وانخفض متوسط الناتج المحلي الإجمالي لغرب أفريقيا إلى 3.8%، في عام 2022، من 4.4% في عام 2021، مما يعني أن التعافي من الانكماش الاقتصادي الذي حدث في عام 2020 قد تباطأ، وفقا لبنك التنمية الأفريقي.
وفي العام الجاري، تأتي توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة إيجابية، ومن المتوقع أن ينتعش قليلاً ليصل إلى 3.9% في عام 2023، و4.2% في عام 2024.
ويعد الاستغلال الجيد للنفايات أحد السبل غير التقليدية لإنعاش الاقتصاد، حيث تواجه معظم دول غرب أفريقيا مشكلة في إدارة النفايات البلاستيكية، وتندرج 8 دول منها بين أول 20 دولة في العالم تدير النفايات البلاستيكية بأقل فعالية، بعد أن كانت 5 دول منها فقط في القائمة في عام 2015، ما فاقم التلوث البحري وأثر سلبًا على الأنشطة في المنطقة.
ويعد خطر التلوث البلاستيكي قضية بيئية ملحة على مستوى العالم، إذ ينتهي كل عام بإلقاء بحوالي 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات. وتمثل المقاطعات الساحلية حوالي 56% من الناتج المحلي الإجمالي لغرب أفريقيا ويعيش هناك ثلث السكان، ما يجعل خطر النفايات أكثر تهديدا للسكان وصحتهم.
وفي عام 2018، أطلقت دول غرب أفريقيا، بالتعاون مع البنك الدولي، برنامج إدارة المناطق الساحلية لحماية واستعادة الأصول البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمناطق الساحلية.
ومن المفترض أن يتم ذلك من خلال معالجة التآكل الساحلي والفيضانات والتلوث. وفي العام الماضي، تلقت هذه الدول تمويلاً إضافياً بقيمة 246 مليون دولار من البنك الدولي. ليصل بذلك إجمالي تمويل البنك للمشروع إلى 492 مليون دولار.
وكشفت شبكة "ذا كونفرزيشن" قبل أيام، أنها توصلت إلى نتائج بشأن التلوث البلاستيكي يمكن أن تساعد دول غرب أفريقيا في إنفاق أموال البنك الدولي بشكل فعال.
وأوضحت الشبكة أن هذه النتائج جاءت بعد دراسة اقتصاديات التنمية، خاصة العلاقة بين استخدام الموارد الطبيعية وتنمية البلدان، والمشاركة في أبحاث حول التلوث البلاستيكي.
وأوصت بأن تقوم الدول أولاً بتحديد حجم ونوع ومصدر المواد البلاستيكية التي يتم التخلص منها في المناطق الساحلية. وفي خطوة تالية، يتعين على الدول، التركيز على الحد من استخدام المواد البلاستيكية من المصدر، فضلا عن تشجيع إعادة الاستخدام والتدوير، كما يمكن لتلك الدول الاستفادة من دراسات الحالة الناجحة على مستوى العالم، والتي يمكن تكييفها مع السياقات المحلية.
وتعد إعادة تدوير النفايات العالمية آلية مجدية اقتصاديا، إذ بلغت قيمة سوق تدوير النفايات نحو 58 مليار دولار أميركي في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو السوق بشكل كبير في السنوات القادمة مع زيادة وعي المستهلك بالتأثيرات البيئية للنفايات.
وفي نهاية عام 2023، يتوقع أن يبلغ حجم السوق حوالي 60.44 مليار دولار أميركي، وبمعدل نمو سنوي متوقع قدره 4.7% خلال الفترة المتوقعة من 2023 إلى 2032، سوف تصل قيمتها 90 مليار دولار عام 2023.
بدأ برنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب أفريقيا، دراسات لتقييم الأثر البيئي والاقتصادي للتلوث البلاستيكي في المنطقة. وتهدف هذه الدراسات أيضًا إلى استكشاف فوائد الانتقال إلى الاقتصاد الدائري، وهو نظام اقتصادي يعيد استخدام المواد أو المنتجات بطريقة مستدامة.
ويتوقع أن يخلق الاقتصاد الدائري فرصًا اقتصادية جديدة في أسواق غرب أفريقيا، لإعادة استخدام المنتجات والمواد، ما يمكن أن يخلق طلبا على الخدمات والتقنيات المتعلقة بجمعها ومعالجتها.
