وقالت روبرتا فورتيس، الخبيرة الاقتصادية في شركة كوفاس، إن الشركات العامة الصينية حاضرة بشكل خاص في قطاع الطاقة.
ولدى شركة بوير تشانيا" الصينية على سبيل المثال، أكثر من 50 مشروعاً قيد التنفيذ، في خمسة عشر بلداً في أميركا اللاتينية.
وتحتاج المنطقة إلى تمويل كبير لبناء البنية التحتية الضرورية لتنميتها.
ولكن شهية الصين، التي تستهدف الأصول الاستراتيجية في كل مكان تقريباً، مثل الطاقة، والمناجم، والموانئ، وما إلى ذلك، تثير المزيد والمزيد من المخاوف، خاصة فيما يتصل بالسيادة الوطنية.
وفي الآونة الأخيرة، كان حجم الاستثمارات الهائلة في بيرو، هو الذي أدى إلى بلورة المخاوف، وخصوصاً مخاوف الولايات المتحدة.
وتحدث مسؤول أميركي، طالبا عدم الكشف عن هويته، لصحيفة فايننشيال تايمز، عن مخاوف واشنطن بشأن مشاركة الصين في توفير الكهرباء للعاصمة البيروفية ليما، وإنشاء ميناء ضخم جديد على ساحل المحيط الهادئ.
وفي أبريل الماضي، أعلنت شركة "إينيل" الإيطالية عن بيع عملياتها الكهربائية في بيرو، والتي تزود شمال ليما، إلى شركة "تشاينا ساوثرن باور غريد إنترناشيونال"، مقابل 2.9 مليار دولار.
وتتم مناقشة المشروع لأن بقية سوق العاصمة قد تم بيعه بالفعل لشركة صينية أخرى، وهي شركة "تري غورجس كوربوريشن" في عام 2020.
وتمتلك هذه الشركة بالفعل أكبر سد للطاقة الكهرومائية في بيرو، وبالتحديد في تشاجلا، في وسط البلاد.
وتتصدر الشركة بانتظام عناوين الصحف العالمية لمشاريعها الضخمة بقدر ما هي مثيرة للجدل.
وهي على رأس سد "الخوانق" الثلاثة في الصين، الذي حطم الرقم القياسي لإنتاج الكهرباء السنوي العالمي في عام 2020.
وتخشى الجمعية الوطنية للصناعات في بيرو، وهي جمعية تمثل القطاع، أنه إذا تم بيع شركة إينيل، فسيؤدي ذلك إلى تركيز 100% من سوق توزيع الكهرباء في ليما في أيدي جمهورية الصين الشعبية.
وبعد الفحص الأولي للطلب، رأت هيئة المنافسة في بيرو "أنديكوبي"، أن بيع "اآينل" يشكل خطراً.
وعلى الجهة التنظيمية تقديم رأيها الثاني قبل نهاية العام.
وتقول روبرتا فورتيس: "إلى جانب المخاوف الأمنية الوطنية الواضحة الناجمة عن ترك قطاع الطاقة في جزء كبير من البلاد تحت سيطرة المستثمرين الأجانب، ستكون هناك مخاطر مرتبطة بهذا الاحتكار".
وعندما تكون المنافسة قليلة، تميل الأسعار إلى الارتفاع، خاصة في الخدمات مثل الطاقة، حيث لا يختلف الطلب عليها باختلاف الأسعار.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أنه إلى جانب التكلفة الإضافية، التي يتحملها المستهلك، فإن هذا يمكن أن يولد التضخم ومن ثم يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وهو ما سيكون له بدوره تأثير سلبي على النمو في البلاد.
وهناك سبب آخر للقلق وهو بناء ميناء ضخم في المياه العميقة في تشانكاي، على بعد 70 كيلومترا شمال ليما. وتمتلك الشركة الصينية كوسكو للشحن، وهي الشركة العملاقة التي برزت في أوروبا من خلال سيطرتها على ميناء أثينا في عام 2016، حصة قدرها 60%.
وتسيطر شركة التعدين البيروفية "فولكان" على الباقي.
ويعد تحويل ميناء "تشانكاي" بتحويل المدينة الساحلية إلى "شنغهاي بيرو"، على حد تعبير سونج يانج، السفير الصيني في ليما.
ويأتي هذا المشروع ضمن مشروع التوسع الكبير لـطريق الحرير الجديدة التي تهدف إلى فتح طرق التجارة إلى الصين.
وسيرتبط ميناء "تشانكاي" بالبرازيل وتشيلي وكولومبيا والإكوادور، وسيكون قادرا على استيعاب أكبر سفن الشحن في العالم.
وفي عام 2018، استثمرت شركة الألومنيوم الصينية " "تشاينالكو" 1.3 مليار دولار في مناجم النحاس في وسط بيرو.
ومن شأن استثمار شركة "كوسكو شيبينغ" أن يسمح للصين بتأمين سلسلة توريد النحاس الخاصة بها. والسنة الماضية، استوردت بكين من هذا الميناء ، ما قيمته 14 مليار دولار.
والصين، التي أصبحت الشريك التجاري الرئيسي لبيرو قبل الأميركيين، تطمع في الحصول على موارد أخرى.
وتعد بيرو ثاني منتج للفضة في العالم، والثالثة للنحاس، كما أها غنية بالليثيوم، وهو المعدن الضروري للتحول البيئي.
علاوة على ذلك، يشعر بعض المراقبين بالقلق من أن بكين، مع تشانشاي، تكرر نمطًا شوهد بالفعل في أماكن أخرى، حيث تقوم الشركات الصينية ببناء موانئ مزدوجة الاستخدام، استخدام تجاري لنقل البضائع واستخدام عسكري لإعادة تموين السفن الحربية.