أي من شركات "إليوت" أو "إكسون" أو "دي سي آي" بارتكاب أي مخالفات. وقالت "إكسون" إنها لم تشارك في أي أنشطة قرصنة. وقال متحدث باسم "إليوت": "ليس لنا علم بهذا التحقيق المزعوم، ولم يتصل أي مسؤول حكومي بشأن هذا الأمر".

وقال متحدث باسم "دي سي آي" إن الشركة لا تناقش التفاصيل المتعلقة بالعملاء.

وأضاف: "لكننا نريد أن نكون واضحين بأننا نوجه جميع موظفينا ومستشارينا للامتثال للقانون".

وتسرب التحقيق إلى الرأي العام بعد اعتقال المحقق الإسرائيلي الخاص "أميت فورليت"، في 30 أبريل، في مطار هيثرو بلندن، نيابة عن السلطات الأميركية.

خلال جلسة استماع في 2 مايو في لندن تتعلق بتسليمه المحتمل، قال محامي الحكومة البريطانية الذي يمثل الولايات المتحدة إن فورليت اعتقل فيما يتعلق بتحقيق في شركة ضغط وعلاقات عامة مقرها واشنطن دفعت حوالي 20 مليون دولار لشركة يسيطر عليها المحقق الخاص. وقالت إن مهمتهم كانت جمع المعلومات المتعلقة بأزمة الديون الأرجنتينية.

ولم يحدد محامي المملكة المتحدة الشركة في واشنطن، لكن المدعين العامين في مكتب المدعي العام الأميركي في مانهاتن قاموا بالتحقيق مع مجموعة "دي سي آي" كجزء من تحقيقهم في عملية القرصنة المأجورة، حسبما قال الأشخاص المطلعون على الأمر.

في البداية، تم إطلاق سراح فورليت، البالغ من العمر 56 عاماً؛ بسبب ما وصفه مسؤولون بريطانيون بأنه أمر إجرائي يتعلق بالوقت الذي مر قبل تقديمه إلى المحكمة. ولكن بعد عدة أسابيع تم اعتقاله مرة أخرى بتهمة التآمر لارتكاب عمليات قرصنة كمبيوتر واحتيال عبر الإنترنت. وتم إطلاق سراحه بكفالة بعد تسليم جواز سفره ودفع مبلغ تأمين قدره 200 ألف جنيه إسترليني؛ أي ما يعادل 256.160 دولاراً أميركياً، ويُسمح له بالبقاء في شقة في منطقة سانت جون وود شمال غرب لندن، حيث يخضع لحظر تجول ليلي، وفقاً لسجلات المحكمة البريطانية.

ومن المقرر عقد جلسة استماع أخرى في فورليت في المملكة المتحدة في 26 يوليو، وفقاً للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في المملكة المتحدة.

وقرر فورليت، الذي نفى سابقاً تورطه في أنشطة القرصنة، التعليق.

وأخبر فورليت زملاءه أنه التقى سابقاً مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في لندن، وأن العملاء سألوه عن "دي سي آي"، وفقاً لشخصين مطلعين على المناقشة.

فورليت، الذي أخبر زملاءه أن مهمته مع "دي سي آي" تتعلق في المقام الأول بالعمل المنجز نيابة عن شركة "إليون مانجمنت"، قال أيضاً إنه يعتقد أن القضية في طريقها إلى الانتهاء، وإنه أصبح يستطيع السفر.

وقالت المصادر إن المدعين يستكشفون الادعاءات القائلة إن شركة "فورليت" قامت باختراق حسابات مسؤولين أرجنتينيين في محاولة للكشف عن معلومات ضارة يمكن أن تستخدمها "إليوت مانجمنت" وسيلةَ ضغط في المفاوضات الطويلة والمثيرة للجدل بشأن ديون البلاد.

لعبت مجموعة "دي سي آي" دوراً حاسماً في معركة إليوت ضد الأرجنتين من خلال تنظيم حملة علاقات عامة وضغط، شملت إعلانات على صفحة كاملة في الصحف، والضغط من أجل إجراء تغييرات تشريعية وتنظيمية من شأنها أن تمنع الأرجنتين من استخدام الحماية السيادية.

تسيطر "إليوت"؛ أحد أقوى صناديق التحوط في وول ستريت، على أكثر من 65 مليار دولار من الأصول في نهاية عام 2023، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كان يديره قبل عقد من الزمن.

أسست الشركة عام 1977، وهي معروفة باستحواذها على حصص في الشركات والضغط من أجل إجراء تغييرات تتراوح بين استبدال المديرين التنفيذيين وبيع الأصول. وتشتهر "إليوت" أيضاً باستعدادها لمقاضاة الشركات والحكومات للحصول على ما تريد، وبصبرها مع استمرار القضايا.

بدأ اهتمام "إليوت" بسندات الأرجنتين قبل أواخر عام 2001 عندما عجزت البلاد عن سداد أكثر من 80 مليار دولار من الديون السيادية. بنى صندوق التحوط مركزه مع فرار المستثمرين الآخرين، ما سمح له بالشراء بخصومات كبيرة.