وأوضحت "ذا كونفرزيشن" أنه من أجل الاستخدام الأمثل لأموال صندوق البنك الدولي، يمكن للبرنامج النظر في خطط العمل التالي:
أولا: جمع البيانات عن التلوث البلاستيكي؛ من خلال دراسة إقليمية لتحديد حجم وتصنيف وأصل المواد البلاستيكية التي يتم التخلص منها في المناطق الساحلية، ويشمل ذلك استخدام تقنيات مثل الطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار والاستشعار عن بعد لرسم خرائط لمناطق التلوث الساخنة.
كما تهدف هذه الخطوة لوضع مؤشرات دقيقة ونماذج تنبؤية يمكنها قياس مدى نجاح التدخلات المستقبلية.
ثانيا: التخطيط للتحول إلى الاقتصاد الدائري، إذ يجب أن تركز الخطة على تقليل استخدام المنتجات البلاستيكية من المصدر وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير واسترداد المواد. ويمكن أن تشرف على التنفيذ لجنة مكونة من الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمجتمعات المحلية.
ثالثا: تطوير طرق استخدام النفايات البلاستيكية؛ حيث تتطلب سلاسل الفرز وإعادة التدوير وتقييم القيمة بنية تحتية، مثل مراكز الفرز الحديثة، ومن الضروري أيضًا استخدام تقنيات إعادة التدوير المتقدمة وآليات السوق للمواد المعاد تدويرها.
كما يمكن إقامة شراكات مع الشركات المحلية لإنتاج منتجات من المواد البلاستيكية المعاد تدويرها، مثل مواد البناء أو المنسوجات.
وفي إطار الدراسات القائمة التي يمكن الاستفادة منها، أجرى مركز الحوكمة الزرقاء في جامعة بورتسموث في إنجلترا، الذي يتمتع بخبرة في الاقتصاد الأزرق وإدارة النظام البيئي البحري وتغير المناخ والاقتصاد الدائري، أبحاثًا مكثفة حول التلوث البلاستيكي في مدينة بورتسموث الساحلية في المملكة المتحدة، وخارجها.
ووجدت هذه الأبحاث أنه يمكن تحقيق الإدارة المستدامة للبلاستيك بطرق مختلفة تمت تجربتها فعليا، ومن بينها شراكات شاملة بالتعاون مع الشركات والناشطين والمواطنين.
هذا بالإضافة إلى إقامة حملات التوعية من خلال الفن؛ لتوعية المجتمع بالآثار الضارة للتلوث البلاستيكي؛ ويحدث ذلك بالفعل من خلال مشروع ماسيبامبيساني في جنوب أفريقيا، حيث يستغل فن الشوارع والمسرح والأغاني لخلق الوعي حول التلوث البلاستيكي.
وحقق مشروع ماسيبامبيساني نتائج مهمة في كوا مهلانجا، في مقاطعة مبومالانجا في جنوب أفريقيا، إذ أثبت أن رفع مستوى الوعي من خلال الفن يمكن أن يلهم الناس لتغيير سلوكهم.
وعلى سبيل المثال، قام مشروع "إنديجو" بتطوير معدات صيد قابلة للتحلل الحيوي، تقلل من التأثير البيئي لصيد الأسماك في المحيطات في المملكة المتحدة وفرنسا.
واستناداً إلى هذا المشروع، يستطيع برنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب أفريقيا تطوير بديل مستدام للمعدات المستخدمة في صيد الأسماك على نطاق صغير في المنطقة.
وفي تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، قال الباحث الاقتصادي السنغالي، أمادو ندياي إنه "توجد مشكلة قائمة وكبيرة في أنظمة إدارة النفايات (التخلص منها، وجمعها، وفرزها، وإعادة تدويرها) في جميع بلدان غرب أفريقيا".
وأضاف: "فعليا، يتم التخلص من 40% فقط منها في غرب أفريقيا بطريقة سليمة، ويتم إعادة تدوير 2% فقط". وأوضح ندياي أن "معظم النفايات تنتهي في مدافن النفايات أو يتم إلقاؤها في المحيط، ما يسبب مشاكل صحية وبيئية خطيرة".
ولفت إلى أنه "على مدار الأعوام السابقة، كانت تكلفة تنفيذ حل لهذه المشكلة هي العائق الأول، إذ ساهم غياب الأموال في غرب أفريقيا في تراكم هذا الكم الهائل من النفايات؛ مما يجعل هذه البلدان بحاجة للتعامل مع النفايات كوسيلة لتوليد دخل حقيقي، بدلاً من مجرد نبشها".
واختتم ندياي: "اليوم مع بعض التكنولوجيا، يمكن لغرب أفريقيا أن تدر مليارات الدولارات سنويا من خلال إعادة تدوير النفايات، وبالتالي تخلق اقتصادًا جديدًا وتوفر فرص العمل التي يحتاجها المواطنون".