فلم يعد لشابة فلسطينية تدعى آية، أي احتمال للعثور على عمل في الدولة اليهودية التي انقطعت بعد الحرب عن اليد العمالة الفلسطينية الرخيصة وفقاً لتحقيق لصحيفة لوفيغارو.
وإلى ذلك، فقد والد هذه الشابة الذي كان مسؤولاً سابقاً في السلطة الفلسطينية، معاشه التقاعدي بسبب قلة الأموال في الخزينة العامة.
ولكن آية البالغة من العمر 30 عاماً، تمكنت من وجود عمل كموظفة في مكتب في رام الله براتب 2000 شيكل شهرياً. وقالت وهي تتنهّد: "إنه راتب ضئيل يفرض علي مزيدا من الحرمان لتغطية ميزانيتي".
ومثل آية، هناك مئات الآلاف من فلسطينيي الضفة الغربية كانوا يعملون في إسرائيل قبل الحرب، وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بعد 7 أكتوبر، بعد أن ألغت سلطات الدولة اليهودية تصاريح عملهم.
وأدى هذا القرار إلى ضرب الاقتصاد الفلسطيني، مما أدى إلى أزمة مالية واجتماعية فرضت على الأسر أن تحدّ من إنفاقها، وعلى الشركات أن تتحمل المعاناة وعلى المصانع ان تتباطأ في اعمالها فتضاعفت عمليات تسريح العمال، وتصاعد الغضب.
وقال وليد البايض، وهو من الإدارة العامة لعلاقات العمل في السلطة الفلسطينية: "بشكل عام، هناك 700 ألف عامل فلسطيني تأثروا بعواقب 7 أكتوبر"، وأضاف وليد وهو جالس خلف مكتب مهيب، تحت صورة صفراء لياسر عرفات: "لقد تسبب هذا الوضع بأزمة كبيرة في الضفة الغربية، لأن هؤلاء العمال كانوا أعظم قوة اقتصادية للضفة لأنهم كانوا يحصلون على أجور أفضل، ولديهم قوة شرائية أكبر، وينفقون أكثر، الأمر الذي يؤثر بشكل ملحوظ على الضرائب المحصلة".
وقفزت البطالة إلى أكثر من 40%. وقدرت منظمة العمل الدولية، في نهاية شهر ديسمبر أن "468 ألف وظيفة فقدت في الأرض الفلسطينية المحتلة بحلول 30 نوفمبر 2023"، بما في ذلك 276 ألفاً في الضفة الغربية.
ومن المرجح أن تستمر الأزمة: فالسلطة، التي لم تعد قادرة على دفع الرواتب الكاملة لموظفيها الحكوميين البالغ عددهم 120 ألفاً، تلجأ إلى الاستدانة بعد أن توقفت الحركة الاقتصادية، ولا شيء يدل على أن إسرائيل ستقبل عودة الفلسطينيين إلى أراضيها، وفقاً لوليد البايض الذي أضاف "إن مهمة الحكومة الإسرائيلية ليست أن تكون وكالة توظيف للفلسطينيين (…)".
ومؤخراً، أعلن وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات، وهو عضو في حزب الليكود، "يجب ألا يعود العمال" الفلسطينيون. ولا شيء يشير أيضاً إلى أن العمال أنفسهم سيعودون إلى إسرائيل بعد الحرب، خوفاً من التمييز العنصري أو العنف.
فالأمثلة على ذلك كثيرة. فبشير بدأ العمل في إسرائيل عام 1994، وأمضى وهو في السابعة والأربعين من عمره، وأب لخمسة أطفال، ثلاثة عقود في مواقع البناء في الدولة اليهودية، التي كانت توظف عشرات الآلاف من الفلسطينيين. أتاحت له سنوات العمل هذه توفير حياة مريحة لأسرته وإرسال طفلين إلى الجامعة، بفضل راتب قدره 9000 شيكل شهريا "وهو ما لم يكن يحلم به" في الضفة الغربية. فبالنسبة له أيضاً، انهار كل شيء في السابع من أكتوبر.
وقال وليد البايض: "هناك ضغوط اجتماعية قوية جداً، والجميع يعلم أن هذا خطأ من الجانب الإسرائيلي. ومن دون تصريح بقينا بلا عمل، بلا مال، بلا تعويض، بلا حل، وهو يبحث اليوم عن أعمال صغيرة براتب مائة شيكل في اليوم. واضطرت عائلته على شد أحزمتها وباعت زوجته المجوهرات لدفع تكاليف الكلية. وأضاف متنهداً: "وآخرون يبيعون أثاثهم وسياراتهم وقطعا من أراضيهم".
ويؤكد بشير أن في دير عمار، كان سبعة إلى ثمانية من كل عشرة سكان يعملون في إسرائيل، وبالتالي أصبح النشاط متوقفا هناك". وبينما يتمسك بنيامين نتنياهو بمواقفه ويفضل وصول عمال من جنسيات أخرى، يحذر الجميع من قنبلة اجتماعية كامنة. والوضع الاقتصادي الصعب سيسبب مشاكل أمنية وسياسية.