وبعيداً عن العلاقات العامة وممارسة الضغط، كانت أساليب "إليوت" في المعركة مع الأرجنتين متنوعة، لا هوادة فيها. وفي عام 2012، تمكنت الشركة من احتجاز سفينة تابعة للبحرية الأرجنتينية في غانا؛ بحجة أنها ليست محمية بالحصانة السيادية. كما جادلت "إليوت" بنجاح بأنه يجب أن تكون لديها إمكانية الوصول إلى مدفوعات معينة يتم توجيهها عبر النظام المالي الأميركي، والتحايل على دفاعات الحصانة السيادية الأرجنتينية.

أخيراً، في عام 2016، وافقت الأرجنتين على دفع ما مجموعه 4.65 مليار دولار لشركة "إليوت مانجمنت" وغيرها من الدائنين الرافضين لتسوية المطالبات، مع حصول إليوت نفسها على ما يقرب من 2.4 مليار دولار. وكانت واحدة من أكثر الصفقات ربحاً في تاريخ صندوق التحوط الناجح بالفعل، حيث كسب أعضاء الفريق الرئيسون ملايين الدولارات على شكل مكافآت.

وقال أكسل كيسيلوف، وزير الاقتصاد الأرجنتيني السابق، الذي كثيراً ما سخر من الدائنين الرافضين ووصفهم بـ "الجشعين"، لصحيفة وول ستريت جورنال، إنه لم يكن على علم بالقرصنة المزعومة. لكن كيسيلوف، الذي قاد المفاوضات مع الدائنين عندما كان وزيراً في الفترة من 2013 إلى 2015، قال إن الأرجنتين تواجه ضغوطاً للدفع من خلال ما أسماه "الدعاية الضارة" في وسائل الإعلام.

وقال كيسيلوف، الذي يشغل حالياً منصب حاكم مقاطعة بوينس آيرس ذات النفوذ: "ليست لدي معلومات محددة عن القرصنة، ولكن كانت هناك حملة قذرة". "إنه أمر بغيض ما فعلوه خلال تلك المحاكمة للفوز على الأرجنتين".

وقال بول سينغر، مؤسس إليوت، في عام 2016، إن الحكومة الأرجنتينية فوتت العديد من الفرص للتسوية، ولكن بعد ذلك تمكنت الإدارة الجديدة بسرعة من حل النزاع، ما أرسل رسالة إيجابية حول البلاد إلى الأسواق العالمية.

وفي مشكلة أخرى، أخبر فورليت زملاءه أيضاً أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي سألوه عن مدفوعات تزيد على 1.2 مليون دولار دفعها في عام 2018 لشركة الاستخبارات الخاصة (Fusion GPS)، حسبما قال الأشخاص.

تشتهر (Fusion) بدورها في ملف كريستوفر ستيل. وساعد سينغر على تمويل ناشر محافظ استأجر شركة (Fusion GPS) لإجراء أبحاث بشأن دونالد ترامب وغيره من المرشحين الجمهوريين قبل انتخابات عام 2016.

وبعد أن أصبح ترامب مرشح الحزب الجمهوري، تولت اللجنة الوطنية الديمقراطية وحملة هيلاري كلينتون تمويل عمل (Fusion GPS) من خلال شركة محاماة. إن ملف ستيل، الذي زعم أن روسيا كانت تزرع ترامب لسنوات من خلال الإغراءات المالية والتأثير عليه في شكل أشرطة جنسية، فقد مصداقيته في الغالب من قبل تقرير مولر.

وقام المدعون العامون الأميركيون أيضاً بالتدقيق في "دي سي آي" أثناء العمل لصالح "إكسون موبيل"، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. عملت "دي سي آي" لصالح "إكسون" لسنوات، خلال حملة ضدها قادها دعاة حماية البيئة وأفراد من عائلة روكفلر. ولم تعد "إكسون" توظف الشركة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

وفي قضية جنائية ضد محقق خاص إسرائيلي منفصل، أفيرام أزاري، قال ممثلو الادعاء إنه ساعد على سرقة وثائق خاصة تم تسريبها لاحقاً إلى الصحافة، و"يبدو أنها تهدف إلى تقويض نزاهة" التحقيقات المتعلقة بشركة "إكسون".

واستشهد محامو "إكسون" وممثلو العلاقات العامة بالوثائق مراراً وتكراراً كدليل على وجود مؤامرة بين عائلة روكفلر ونشطاء البيئة لتعزيز التحقيقات ذات الدوافع السياسية مع الشركة بشأن خداعها المزعوم عن تغيّر المناخ.

ولم يحدد ممثلو الادعاء من قام بتعيين أزاري، لكنهم كشفوا في ملف أن من بين عملائه شركات إسرائيلية وأوروبية وأميركية.

واعترف أزاري بالذنب أمام محكمة اتحادية في نيويورك في أبريل 2022 بتهمة التآمر لاختراق صندوق عائلة روكفلر ومجموعات بيئية أخرى.

وقال فورليت في شهادته، في يوليو 2022، إن أزاري سبق له أن سهل أعمالاً تتضمن تحقيقات لصالحه.

وقال أزاري أمام المحكمة، في نوفمبر الماضي، بعد الحكم عليه بالسجن لمدة 80 شهراً: "أنتم لا تعرفون كل شيء".

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC