البيانات الاقتصادية تضغط على الأسواق المالية
توحد عدد من صناع السياسات في مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) اليوم الخميس على دعم خفض أسعار الفائدة اعتبارا من الشهر المقبل، وذلك بعد أن انخفض التضخم كثيرا عن مستوياته المرتفعة وتباطؤ سوق العمل الأميركية، غير أن أحدهم أشار إلى أنه ليس في عجلة من أمره لتيسير السياسة النقدية.
وقال رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في فيلادلفيا باتريك هاركر خلال مقابلة مع رويترز "بالنسبة لي، أعتقد أننا بحاجة إلى بدء هذه العملية (خفض الفائدة) إذا لم تكن هناك أي مفاجأة في البيانات التي سنراها من الآن وحتى ذلك الحين".
وأضاف "أعتقد أن الطريق الصحيح هو تبني نهج بطيء ومتناسق لخفض أسعار الفائدة".
وتبنت رئيسة بنك الاحتياطي الاتحادي في بوسطن سوزان كولنز نبرة مماثلة، مشيرة إلى دعمها المحتمل لخفض أسعار الفائدة في اجتماع السياسة للبنك المركزي الأميركي الشهر المقبل.
وقالت كولنز في مقابلة مع "فوكس بيزنس": "أعتقد أنه من المناسب البدء قريبا في تيسير السياسة النقدية". وأضافت أن التضخم تراجع "كثيرا" وأن سوق العمل في حالة جيدة.
لكن رأيهما يختلف بعض الشيء مع رأي رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في كانساس جيف شميت، إذ إنه من أكثر صناع السياسات في البنك المركزي الأميركي ميلا للتشديد النقدي.
وقال شميد في مقابلة مع "سي.إن.بي.سي": "هناك بعض حزم البيانات التي ستصدر قبل سبتمبر"، في إشارة إلى اجتماع السياسة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في 17 و18 سبتمبر. وأضاف أن "هناك مجال للتفكير في الاتجاه الذي سنسلكه بدءا من هنا. أعتقد بصراحة أن لدينا الوقت".
غير أنه قال أيضاً إن "هناك حاجة إلى النظر بجدية أكبر" في ارتفاع معدل البطالة في الآونة الأخيرة، إذ بلغ 4.3% في يوليو.
وقال:"سأترك البيانات تظهر إلى أين نتجه... اتفق مع عدد من زملائي على أنكم قد تريدون التحرك ربما قبل أن يصل (التضخم) إلى 2%.. لكن أعتقد أن من المهم حقا جعل الاثنين بالمئة مستوى مستداماً".
ويُتوقع على نطاق واسع أن يبدأ البنك المركزي الأميركي في خفض سعر الفائدة القياسي في اجتماعه القادم، في ظل ما يشعر به معظم مسؤولي المجلس من تفاؤل على خلفية بيانات التضخم الإيجابية وتنامي القلق بشأن قوة سوق العمل.
يستهدف المجلس تضخماً سنوياً عند 2% قياسا بمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، واعتمادا على هذا المقياس، بلغ التضخم 2.5% في يوليو.
وعلى صعيد متصل، تراجعت مؤشرات معظم أسواق الأسهم العالمية بعد بيانات اقتصادية اعتبرت متباينة للديناميكيات الاقتصادية في منطقة اليورو والولايات المتحدة. ويترقب المستثمرون بحذر تصريحات محافظي البنوك المركزية في جاكسون هون.
وتراجع مؤشر "ناسداك" بنسبة 0.4% بحلول منتصف الجلسة، وفقد مؤشر "داو جونز" 0.34% فيما فقد "إس آند بي" 0.3%.
انخفض النشاط الصناعي في الولايات المتحدة خلال شهر أغسطس، بأقل من توقعات الأسواق. وانخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز" العالمي لمديري المشتريات في الولايات المتحدة من 49.6 في يوليو الماضي إلى 48 نقطة في أغسطس، فيما كانت تشير الأسواق إلى تسجيله 49.5 نقطة.
ارتفعت مبيعات المنازل المملوكة سابقاً في الولايات المتحدة بنسبة 1.3% خلال شهر يوليو مقارنة بشهر يونيو الماضي، لتصل إلى 3.95 مليون وحدة على أساس سنوي معدل موسمياً، وفقاً للرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين.
ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانة بطالة، وفق بيانات صدرت اليوم عن وزارة العمل الأميركية، ما يشير إلى تراجع قوة سوق العمل.
وقالت وزارة العمل الأميركية إن الطلبات المقدمة للمرة الأولى للحصول على إعانات البطالة الحكومية ارتفعت إلى 232 ألف طلب خلال الأسبوع المنتهي في 16 أغسطس الجاري، مقارنة مع 228 ألف طلب الأسبوع الأسبق.
في أوروبا، وجدت المؤشرات دعماً طفيفاً إثر نشر علامات نشطة لمؤشر مديري المشتريات في منطقة يورو. وأغلق "كاك 40" في بورصة باريس دون تغير، فيما كسب "داكس" 0.25% في بورصة فرانكفورت، أما "فوتسي" في لندن فارتفع 0.06%.
وأظهرت أرقام مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو لشهر أغسطس زيادة مفاجئة، ربما بسبب الحماس لدورة الألعاب الأولمبية في باريس، لكن هذه الديناميكية الفرنسية قد لا تدوم، كما علق كريستوف باوتشر، مدير الاستثمار في شركة "أمرو إنفيستمنت سولوشن".
يهيمن الحذر على الأسواق التي تنتظر بشكل رئيسي معرفة المزيد عن مسار السياسة النقدية للاحتياطي "الفيدرالي" الأميركي، في حين يفتتح حشد كبير من محافظي البنوك المركزية اليوم الخميس مؤتمر "جاكسون هول" في الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن يتحدث جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، ويمكن أن يعطي مؤشرات حول نوايا المؤسسة المصرفية قبل اجتماعها في سبتمبر.
وتتوقع الغالبية العظمى من المحللين خفضاً أولياً لأسعار الفائدة بنسبة 0.25 نقطة مئوية في سبتمبر، ثم تخفيضات مطردة في الاجتماعين التاليين قبل نهاية العام. وعلّق محللو "دويتشه بنك" بقولهم: "إن نشر محضر اجتماع يوليو الماضي للجنة السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي ساهم في تعزيز توقعات السوق بتخفيض أسعار الفائدة بسرعة إلى حد ما خلال الأشهر المقبلة".
ارتفعت أسعار النفط اليوم مع آمال التوصل إلى هدنة تتضاءل في غزة، مما يعزز المخاطر الجيوسياسية. وكسب سعر برميل خام برنت من بحر الشمال 2% فيما صعد نظيره الأميركي، برميل غرب تكساس الوسيط بأكثر من 2%.
وتراجعت أسعار الذهب العالمية بأكثر من 1%، بالتزامن مع صعود مؤشر الدولار الأميركي.